وليد كبير: نظام العسكر غاضب على ولد الغزواني بعدما رفض الانخراط في مخطط لعزل المغرب عن دول الجوار    مجلس الأمن.. بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    ألمانيا.. توجيه اتهامات بالقتل للمشتبه به في هجوم سوق عيد الميلاد    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة        مقاييس الأمطار بالمغرب في 24 ساعة    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    رشاوى الكفاءة المهنية تدفع التنسيق النقابي الخماسي بجماعة الرباط إلى المطالبة بفتح تحقيق    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    العرائش: الأمين العام لحزب الاستقلال في زيارة عزاء لبيت "العتابي" عضو المجلس الوطني للحزب    سويسرا تعتمد استراتيجية جديدة لإفريقيا على قاعدة تعزيز الأمن والديمقراطية    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    هجوم ماغدبورغ.. دوافع غامضة لمنفذ العملية بين معاداة الإسلام والاستياء من سياسات الهجرة الألمانية    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود جلالة الملك من أجل الاستقرار الإقليمي    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع        دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أي تداعيات للانتخابات التركية على العلاقات مع المغرب؟
نشر في القناة يوم 30 - 05 - 2023

يتوقع أن تشكل إعادة انتخاب رجب الطيب اردوغان رئيسا لتركيا فرصة جديدة لتعزيز وتيرة صعود تركيا اقتصاديا وتأثيرها سياسيا على أكثر من صعيد، فبرامج الرئيس التركي طموحة وهو لا يخفي ذلك بتاتا.
والمغرب مثل العديد من الدول العربية والإفريقية معني بهذه الطموحات، وإذا لم يسارع إلى بلورة استراتيجية تجارية واقتصادية ومالية واستثمارية تجاه أنقرة، فإن حجم العجز التجاري سيتفاقم، وأضرار بعض القطاعات خاصة النسيج ستتعاظم. ويكفي أن نشير هنا إلى أن حجم المبادلات بين البلدين تجاوز حاجز الثلاثة مليارات دولار سنة 2021، كما تزايد العجز التجاري المغربي ليصل إلى ملياري دولار.. وهو رقم كبير مقارنة مع حجم المبادلات.
في المقابل هناك بعض الجوانب الإيجابية في هذه العلاقات الاقتصادية ومنها أنّ الحجم التراكمي للاستثمارات التركية بالمغرب بلغ حوالي مليار دولار، وتوجد حوالي مائة شركة تركية عاملة بالمغرب تشغل أزيد من 6 آلاف مغربي. ولكن هذه الأرقام تبقى أرقاما ضعيفة مقارنة مع الاستثمارات التركية في دول مغاربية في الجوار وعبر العالم.
طبعا لا يمكننا أن نحمل المسؤولية للأتراك، فمن حق أي دولة ان تكون لها طموحات في زيادة حصتها في الأسواق الخارجية، بل إن ذلك يعتبر مؤشرا على حيوية اقتصادها، ولكن المشكل فينا نحن داخل المغرب سواء كقطاعات وزارية للتجارة والصناعة والاستمارات او كحكومة بصفة عامة أو حتى كغرف مهنية وكمقاولات. كيف ذلك؟
بالعودة إلى تطور الصادرات التركية نحو المملكة، سنجدها قد سجلت ارتفاعا يناهز 15% سنويا منذ دخول اتفاقية التبادل الحر بين البلدين حيز التنفيذ سنة 2006 إلى غاية 2022. وارتفاع مطرد بهذا الحجم لا يمكن ان يكون محض صدفة، بل يعني وجود استراتيجية تركية للتوسع داخل السوق المغربية. ولكن في المقابل هل يملك المغرب استراتيجية للتوسع في السوق التركية التي تضم 85 مليون مستهلك؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن تجيب عنه الحكومة. ففي كل الأحوال، العالم يتجه نحو العولمة أكثر فأكثر، وإذا لم تَغزنا تركيا ببضائعها وشركاتها فأكيد ان هناك دولا أخرى فعلت وستفعل ذلك مثل الصين وفرنسا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا وكوريا، وغيرها. إذن الحل يكمن في امتلاك استراتيجية مغربية لغزو الأسواق الخارجية ومنها تركيا، وزيادة حصتنا داخلها وليس في البكاء على الأطلال او انتقاد ما تقوم به الدول الأخرى.
في الحالة التركية بالذات، يمكن ان نعتبر أن الطريق معبدة في وجود اتفاقية للتبادل الحر تم توقيعها سنة 2004 وأعيدت مراجعتها جزئيا سنة 2020، وما علينا إلا ان نمتلك استراتيجية إرادية وبرامج واضحة لزيادة صادراتنا المغربية تجاه هذا البلد الذي استطاع ان يضاعف ناتجه القومي الخام -PIB- اكثر من اربع مرات خلال 20 سنة، واستطاع ان يستقطب استثمارات اجنبية تفوق 250 مليار دولار في نفس المدة، وان يجذب حوالي 79 الف شركة اجنبية. أين نحن إذن من هذه السوق التركية التي تعرف كل هذه الحيوية؟ علماً أنّ متوسط الدخل الفردي في تركيا يفوق 10 آلاف دولار سنويا، وهو ما يعني وجود قدرة شرائية مهمة.
قد يتحجج البعض بالنسبة لعجز الميزان التجاري المغربي حيال هذا البلد، بأن الأتراك لديهم بعض السبق في شبكات التوزيع بالجملة والتقسيط داخل المغرب، وهو ما أعطى دفعة لصادراتهم تجاه بلدنا. ولكن بإمكان الدولة المغربية ان تتدارك ذلك وبسرعة اذا ما ساعدت ماركات مغربية معينة على إنشاء شبكات مماثلة للتوزيع داخل تركيا، وفي قطاعات متنوعة مثل النسيج أو المخابز العصرية والحلويات، أو مطاحن الدقيق والمعجنات، أو متاجر توزيع الآلات الكهرومنزلية، أو توزيع العقاقير -droguerie- بالجملة والتقسيط، أو شبكات توزيع البضائع التي يتوفر فيها المغرب على علامتين بارزتين، أو صناعة الصّباغات الكيماوية الموجهة لقطاع البناء، وبعض مواد البناء والمنتجات الصّحية والترصيص والكهرباء في هذا القطاع، وغيرها من القطاعات التي يتوفر فيها المغرب على خبرة معترف بها وتجارب ناجحة، وهناك علامات تجارية معروفة وكثيرة في هذه المجالات التي ذكرت.
كما أنّ هناك قطاعات يعتبر فيها المغرب رائدا قاريا مثل التأمينات والبنوك، وصناعة الأدوية ومستحضرات التجميل وغيرها كثير. إذن الكرة في ملعب وزارة التجارة والصناعة والاستثمار، والكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب، والبنوك وشركات التامين، للقيام بدراسات للسوق التركية ووضع برامج عملية، وتقديم سلة من المحفزات تشمل النقل البحري والجوي والضرائب والخدمات القنصلية التجارية وباقي التسهيلات والضمانات لتحفيز التصدير.
اما بالنسبة للتداعيات على الصعيد السياسي، فإن أهم ملف بالنسبة للمغرب هو ملف الصحراء، وقد سبق للرئيس أردوغان أن عبر عن موقف بلاده بوضوح في هذا الشأن سنة 2013 خلال زيارته للمغرب، حيث أكد عدم اعتراف تركيا بجبهة "البوليساريو" الانفصالية، واقترح الوساطة بين المغرب والجزائر لحل الخلاف، وهو ما أغضب النظام الجزائري الذي زاره اردوغان في اليوم الموالي من زيارته للرباط، فكان الاستقبال باهتا وردّت حينها الخارجية الجزائرية على تصريحات الرئيس التركي بشكل حاد وسلبي كعادتها تجاه كل بلد يؤيد الوحدة الوطنية والترابية للمملكة.
ولكن منذ ذلك التاريخ إلى اليوم، جرت مياه كثيرة تحت الجسر، وركزت الجزائر جهودها لجر تركيا إلى صفها او على الاقل إلى الحياد، من خلال إغراء تركيا بصفقات اقتصادية كبرى، حيث ارتفعت الاستثمارات التركية في الجزائر إلى 5 مليارات دولار، وفي قطاعات استراتيجية مثل مصنع الصلب والحديد في وهران الذي ينتج تقريبا حاجة السوق الجزائرية من حديد التسليح الموجه لقطاع البناء. وقد تجاوز عدد الشركات التركية في الجزائر 1400 شركة، وبهذا الرقم تصبح الشركات التركية من حيث العدد هي الأكبر، متقدمة على فرنسا وباقي الدول الأوربية. بالإضافة إلى استثمار صونطراك الجزائرية حوالي 1,8 مليار دولار في قطاع الغاز وصناعة البلاستيك التركية. كما أن تركيا رفعت حجم وارداتها من الغاز الطبيعي الجزائري.
وأمام هذه السياسة الجزائرية يمكن أن نلاحظ بداية تحولات طرأت على الموقف التركي من الصحراء المغربية، هي جنينية وطفيفة تكاد لا ترى بالعين المجردة، ولكنها ملموسة وتؤشر على الضغوط الجزائرية، ومن هذه التحولات ان القناة الرسمية الدولية للأخبار التركية "تي ار تي" بدأت تسلط الضوء اكثر فأكثر على الحركة الانفصالية في الصحراء، وتستضيف وجوها انفصالية في برامجها الاخبارية، وتنشر خارطة مبتورة للمملكة، كما أن لهجتها بدأت تجامل الجزائر في قضية الصحراء المغربية، والأخطر من ذلك أن التصريحات الرسمية التركية انتقلت من الحديث عم دعم وحدة المغرب وسلامة اراضيه إلى الحديث عن تشجيع حل يرضي كل الأطراف !
لأجل ذلك كله، على المغرب أن يسارع إلى طرح كل هذه الملفات سواء الاقتصادية أو الجيوسياسية على الطاولة مع الاتراك، حتى لا يتكرر مسلسل "فرانس24» الذي مهّد إعلاميا لتغيير الموقف الفرنسي بشكل أو بآخر تجاه المغرب، وكنا قد حذرنا من ذلك الانزلاق الاعلامي في بدايته. ولكن في غياب استراتيجية مغربية تحول الأمر إلى أزمة صامتة بين باريس والرباط مازلت مضاعفاتها لم ترس على بر. واتمنى ألا يتكرر السيناريو مع تركيا أو البرتغال مستقبلا./
(*) خبير في العلاقات الدولية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.