رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مجلس الأمن.. بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    زاكورة تحتضن الدورة الثامنة لملتقى درعة للمسرح    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك        بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    "التقدم والاشتراكية": الحكومة تسعى لترسيخ التطبيع مع تضارب المصالح والفضاء الانتخابي خاضع لسلطة المال    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع الروائي المغربي مصطفى الغتيري حول تجربته الروائية
نشر في طنجة الأدبية يوم 23 - 02 - 2013

مصطفى الغتيري روائي ينسج احداث نصوصه و يصنع التداخل بين شخوصها وبين تدرج الزمن المبهم حينا و العاري حينا لإستكناه المِخيال الشعبي مقرونا بخيال الراوي (الروائي) المجنح بلغة متينة سلسة مخاتلة.. بعض "مشاهد" رواياته إرتجاجية مرتجفة كأطياف الغرابة او ازيز الاسطورة بعضها نبش في الذاكرة حيث يتآنس الحزن و الفرح مبللا شفاه السرد بحمى الكتابة التي تكحل عيون القراءة..مع هذا المبدع كان الحوار التالي ، لنتابع:

= قبل البدء :مصطفى الغتيري ،هل هناك فاصلة زمنية دفعته لاختيار الهمّ الروائي طريقا للكتابة و متى كانت القدحة الاولى لشرارة السرد و هل كانت هناك عثرات/احباط/ عناصر اولى دفعته نحو الرواية بالذات ؟
-منذ أن اتخذت قراري بالكتابة و شرعت في ذلك اعتبرت أن كل الأجناس الأدبية مباحة ، و لن أمنع نفسي من الكتابة في أي جنس منها ،لكن لا بد أن يحدث ذلك في الوقت المناسب ، و هكذا ما إن شعرت بأنني قادر على اقتراف جريرة الكتابة الروائية حتى قمت بذلك بدون تردد ، و يمكن أن ينسحب هذا القول على باقي الاجناس الأدبية التي كتبت فيها قصة قصيرة و قصة قصيرة جدا و مسرحية من فصل واحد و شعرا
لذا فالأمر مرتبط بضرورة ما أو حاجة، و ليس بأي إحباط من أي نوع.
= مصطفى الغتيري بدأ رحلته السردية برجال و كلاب التي لعب فيها دور المحلل النفسي ، هل اراد لملمة العالم وكل ما فيه من فوضى في رواية سيكولوجية ؟ الى أيّ مدى استطاع النفاذ الى اعماق الشخصية المحورية ؟/هل حاول السخرية من عبثية الحياة بنظرة كافكاوية ؟ لماذا ركز على الحلم ؟
-" رجال و كلاب" هي رواية الأولى نشرا و ليس كتابة ، و مع ذلك يمكن ان نتحدث عنها كأول رواية خاصة و أنه يمكن اعتبارها" رواية الشخصية" ، بما يعني أن للشخصية حضور طاغ فيها و هذا غالبا ما يميز روايات البدايات ، غير ان لها ميزة خاصة ، فالكثير ممن قرؤوها اعتبروها قريبة من السيرة الذاتية ، و انا أعتبرها سيرة الإنسان المغربي ، و وظفت فيها تقنية التحليل النفسي للكشف عن الأسباب العميقة التي تؤدي بالإنسان المغربي تحديدا إلى الإصابة بالأمراض النفسية و ركزت في الرواية على مرض الوسواس القهري ، فبحثت صحبة القارئ عن الأسباب الوراثية و النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية ، و قد نجحت لعبة التداعيات في الرواية في الكشف عن كثير من الأمور المهمة في حياة الشخصية علال.
=هل "السيرة الذاتية" أصل لكل الاجناس الادبية ، أو هي "نوع" يندرج ضمن باقي الاجناس ، و هل توافق غولدمان الذي يعدها بمثابة الشتلة التي تفرعت منها الرواية في الغرب ؟
السيرة الذاتية جنس أدبي له خصائصه المائزة ، التي تجعله- بالقوة و بالفعل- يتميز عن باقي الأجناس الأدبية، و لعل أهم هذه الخصائص النهل من الحياة الشخصية كمرجعية واقعية و مباشرة للكتابة، ومع ذلك تبقى لهذا الجنس الأدبي تقاطعات و نقط التقاء مع أجناس أدبية أخرى أهمها الرواية باعتبار انتمائهما معا إلى شجرة السرد الكبرى، كما أننا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن جل الأجناس الادبية تغترف - في الغالب الأعم-من المعيش اليومي للكاتب مع إضافة جرعة قوية من الخيال ، يمكن انطلاقا من ذلك الاتفاق مع ما ذهب إليه غولدمان.
= عائشة القديسة تناول فيها مصطفى الغتيري الموروث الشعبي لاعبا على جدليات : الاسطورة و الواقع ، الواقع و اللاواقع ، و جدلية زمن الرواية الظاهر و زمن التخيل و التدوين.هل يعتبر الراوي أنّ الزمن غير خاضع للقياس روائيا و يمكنه التناسخ ؟ هل خبَرتُم سرّ رمز مقاوِمة الاحتلال التي اصبحت شرا متربصا ؟ لماذا الاشتغال على تيمة "تراثية" ؟
-لطالما أثارني التنوع الثقافي في المغرب و خاصة في بعده الأسطوري و الخرافي ، ففي المغرب تتعايش المتناقضات بشكل غريب جدا ،لذا عكفت في هذه الرواية على أسطورة عائشة القديسة التي تعشش في أذهان الناس خاصة في المناطق الشاطئية ، و يتعلق الأمر بأسطورة "عايشة قنديشة" ، فوظفتها ، بما يخدم جانبين مهمين الأول جمالي فني و الثاني ثقافي تنويري .كما أن لعبة التخييل قامت بدورها المحوري في الرواية من خلال التركيز على عالم غرائبي عالم الجن و العفاريت ، و قد أشار الرواي كذلك إلى البعد الواقعي للأسطورة و كيف تشكلت في أذهان الناس ، رابطا إياه بمدينة الجديدة و مرحلة الاستعمار البرتغالي لها.
= في العمل الروائي الثالث "رقصة العنكبوت" تواجهنا تيمة البطالة . هل نعتبرها تشريحا اجتماعيا ؟ أم هي موقف من ظاهرة/ مأساة تنخر جسم المجتمع أم هي إدانة بالسرد ؟
كنت دائما و لا أزال مشغولا بالتنويع في الكتابة ، و لهذا أحاول قدر المستطاع عدم تكرار التيمات التي أتناولها في رواياتي و كذلك طرائق الكتابة .. و هكذا تناولت في رواية "رقصة العنكبوت " تيمة البطالة ،فالشخصية الرئيسية يوسف شاب تخرج من مدرسة الفنون الجميلة و هو يتقن الرسم و يحبه لكنه لم يستطع الحصول على شغل يسترزق منه ،فسقط في يد برجوازي متعفن يستغل الفن كأداة لتحقيق مآرب بعيدة عن الفن و الجمال ، و قد لا مست الرواية مشكلا حقيقيا يكتوي به الكثير من الشباب المغاربة.
= ليلة افريقية " او كيف تجتمع العنصرية بالحب . رحابة السرد تصنع النص مكمن العواطف المتنوعة حد التناقض المتآلفة حدّ الانصهار نموذج للتعايش في عالم قوامه الصراع و التنافر. في هذه الرواية هل يبحث الروائي عن امتداده الجغرافي ؟
-الرواية هي محاولة بسيطة للفت الانتباه إلى المكون الإفريقي للهوية المغربية ، و ما يترتب عن ذلك من مصالحة مع الذات ، و قبول الإفريقي الأسود كجزء من الذات و ليس غريبا عنها ، و قد وضع ذلك في قالب فني روائي يتميز بالتنوع من خلال ثيمات مكملة مثل الحب و الطبيعة و الفن و الكتابة و غير ذلك مما حاولت الرواية إثارته ، محاولة توظيف تقنية رواية داخل رواية و استعمال تقنية الميتارواية ، أو السرد الشارح بما يعني أن الرواية تفكر في ذاتها و هي تنكتب أمام القارئ.
= على "ضفاف البحيرة" نلتقي الاسرة/الموت/الانسان. هل هي محاولة لعرض صورة مكون عائلي درامي على درب "فوكنر" ؟
-تطرح رواية "على ضفاف البحيرة الكثير من القضايا أهمها العلاقة الأسرية و الطبيعة و التاريخ ، فالأسرة البيضاوية التي قامت برحلة إلى جبال الأطلس في المنطقة المحادية لمدينة خنيفرة ، تعرضت لحادث مأساوي ، هو -في أحد مستويات التأويل - معادل موضوعي لما تتعرض له المنطقة من تهميش و ضياع رغم جمال طبيعتها و ماضيها النضالي المشرق في محاربة الاستعمار الفرنسي.
=الفضاء في التجربة الروائية هل هو مجرد اطار يلف الاحداث و يحتضن الشخصيات ؟ هل يمكن للفضاء ان يكون منعزلا عن باقي عناصر السرد أم يدخل في علاقة متعددة مع باقي المكونات السردية الاخرى كالشخصيات و الاحداث و الرؤى السردية ؟ هل الفضاء غير مقصود لذاته و هل هو جزء مساهم في تشكل عملية التخييل الروائي ؟
-الفضاء هو مكون أساسي من مكونات العمل الروائي ، و هو ليس مجرد إطار يحتضن الشخصيات و الأحداث ، بل هو أعمق من ذلك بكثير إنه يعبر عن جزء من رؤيا الكاتب و تصوره لنفسه و لعمله و للعالم من حوله ، فاختيار الفضاء الذي تضطرب فيه الشخصيات ليس بريئا تماما ، و كم من الأفضية التي أضحت أكثر اهمية من باقي المكونات الروائية ، و قد تتفوق على الشخصية أحيانا ، و غالبا ما تترسخ في الذهن أكثر من شخوص الرواية و أحداثها ، و بالطبع فالفضاء لا يحيل على مكان واقعي بحرفيته بل هو كما تصوره الكاتب و يقدمه في الرواية بالطريقة التي تخدم أهدافه الجمالية و .الإيديولوجية.
= هل تحدثنا عن فضاءات تجربتك؟
-تخلف فضاءاتي من عمل روائي إلى آخر و ذلك حسب طبيعة الموضوع الذي أتناوله في الرواية ، و يمكن الحديث عن ثنائية تحكم هذه الفضاءات ، مثلا هناك فضاء واقعي و فضاء أسطوري خرافي ، هناك فضاءات البادية و فضاءات المدينة ، ،المهم ان الفضاءات متنوعة وتستجيب لطبيعة العمل الروائي.كما أن مدنا بعينها حضرت بقوة في كتاباتي الرواية مثل الدار البيضاء و فاس و الجديدة.
= في "ابن السماء" نلمس القلق الوجودي/الخير و الشر/ الخرافة و الحقيقة ، هل العالم مستعص عن التشخيص ،آيل للفناء و التلاشي ؟ هل البطل باطل و السارد حق ؟ هل السخرية افضل لفضح التناقضات و انفصام الانسان العربي ؟
-اعتمدت رواية "ابن السماء" على شخصية فنطاستيكية لتصريف بعض القضايا ، فالبطل قادم من السماء ، لأسباب جاء ذكرها في الرواية ، و قد تورط في حياة الناس و حدثت له أمور معقدة ، جعلته عرضة لمواقف صعبة ، و قد حاولت الرواية فهم بعض الأمور المتعلقة بالخرافة في علاقتها بحياة الناس و تطورها و بأحداث تاريخية أعم مرتبطة بفترة الاستعمار في المغرب.، و قد اعتمدت فيها على السخرية لكشف عورات المجتمع ، لأنني أعتبرها اقوى و أكثر استفزازا من غيرها ، فالعالم لا يستحق دموعنا و أحزاننا و إنما يستحق أن نخرج له ألسنتنا و نسخر منه و من أنفسنا إن تطلب الأمر ذلك.
=لماذا تمّ اقصاء الرواية من طرف وزارة الثقافة من برنامجها الرسمي المُدْرج في الدورة18 للمعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء ؟
-لم يتم إقصاء الرواية ، فقد كانت متداولة في معرض الكتاب ، بل تم توقيعها في رواق دار النايا خارج الأنشطة الرسمية للمعرض ، و بيع منها اكثر من مائتي نسخة ، لكن تم بالمقابل إقصائي أنا من المشاركة في البرنامج الرسمي لوزارة الثقافة، رغم انه كان لي في تلك السنة عملان جديدان ، لم اهتم بالأمر بداية ، لكن وصلتني بعد يومين من افتتاح المعرض أخبار بأن سبب الإقصاء هو الخوف من إثارة الإسلاميين بسبب عنوان الرواية الذي تناولته بعض وسائل الإعلامية العربية،بكثير من التحليل باعتباره يتناقض مع المرجعية الإسلامية و قد يكون مستفزا...
= نصل الان الى "اسلاك شائكة" و موضوعها اغلاق الحدود بين الجارين. كيف تمّ التفكير في تحويل الرواية الى السينما ؟
-رواية "أسلاك شائكة" كتبت للسينما تحديدا ، فقد طلب مني المخرج أن أكتب رواية عن الحدود المغربية الجزائرية ، فكتبت تلك الرواية ، فنالت إعجابه و اشتغل عليها مخرجان سينمائيان لتحويلها إلى سيناريو لفيلم قد يرى النور قريبا ، و الحقيقة أن الموضوع وجد هوى في نفسي فتعاملت معه بكثير من العشق ، و استطعت أن أحقنه بدفقة إنسانية شهد بها الكثير من النقاد و القراء على حد سواء ..
= هل الكتابة السردية تجاوز للحكائية المعتادة ؟
-الكتابة السردية ليست مجرد حكاية يتم حكايتها بمعنى أنها ليست مجرد وسيلة لأمر خارجي عنها ، الكتابة السردية هدف في ذاتها و لذا وجب الاشتغال عليها من الداخل و الإبداع فيها ، هذا بالطبع لا يعني انها ليست حاملة لقضايا و قيم ، كما أن الحكاية مكون أساسي بالنسبة لي في العمل السردي الروائي ، لأنني أعتبرها الجائزة التي يظفر بها القارئ بعد الانتهاء من قراءة الرواية.
= ما رأي الروائي مصطفى الغتيري في "لغة السرد" بين دعاة العامية /الدارجة كلغة للحوار في الرواية ؟ هل تسهم الدارجة في مزيد من الواقعية ام يجب الالتزام بالفصحى؟ هل يقبل تطعيم النص ؟
-أنا لا أتعصب للغة تعبير معينة ، فقط أركز على أن اللغة أو اللغات المستعملة يجب أن يتطلبها السياق ، فمن العيب أن يتحدث شخص أمي في رواية بلغة عربية فصيحة و كأنه يعيش في الجزيرة العربية قبل الإسلام ، أو يتحدث بلغة مثقف ، يقضي جل أوقاته مع الكتب ، فالصدق الفني يتطلب أن تتحدث كل شخصية بلغتها المناسبة لتكوينها الثقافي ، و أميل في العموم إلى لغة وسطى ، خاصة في الحوار ، لغة غير متعالمة و لا ، تعاني من الإسفاف كذلك.
=هل الرواية كتابة بالفطرة أم صنعة ثقافية ام فن التحايل على الارادة الواعية ؟
-إذا قصدت بالفطرة الموهبة ، فيمكن القول إن أغلب الكتاب يتفقون على أن الموهبة ضرورية في الكتابة الإبداعية ، ولكنها غير كافية فلا بد من الصنعة ، فالكتابة حرفة يتم تعلمها بالصبر و المجاهدة و الكفاح المتواصل.وانطلاقا مما تقدم أن الكتابة الرواية عملية معقدة تتداخل فيها عدة عوامل ، ذاتية و موضوعية ، أن للاوعي مكانة متميزة في هذه الكتابة ، لأن الكاتب غالبا ما لا يتحكم في مكتوبه بصرامة ، بل يسمع لتداعياته في كثير من الأحيان لتأثيث لرواية .
=هل هناك تصور واع، للروائيين المغاربة، للعلاقة بين الادب و الواقع ، هل تمكنوا من تجاوز الواقع الى تشخيصه جيدا و من ثمة الى اقامة عالم روائي مواز للعالم الواقعي لا يعكس بل يوازي او يتقاطع ؟
-العلاقة بين الأدب و الاديب علاقة جدلية و خاضعة للعبة التأثير و التأثر لكن يجب في رأيي أن نتخلص من المقولات القديمة التي حكمت علاقة الأدب بالواقع من قبيل المحاكاة و الانعكاس و ما إلى ذلك ، لنقف عند الحدود الفاصلة بين الاثنين و أن أفضل ما يمكن للأدب فعله هو إنتاج واقع مواز يضاف إلى الواقع المتعارف عليه و هو بذلك يعد إغناء و إثراء للحياة و الواقع معا
= عن اطوار الكتابة الروائية لديك ما يمكنك البوح به ؟
-طبعا تختلف أطوار الكتابة الروائية من نص إلى آخر ، فلكل نص بصمته الخاصة ، و شخصيته المختلفة عن باقي النصوص ، هناك روايات كتبتها بعد وضع مخطط لها على الورق ، هناك أخرى كتبتها في دماغي كاملة قبل كتابتها على الورق ، و هناك روايات شرعت في كتابتها و ليس لدي أدنى فكرة عما سأكتب، لكنها أخذت تدريجيا طريقها إلى التشكل حتى استقامت أخيرا في شكل روائي مناسب ه.
=ما هي طقوس ما قبل النص لديك ؟
لا طقوس محددة ، فقط احتاج لكثير من الهدوء و لمزاج رائق ، و غالبا ما أكتب في فصل الربيع ، و أفضل الكتابة في المقهى.خاصة إذا المقهى هادئا و لا يتوفر على تلفاز.
=بالنسبة اليك ما هي اشكاليات الكتابة الروائية العربية ؟
-الرواية العربية مثل الرواية العالمية هي ابنة شرعية للمجتمع الذي تنكتب فيه ، لذا تلامس الرواية العربية أهم القضايا التي يمور بها المجتمع ، و بما أننا في الدول العربية لازلنا نعاني من إشكال السلطة و ما يترتب عليه من حرية و عدالة اجتماعية، فإن أهم النصوص الروائية نجدها منشغلة بذلك ، بالإضافة إلى المسألة الدينية التي تبدو محورية في العقل العربي ، و كذلك موضوع الجنس الذي يعد أحد الطابوهات في مجتمعاتنا العربية .
=سيرورة الرواية العربية هل يمكن القول انها تعرف...........الاختلاف-التجاوز-الاضافة ؟
-في حقيقة الأمر الرواية العربية تحقق في السنوات الأخيرة قفزة عملاقة ، وقد استطاعت بفضل ذلك الالتحاق بركب الرواية العالمية ، و لعل الجوائز التي أحدثت مؤخرا كالبوكر العربية ، ساهمت بقدر كبير في هذا الازدهار ، الرواية العربية تتجاوز ذاتها و تحقق الكثير للأدب العربي.
=هل تؤمن بالنص البديل الذي يتفرد و لا يتكرر ؟
-هناك في تاريخ الرواية نصوص فارقة و مميزة ، بصمت تاريخ الرواية ببصمتها الخاصة ، فلا أحد يجادل في أهمية رواية الدون كيشوط دي لا مانشا لسرفانتيس أو مادام بوفاري لإميل زولا ،أو المسخ لكافكا أو مائة عام من العزلة لماركيز أو أولاد حارتنا لنجيب محفوظ أو عزازيل ليوسف زيدان.
=القراءة نسغ يمد بالنور و التجدد...لمن تقرأ و مَن مِن المؤلفين ترك بصمة فيك ؟
-أعتبر القراءة الوجه الآخر لعملة الكتابة ، لذا لا أكف عن التهام الكتب . أقرأ في جميع المجالات المعرفية ، و لكن الرواية تنال حصة الأسد من قراءاتي ، و أحاول قراءة النصوص العالمية الجيدة ، مهما اختلفت جنسيات هذه الرواية..أقرأ الرواية اليابانية و التركية و الأمريكية اللاتينية و الإفريقية و العربية طبعا
= الكتابة جذور اصول امتدادات...هل يترك الكاتب بعضا منه في كتابته ؟
-الكتابة قد تصبح بعد إدمانها أسلوب حياة ، و تصبح حياة الكاتب _نتيجة لذلك- حاضرة بقوة في كتاباته كما أن الكتابة تصبح حاضرة بقوة في حياة الكاتب، إنها عملية جدلية ، فيها كثير من التأثير و التأثر ، و غني عن البيان أن الكاتب يصرف الكثير من مواقفه عبر الكتابة دون التصريح بذلك ، كما أنه يوزع نفسه على شخوصه داخل العمل الروائي الذي يكتبه.
=هل يمكن اعتبار السرد نزوة/ مروق/ تنكر ؟
-لا هذا و لا ذاك . السرد ورطة جميلة ، تجعل المتورط فيها مغرما ببناء عوالم جديدة ، تضاف إلى العالم الواقعي الذي نعيش فيه ، إذن يشكل السرد إضافة من نوع ما للحياة ، التي تبدو فقيرة أحيانا ، فكم من الشخصيات الروائية الخيالية أصبح لها وجود أقوى من وجود أناس يعيشون بيننا و يسعون في دروب الحياة ، و يكفي تذكر بعض أبطال الروايات للتأكد من ذلك ، فمن ذا يتفوق في هذا المجال على دون كيشوط أو سعيد مهران أو غريغور سامسا و غيرهما.
=المنتوج الادبي يحتاج متلقيا يبعثه من صمته لكن العالم العربي لا يقرأ ، كيف نجعل المعادلة تستقيم ؟؟
-هذا الامر نسبي ، لأن الأدب بطبيعته نخبوي و لا يقبل عليه سوى الأقلية القليلة من المثقفين و أهل الأدب ، لذا لا يشغلني الأمر كثيرا ، فالوضع ليس بالسوداوية التي يتم تصويرها به ، فللأدب قراؤه حتى و إن كان عددهم قليلا ، لكن الامر كان دوما كذلك و يجب ألا يخيفنا ، نحن نكتب للحاضر و للمستقبل ، و الأمور ستتحسن حتما ، لأن لا مستقبل لأمة لا تقرأ ، و يبدو ان قطاعا كبيرا من الشعب بدأ يعي ذلك.
=ما هي الروايات التي قرأت و تركتْ فيك اثرا لا تنساه ؟
-الكثير من الروايات أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: "الأيام الخمسة الأخيرة لرسول" للروائي التركي تحسين يوجل و خاصة ، في بعدها الساخر من الدوغمائية،و رواية ليلة التنبؤ لبول أوستر ، و الأشجار و اغتيال مرزوق ، لعبدالرحمن منيف و أولاد حارتنا ل لنجيب محفوظ ، و واحة الغروب لبهاء طاهر ، والجزيرة تحت الماء لإزابيلا ألليندي، و الجميلات النائمات لكاواباتا ، و مائة عام من العزلة لماركيز ، و هكذا تكلمت الوحدة لخوان خوسيه ماياس ، و المسخ لكافكاو غيرها الكثير الكثير.
=هل تقرأ كتبا غير كتب الادب؟
-أقرأ كثيرا في علم النفس و الفلسفة و علم الاجتماع و كل ما يمت للعلوم الاجتماعية أو الإنسانية بصلة ، كما تعجبني الكتب التراثية ، التي أنكب على قراءتها في بعض الأوقات من السنة.
=هل تحب الشعر؟
-طبعا ،و من لا يحب الشعر ، أحب قراءته و أكتبه أحيانا، ونشرت بعضه في مجلات، لكني لا اعتبر نفسي شاعرا ، حتى اظل متواضعا فالشعراء قريبون من مرتبة الأنبياء ، و أنا أريد ان اظل ملتصقا بالأرض لذا أكتب الرواية ... طبعا أمزح.
=لو صادفت كافكا على طاولة مقهى ماذا ستقول له ؟
-...سأعده بأن اكتب رواية أحوله فيها إلى صرصور أنيق جدا ، لكنه يكره أن يضع ربطة عنق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.