وقع اختيار منظمي الدورة الأولى لملتقى طانطان الوطني للشباب السينمائي ، التي ستنطلق يوم 19 غشت الجاري ، على المبدع المتميز داوود أولاد السيد لتكريمه والاحتفاء بتجربته السينمائية ، إلى جانب وجوه سينمائية أخرى ، وعرض نماذج من أفلامه الروائية الطويلة ( "طرفاية" و "الجامع" ) وإصدار كتاب حول سينماه بمشاركة ثلة من النقاد والباحثين السينمائيين المغاربة . ومعلوم أن هذا الفنان الفوتوغرافي المعروف بلكنته المراكشية الجميلة وبروحه المرحة الخفيفة مخرج سينمائي وتلفزيوني من مواليد مراكش يوم 14 أبريل 1953 . بعد حصوله على شهادة الدكتوراه في الفيزياء من كلية العلوم بنانسي (فرنسا) سنة 1981 ، مارس التدريس الجامعي بكلية العلوم التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط الى حدود 2005 . أنجز سنة 1989 فيلمي التخرج " كاريكاتور " و " باريس 13 يوليوز 1989 " بكاميرا الفيديو كتتويج لمروره بمحترف سينمائي تابع لمؤسسة " فيميس " الباريسية (معهد الدراسات السينمائية العليا سابقا ) ، وبعد ذلك أخرج ثلاثة أفلام سينمائية قصيرة هي على التوالي : " الذاكرة البنية " (1991) و " بين الغياب والنسيان " (1993) و " الواد " (1995) ، كما شارك كمساعد أول في اخراج فيلم ألماني عن قصة لبول بولز من توقيع فرايدر شلايخ سنة 1996 . يعتبر " باي باي السويرتي " (1998) باكورة أفلامه السينمائية الروائية الطويلة ، وقد أردفه تباعا بأفلامه الأربعة التالية : " عود الريح " (2001) و " باب لبحر " أو " طرفاية " (2004) و " في انتظار بازوليني " (2007) و " الجامع " (2010) ، ويحضر حاليا لتصوير فيلمه الجديد بعنوان " السماوي " . بالاضافة الى أعماله السينمائية التي أحرزت على العديد من الجوائز داخل الوطن وخارجه ، أخرج داوود أولاد السيد للتلفزيون المغربي (القناتين الأولى والثانية) مجموعة من الأفلام الروائية الطويلة نذكر منها " نهاية أسبوع في العرائش " و " طريق مراكش " و " المكروم " و " الصباط " ، وأصدر كتبا تتضمن عينة من صوره الفوتوغرافية من بينها " مغاربة " (1989) و " أبي الجعد فضاء ذاكرة " (1996) ... كما نظم معارض فوتوغرافية وشارك في أخرى داخل وخارج المغرب . نشرت العديد من المقالات والدراسات حول أفلامه وصدرت لحد الآن ثلاثة كتب حول جوانب من تجربته السينمائية هي : " سينما داوود أولاد السيد : المرتكزات والخصوصية " (2007) ، وهو تأليف جماعي أصدره المهرجان السينمائي الجامعي بالرشيدية ، و " مجازات الصورة : قراءة في التجربة السينمائية لداوود أولاد السيد " (2011) من تأليف محمد اشويكة و " سيناريو فيلم الجامع " ، أصدره مهرجان مارتيل السينمائي سنة 2013 ضمن سلسلة " سيناريوهات من المغرب " ... وتجدر الاشارة الى أن المتتبع لأفلام داوود أولاد السيد السينمائية يقف على أسلوب في الكتابة السينمائية له خصوصيته الواضحة ، ولعل هذه الخصوصية هي التي جعلت هذه الأفلام تحظى بقبول ملحوظ في أوساط النقاد السينمائيين وفي المهرجانات الوطنية والأروبية وغيرها وتحصل على العديد من الجوائز المعتبرة . فعلى مستوى الشكل يحضر البعد الفوتوغرافي بقوة ، كما يحضر الايقاع البطيء عبر اللقطات الثابتة الطويلة ، وتحضر الفضاءات والنهايات المفتوحة وكذا العناوين المعبرة (باي باي السويرتي – عود الريح – باب لبحر – في انتظار بازوليني ... ) . وعلى مستوى المضامين يحضر الهامش بكل تجلياته (أمكنة – شخوص ... ) ، كما يحضر القلق الوجودي والتيه والحنين الى الماضي والحلم بواقع أفضل .