خطاب يرسخ ثقافة الايمان بحسم نزاع الصحراء المغربية، ويدعو الى اجراء قطيعة إبستيمولوجية مع ماضي يطبعه الركون الى الدفاع والاهتمام بالتدبير الوقتي والمرحلي لتجاوز عتبات او السيطرة على ازمات عارضة ووقتية يطبعها الزيف والزور والتدليس بعيدا عن الحقيقة. خطاب يحمل خلفية مبطنة وفلسفة عميقة. ذلك ان تركيز جلالة الملك على الصحراء المغربية كملف واحد ووحيد داخل مؤسسة تشريعية، التي مهمتها التشريع ومراقبة عمل الحكومة له دلالة عميقة ورسالة مستقبلية ، فقط أولى الألباب والحكمة هم القادرين على استنباطها وكشفها. فالخطاب يحمل دعوة واضحة وصريحة من جلالة الملك للمؤسستين التشريعيتين للتفكير في وضع مقترحات وتصورات لمرحلة جديدة من تاريخ المغرب؛ مغرب الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي. والانتقال من مجرد مشاريع الى أوراش قيد التنفيذ والتطبيق. فحسم نزاع الصحراء لم يعد رهين ارادة آخرين بغض النظر عن هويتهم ومصدرهم، بل هو ثقافة يجب ان تستوطن ذهن وعقول وفكر المغاربة و هم قادرين على ترجمتها الى سلوك وتصرفات على ارض الواقع أنفسهم وبأيديهم. فجلالة الملك يركز على أهمية الوعي بعافية الذات والجسم المغربي، وقدرة المغاربة على كسب المرحلة الانتقالية المقبلة التي سمتها وفقا لجلالة الملك التغيير على جميع الأصعدة والمستويات ،وفي جزء كبير منها، تحتاج الى تقنين، الذي يدخل في صميم عمل واختصاص السلطة التشريعية. فالخطاب اذن هو خطاب بناء وتدعيم الثقة في ما تم تحقيقه، وفي استنهاض الإرادة والوعي المغربيين على عدم الوقوع ضحايا التشويش، وحثهم على رص الثقة و تعضيد ما تم مع الغير بالحوار الفكري و التواصل العلمي بواسطة المؤهلين من ذوي الكفاء والاختصاص. والخطاب يحمل دعوة أخرى الى القطع مع المناكفات غير المنتجة التي قد تبطئ الانتقال في التغيير المطلوب، مع خطر تميعه، وقد تجعل التيه والنسيان يطال تسويق ما تم تحقيقه. *محامي بمكناس خبير في القانون الدولي قضايا الهجرة ونزاع الصحراء