نشر الموقع الرسمي لحزب التجمع الوطني للأحرار جزء مما تضمنه 'مسار الثقة'، الذي هو بمثابة أرضية للحزب في مختلف المجالات، ومن بينها مجال الصحة. وأشار المصدر إلى أن "الأحرار" يركّز على ثلاث مجالات أساسية، هي الصحة والتعليم والتشغيل، قناعة منه أنها ركيزة أي تحول نحو الأفضل، إلا أنه لم يغفل باقي القطاعات، التي لها أهمية كبيرة في خلق التنمية وبناء مجتمع أكثر تماسكا. وفيما يلي رؤية ‘الأحرار' في قضية الصحة، وفق ما تم نشره: من أجل شبكات صحية جهوية ومستقلة إن الأحرار لا يخطؤون المسار؛ إذ يجب الرفع من الميزانية المخصصة للصحة، لكن يجب، في ذات الوقت، الحرص على تدبير جيد ومتوازن للموارد والميزانية الحالية المخصصة للقطاع. تنص الخارطة الصحية اليوم على إحداث مستشفى لكل عمالة أو إقليم دون الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المميزة لكل منطقة جغرافية، إلى درجة أننا نجد أنفسنا أحيانا أمام وضعيات غير مفهومة، فقد نجد مثلا مستشفيين يفصل بينهما شارع، يقدمان الخدمة الصحية نفسها، ويعانيان من نفس الخصاص على مستوى الموارد. فيجد المواطن نفسه في وضعية المفارقة في أن يختار أحد المستشفيين المفتقرين كليهما إلى المعدات اللازمة، والعاجزين معا عن الاستجابة لحاجياته أو التكفل به في المستعجلات. وإن تشتت الموارد يجعل من الصعب تطبيق المداومة وفق نظام الطبيب المقيم، الذي يقتضي وجود 4 أطباء على الأقل من التخصص نفسه في نفس المستشفى. كما أن الخصاص الحاصل على مستوى الممرضين يجعل قاعة الجراحة تشتغل لساعات قليلة فقط في اليوم. وسيناضل "الأحرار" من أجل المراجعة الجذرية لمنظومة العرض الصحي ليتوافق ومبادئ الجهوية المتقدمة. ونقترح أن تستبدل المستشفيات المتعددة الاختصاصات الموجودة حاليا، بشبكة جهوية من المستشفيات المتخصصة. وأن يتمتع كل مستشفى من هذه الشبكة باستقلالية تامة في التسيير، وأن يتوفر على نظام للمداومة ويكون مجهزا بقاعات للجراحة جاهزة للعمل على مدى 24 ساعة. ولأجل تحقيق نظام تكفل ذي جودة، بمؤشرات حقيقية للتدخل والمتابعة فيجب جعل التنسيق بين مختلف المراكز الاستشفائية في الجهة أولوية. ويعتبر الأحرار أن مرحلة ما قبل العلاج تكتسي أهمية مركزية لأنها يمكن أن تساهم في إنقاذ الأرواح. ومن الإشكاليات الخطيرة التي نسعى إلى التصدي لها ذلك الضعف المهول على مستوى التواصل المرتبط بعدم فاعلية أرقام النجدة الصحية. إن رقم النجدة "150" لا يؤدي دوره بالشكل المطلوب، فمدة الانتظار طويلة جدا، ولا يقدر على توفير أدنى تدخلات الانقاذ. كما نسجل غيابا ظاهرا لمباشرة العلاج، سواء قبل أو أثناء نقل المريض في سيارة الإسعاف، بواسطة إسعافيين، أحيانا غير مؤهلين ينقلون المريض إلى مستشفى ولا يتوفر فيه شرط القرب ولا شرط التخصص، ودون معرفة مسبقة بحالة المريض أو بوصوله. وينبغي أن تتولى الجهة مسؤولية توفير العدد اللازم من سيارات الإسعاف المجهزة وفق الحاجيات، كي تستطيع المستشفيات الاستجابة في اللحظة المناسبة للحالات الاستعجالية. ويمكن لتنظيم محكم أن يساعد في تجويد خدمة هذه السيارات والرفع من مستوى الفعالية في إسعاف المرضى. وإننا ندعو للالتزام بإصلاح هذه الوضعية من خلال توفير مصلحة الإسعاف الصحي المستعجل العمومي 24/24 ساعة طيلة أيام الأسبوع، إضافة إلى خدمة الإنصات والمداومة المستجيبة لطلبات المساعدة الصحية. ويجب أن تخصص هذه المصلحة تكفلا سريعا ومناسبا للمصابين بجروح خطيرة والمرضى ذوي الحالات المستعجلة والحرجة وضحايا الحوادث. كما يجب أن تعمل هذه المصلحة على تحديد وتوفير الحلول المناسبة لطبيعة كل حالة متصلة، وضمان نقلها وتوفير وسائل العناية المناسبة لحالة المريض قبل إدخاله إلى المستشفى ومتابعة حالته. وتتشكل هذه المصلحة من عمال اتصال مكونين يتوفرون على استمارة للأسئلة ومؤطرين من طرف طبيب مداوم. كما يتكلف هذا الفريق بتقييم خطورة الحالة من أجل توفير الموارد الكافية قصد الاستجابة المناسبة لحالة المريض، مع الحرص على أن يتلقى العلاجات الضرورية التي تم وصفها لحالته. من أجل بطاقة صحية ذكية إن "الأحرار" يدعون إلى الاعتماد الواسع على التكنولوجيا والرقمنة في مجال الصحة لوضع حد للمساطر الإدارية التي تعرقل الولوج السلس والشفاف للعلاجات. وإننا ندافع عن مشروع توفير بطاقة صحية ذكية لكل مواطن من أجل متابعة فعالة، وخاصة في كل مراحل العلاج. بطاقة صحية تتيح التعرف على المريض في أي مركز استشفائي تم توجيهه إليه سواء أكان عموميا أو خاصا. وستتضمن هذه البطاقة جميع المعلومات الخاصة بالمريض وسوابقه المرضية، والعلاجات التي خضع لها، والوصفات التي قدمت له سابقا وغير ذلك مما سيحد من مخاطر إعطائه علاجا لا يتناسب مع حالته. إن رقمنة المنظومة الصحية العمومية، تمثل أداة لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة للطبيب أو للمريض على حد سواء. وستمكن البطاقة الذكية تلك من التمييز بين المرضى المستفيدين من نظام المساعدة الطبية "راميد" الذين لهم الحق في ولوج العلاجات بالمجان، وبين أولئك الذين سيؤدون تعريفة مخفضة، وأولئك الذين يستفيدون من تغطية صحية عمومية أو خاصة. من أجل عقد للثقة بين الدولة والأطباء على الرغم من صعوبات المسار، ففي كل سنة نجد عددا كبيرا من شبابنا يرغبون في أن يصبحوا أطباء، متسلحين بعزم ثابت لتحقيق ذلك، شباب يتعبون كثيرا ويَشْقون على مدى سنوات. ورغم علمهم بالإكراهات التي يعاني منها هذا القطاع، اختاروا هذه المهنة شغفا وعشقا. إن الطبيب المغربي يعيش خيبات أمل بالنظر إلى ظروف عمله، ولضعف تثمين مجهوداته اليومية. غير أن المنظومة الصحية لا يمكن أن تكون فعالة دون إشراك حقيقي للفاعلين الأساسيين على أرض الواقع، أي الهيئة الطبية بمجملها. وإن غياب التحفيزات المهنية سبب من أسباب التراخي المنتشر وسط الهيئة الطبية، التي تعتبر النهوض بها أساس كل إصلاح. وإن "الأحرار" يؤكد في "مسار الثقة" أن لا ضمانة لولوج متكافئ للخدمات الصحية، إلا من خلال إعادة النظر بجرأة وشجاعة في العلاقة المؤسساتية الثلاثية الأطراف، التي تجمع المواطن والدولة والهيئة الطبية. هذه العلاقة هي الكفيلة بتقوية وسائل الوقاية والرفع من جودة الحكامة داخل هذه المنظومة. ثم إننا سنناضل كي نعيد الاعتبار للإطار المؤسسي للطبيب، انسجاما مع كفاءاته وتضحياته، مع الاعتراف التام بشهادة الدكتوراه الحاصل عليها، فالطبيب اليوم، وبعد قضاء سبع سنوات من الدراسة على الأقل، لا يتمتع بنفس امتيازات إطار "دكتور الدولة"، حيث يتقاضى راتبا أدنى ب4 آلاف درهم في المتوسط، عما يتقاضاه نظرائه من الموظفين. وهذه وضعية ينبغي تجاوزها. كما سنطالب بتعديل الإطار القانوني المنظم لوظيفة الهيئة الطبية من خلال إعادة النظر في المهام المنوطة بها وشروط عملها التي يجب ألا تقاس بمثيلاتها عند الموظفين. كما سنطالب بأن تتمع الهيئة الطبية، سواء في القطاع العام أو الخاص، بالتغطية الاجتماعية. ويرى "الأحرار" أيضا، أنه من الضروري تحفيز العاملين في "المستشفيات القاحلة"، وذلك عبر تقاضي أطباء الطب العام أجورا محفزة للعمل في المناطق النائية، التي سيعينون فيها لمدة لا تتجاوز السنتين (ما عدا رغبة منهم بمواصلة العمل بهذه المناطق)، وذلك توخيا منا لتحسين جاذبية العمل في المناطق النائية ودعم مشروع طبيب الأسرة. تغطية صحية ل90 في المائة من المغاربة 26 في المائة فقط من المغاربة من يتوفرون اليوم على انخراط في قطاع التأمين الصحي الإجباري، أي 8.7 مليون مستفيد، و26 في المائة فقط من السكان منخرطون في نظام الراميد، وما تبقى من الساكنة، أي 48 في المائة، ليسوا منخرطين في أي نظام للحماية الاجتماعية. لذا، سنناضل من أجل تعميم التغطية الصحية لتشمل 90 في المائة من السكان، عوض 52 في المائة حاليا، وذلك من خلال تدابير تحفز المشغلين على التصريح بمستخدميهم مع توسيع نظام التغطية الصحية الإجبارية ليشمل أصحاب الأعمال الحرة والمقاولين الذاتيين، غير المؤمنين إلى اليوم، كما نقترح كذلك تحسين مقادير الاسترداد في أنظمة التغطية الاجتماعية التي لا تتجاوز في الوقت الراهن 70 في المائة من المبالغ المصرح بها.