التمثيل في الغرب يعادل ذهبا ، فما ان يظهر الفنان على الشاشة الكبيرة او الصغيرة حتى تنهال عليه ابواب الأرض بالعطايا والفرص والمال والشهرة . اما النجوم الكبيرة - فحدث فلا حرج -. بحيث ان الدخل السنوي لبعضهم يعادل الدخل القومي لبعض بلدان العالم الثالث . ولايقتصر الأمر على اجورهم السينمائية نتيجة لأدوارهم , بل يتجاوز ذالك الى اجور الدعايات التجارية والأعلانات وما يكتب عنهم وما تحققه افلامهم او مسلسلاتهم من ارباح . والممثل في الغرب ليس مجرد شخص عامل وانما يتحول الى رمز لبلاده. بعضنا يتذكر موقف الجنرال ديغول ,الذي اعتبر الممثلة الفرنسية بريجيت باردو رمزا لفرنسا . وقد كرّمت بريطانيا العظمى ممثلها الكوميدي المعروف ب ( مستر بن ) وجعلته يقدم مشهدا كوميديا في افتتاح الألعاب الأولمبية التي اقيمت بلندن هذا الصيف .وكأن بريطانيا تقول للعالم : هذه هي كنوزي عبر التأريخ ,والفنان ( مستر بن ) جزء منها. وحتى الفنان في مصر كان ومازال يعيش في بحبوحة من العيش , فقد بنى الكثير منهم ثروته من خلال التمثيل . وما زالت ذاكرتنا حية بحكاياتهم وطراز حياتهم وكأنهم لاينتمون الى واقعنا العربي المر . حسن مضياف فنان مغربي مبدع . استطاع ان يجسد الواقع من خلال تقمصه للروح المغربية , وحينما يمثل دورا كأنه يعلو على النص , فيحيل العمل التلفزيوني الى واقع مجرد . حينما نشاهده يؤدي ادواره , ننسى انه امام كاميرا واجهزة إضاءة وفريق فني ومخرج. نعتقد انه يعيش الدور وكأنه صاحبه الحقيقي لم يكن بحاجة الى ماكياج . لأنّ وجهه ينضح بغبار الأرض التي انجبته . ينضح بالفقر والكبرياء ,ينضح بوجع الأنسان الذي يطمح الى تخطي المستحيل . ولعل مسلسل (وجع التراب ) يترجم موهبة هذا الفنان وعشقه لأرضه . ورغم انه يمثل ادورا غير رئيسية , ولكن المشاهد يشعر انه هو البطل الرئيسي . لقد ابدع في مسلسلات تلفزيونية اخرى ومنها ( رمانة و برطال ) وقد ترك وجهه الطيب اثرا كبيرا بين الكثير من محبي فنه .فدخل البيوت المغربية والعربية بدون استئذان . لقد سقط حسن مضياف عن صهوة فنه مريضا يبكي ويتوسل الدواء ! الا نخجل من انفسنا ونحن نشهد أروع الفنانين يستجدون العطف ؟الا نخجل من انفسنا ونحن نرى دمعة حسن وهي تتدحرج على وجنتيه الهزيلتين ؟ وهو الأنسان الذي نذر حياته ليدخل البهجة بين مشاهديه . انني ادعو الفنانين المغاربة وكذالك المثقفين والأدباء , ان يبادروا الى انقاذ هذا الفنان , واعادة كرامته اليه من خلال المطالبة الجادة والحازمة من الحكومة المغربية ان تتكفل ليس بعلاجه فقط , وانما بان تجعل له راتبا قارا وكافيا لحفظ كرامته . يقال بان العملية التي يمكن ان تنقذ حياة هذا الفنان لاتتجاوز العشرين الف دولارا ! وهو مبلغ لايعادل مصرف ليلة لفرقة فنية هابطة تأتي من الخارج.