هناك بحانة «قدم الخنزير».. كانت فراشة تحوم بين السكارى، تلبس الربيع ألوانها زاهية، لكنها متنافرة. وكان عجوز يقبل كأس الجعة بين الفينة والأخرى، كما يقبل غادة في عمر الزهور. اقتربت منه بحذر، وطلبت جعتان، رحيق، رحيق… طارت الفراشة من شدة الفرح لَمﱠا وافق العجوز على طلبها بجرة أصبع.. حضرت الجعتان، أخذت الأولى فوضعت فمها في فمها، اتخذ الرحيق مساره عموديا، تشرب ولا تنظر إلى العجوز الذي أصبح يشرب خمرا أسودا. تساءلت: – هل قليل من الخمر يفرح قلب الإنسان!؟ أخذت الجعة الثانية ووضعت فمها في فمها، فطفقت تشرب بتؤدة، وتلذذ، وترمق العجوز بنصف عينها وتبتسم..!! غضب العجوز حتى ندم على تلبية طلبها، وهو يكشر عن أنيابه، لكنه كظم غيظه..! الفراشة، شربت، سكرت، طارت، وقفت أمام شاب جميل المحيى، أنيق، وسيم، لون قميصه ترابي، ربطة عنق غليظة كبيرة ك«كوبرا» فوق صدره، تفوح منه رائحة البورجوازية… طلبت منه جعتان، رحيق، رحيق، رحيق.. بجرة قلم سجل النادل طلبها في مذكرته، وقدم لها ما طلبت.. جعتان، باردتان، أخذت الأولى فوضعت فمها في فمها.. انساب الرحيق عبر حنجرتها مستقيما، ذهبيا، لذيذا. أخذت الجعة الثانية ووضعت فمها في فمها، تشرب وتشرأب، ولم تسكر، ولم تطر، طار الشاب الوسيم من شدة الفرح، لَمﱠا رأى سرب فراشات، تدخلن عبر النافذة، وقدمت له إحداهن قنينة كبيرة الحجم من الويسكي، فرح فرحا شديدا، طلب لها جعتان أخرويتان. غضبت الفراشة لأنها لم تطلب منه شيئا، اعتذرت عن شرب الجعتين، ورجته طالبة منه أن يفتح القنينة الكبيرة الحجم، التي هي أمامه وكفى…