كانت بطولة العالم لألعاب القوى تنظم بعد انطلاقتها الفعلية عام 1983 بهلسنكي الفنلندية، كل أربع سنوات قبل، أن تصير كل سنتين بداية من العام 1991. وعلى مدار التاريخ، أحرز المغرب العديد من الميداليات في منافسات بطولة العالم لألعاب القوى، أولاها كانت في النسخة الأولى بواسطة العداء الأسطورة سعيد اعويطة، الذي فاز بنحاسية سباق 1500 متر. أربع سنوات بعد ذلك، وفي النسخة الثانية بالعاصمة الإيطالية روما، عاد عويطة، ليمنح المغرب أول ميدالية ذهبية له على صعيد هذه البطولة وكانت في سباق 5000 متر، ليحتل المغرب آنذاك المرتبة التاسعة عالميا، بعد أن كان قد اكتفى بالرتبة 21 في الدورة الأولى. وفي النسخة الثالثة عام 1991 بالعاصمة اليابانية طوكيو، أحرز المغرب ميداليتين نحاسيتين، بواسطة كل من خالد السكاح في سباق 1000 متر و مولاي ابراهيم بوطيب في سباق 5000 متر، ليحتل المغرب الصف 28 عالميا. وبعد مشاركة من دون ميداليات في نسخة شتوتغارت الألمانية عام 1993، تمكن المغرب من إحراز أربع ميداليات في دورة كوتبروغ بالسويد عام 1995، ثلاث منها فضيات بواسطة كل من خالد السكاح في سباق 1000 متر، وهشام الكروج في سباق 1500 متر، وخالد بولامي في سباق 5000 متر وكذا العداءة المغربية زهرة واعزيز في سباق 5000 متر والتي دخلت التاريخ من أوسع الأبواب على اعتبار كونها كانت أول مغربية تحرز ميدالية في بطولة العالم لألعاب القوى، ليحتل المغرب بالتالي الصف 25 عالميا. في نسخة أثينا اليونانية عام 1997، أحرز المغرب أفضل مراتبه العالمية إلى حدود تلك النسخة بوصوله إلى الصف السادس عالميا، بفضل أربع ميداليات، اثنتان منهما كانتا من المعدن النفيس. وأحرز صلاح حيسو برونزية سباق 1000 متر، فيما فاز خالد بولامي بفضية سباق 5000 متر، كثاني فضة على التوالي يحرزها البطل المغربي بعد دورة 1995. لكن المعدن النفيس كان من نصيب بطلين مغربيين في هذه الدورة، لتكون المرة الأولى التي يحرز فيها المغرب ذهبيتين، ويتجدد العهد بالتالي مع الذهب بعد الميدالية الذهبية الوحيدة التي كان قد أحرزها المغرب تاريخيا بواسطة عويطة عام 1987. ودخل الكروج التاريخ من أوسع أبوابه حيث كان أول مغربي يحرز ذهبية سباق 1500 متر في بطولة العالم، فيما دخلت نزهة بيدوان التاريخ أيضا من أوسع أبوابه إذ كانت أول امرأة مغربية تحرز الذهب في بطولة العالم، وكان ذلك في سباق 400 متر حواجز. ويمكن القول إن نسخة إشبيلية الإسبانية عام 1999، كانت بمثابة الأفضل على الإطلاق على صعيد المشاركة المغربية وترتيبها النهائي، إذ احتل المغرب الصف الخامس عالميا بفضل نتائجه الرائعة، منها ذهبيتين جديدتين، وفضيتين ونحاسية واحدة، ليكون المجموع هو 5 ميداليات كأفضل مجموع في تاريخ المشاركات المغربية ضمن بطولة العالم لألعاب القوى. ولم يكن المغرب ليدرك كل ذلك، إلا بفضل عدائيه المتميزين، على رأسهم الكروج، صاحب الميدالية الذهبية الثانية على التوالي في بطولة العالم، تحديدا في سباق 1500 متر، وصلاح حسيو، صاحب ذهبية 5000 متر، لتكون بالتالي ميداليته الثانية في تاريخ بطولات العالم بعد نحاسية عام 1997. وبرز اسم علي الزين من المغرب وهو يحرز في نسخة عام 1999 برونزية سباق 3000 متر موانع، فيما تمكنت كل من زهرة واعزيز ونزهة بيدوان من الفوز بثاني ميدالياتهما في تاريخ بطولة العالم، إذ أحرز الأولى فضية سباق 5000 متر والثانية فضية سباق 400 متر حواجز. وجاء المغرب في الصف العاشر عالميا خلال دورة إدمونتون بكندا عام 2001 محرزا ثلاث ميداليات، منها اثنتين من المعدن النفيس بواسطة، العداءة نزهة بيدوان التي فازت بذهبية سباق 400 متر حواجز، حيث استمرت في تحطيم الأرقام كأول امرأة مغربية تحرز ذهبيتين في تاريخ بطولات العالم. وكانت الذهبية الثانية من إحراز هشام الكروج في سباق 1500 متر، ليستمر هو الآخر في تحطيم الأرقام القياسية كأول مغربي يحرز ثلاث ذهبيات في تاريخ البطولة العالمية، في حين الميدالية الأخيرة للمغرب في تلك الدورة فضية بواسطة علي الزين في سباق 3000 متر موانع، وهي بالمناسبة ثاني ميدالية يحرزها هذا البطل المغربي في تاريخ التظاهرة العالمية. وعاد المغرب ليحتل الصف التاسع عالميا، خلال نسخة العاصمة الفرنسية باريس عام 2003، بفضل ذهبيتي البطل الكروج في سباق 1500 متر، وهي بالمناسبة رابع ذهبية له في تاريخ البطولة، والعداء المغربي جواد الغريب الذي أحرز ذهبية سباق الماراتون. واستمر الكروج في تحطيم الأرقام وهو يحرز سادس ميدالية له في تاريخ البطولة عندما فاز بفضية سباق 5000 متر في النسخة نفسها، علما بأنه سبق له الفوز بفضية 1500 متر في نسخة 1995، وأربع ذهبيات متتالية بداية من نسخة 1997 إلى غاية 1993. وعادت البطولة لتنظم عام 2005 بالعاصمة الفنلندية هلسنكي، تماما كما كان الشأن خلال أول نسخة عام 1983، ليحرز المغرب هذه المرة الصف العاشر عالميا بفضل ذهبية جواد الغريب في سباق الماراتون، ليكون ثاني مغربي يفوز بذهبيتين في بطولتي عالم متتاليتين، بعد الكروج، في وقت أحرز فيه عادل الكوش فضية سباق 1500 متر وأحرزت فيه أيضا حسنا بنحسي فضية سباق 800 متر. في نسخة أوساكا اليابانية عام 2007، غاب المعدن النفيس عن المشاركة المغربية لأول مرة منذ نسخة عام 1997، حيث اكتفى المغرب باحتلال الصف 28 بفضل فضية وحيدة أحرزتها حسنا بنحسي في سباق 800 متر، وكانت الفضية الثانية لها تاريخيا على صعيد بطولة العالم لألعاب القوى. مباشرة بعد ذلك، سينطلق مسلسل النكسات المغربية على مستوى بطولة العالم، إذ ظلت المشاركات باهتة ومن دون ميداليات تذرك للأبطال المغاربة سواء في نسخة 2009 ببرلين الألمانية، أو في نسخة 2011 بدايكو الكورية الجنوبية، أو حتى في نسخة 2013 بموسكو الروسية، إلى حين العودة إلى البوديوم بمناسبة نسخة 2015 بالعاصمة الصينية بكين، بفضل البرونزية الوحيدة التي أحرزها العداء عبد العاطي إيكيدير في سباق 1500 متر، والتي احتل معها المغرب المركز 32 عالميا. وفي النسخة الماضية عام 2017 بلندن البريطانية، احتل المغرب الصف 31 عالميا بفضل ميدالية وحيدة كانت فضية بواسطة العداء سفيان البقالي في سباق 3000 متر موانع، قبل أن يعود العداء نفسه لإحراز ميداليته الثانية في تاريخ البطولة، وكانت برونزية هذه المرة، وفي السباق نفسه، خلال الدورة الحالية التي تحتضنها العاصمة القطرية الدوحة. *عن صحيفة ‘آس' الإسبانية