ضخ بنك المغرب، مؤخراً، 16.2 مليار درهم في النظام المصرفي للمملكة عبر شراء سندات خزينة في السوق الثانوية، في خطوة تعد الأولى في تاريخه، لإتاحة السيولة المالية للبنوك الوطنية. لماذا اللجوء إلى هذه الأداة النقدية؟، وهل ضخ السيولة في السوق النقدية لا يتعارض مع سياسة مواجهة التضخم التي ينهجها البنك المركزي؟. واقتنى بنك المغرب منذ بداية سنة 2023، سندات خزينة في السوق الثانوية لدى البنوك بتاريخ 9 و16 يناير الجاري، بأزيد من 16 مليار درهم. يشار إلى أن بنك المغرب لجأ في دجنبر الماضي، إلى رفع معدل الفائدة المرجعي ب50 نقطة أساس يصل 2.5%، ضمن خططه لمكافحة التضخم الذي بلغ في نهاية سنة 2022، 6.5%.. وسندات الخزينة، عبارة عن أوراق مالية ذات قيمة معينة تلجأ إليها الدولة للحصول على السيولة المالية من لدن الأبناك لتغطية نفقاتها مقابل عائدات ربحية تدفع للمشتري على المدى الطويل. السيولة لضمان الانتعاش الاقتصادي في هذا السياق، اعتبر المحلل الاقتصادي محمد جدري، أن "بنك المغرب أكد في اجتماعه الأخير في دجنبر الماضي، أنه من أجل الحد من الموجة التضخمية التي تعرفها البلاد، قد يلجأ إلى شراء سندات الخزينة في السوق الثانوية، وذلك لتوفير السيولة الكافية من أجل ضمان الانتعاش الاقتصادي". وأكد المتحدث ذاته، في تصريح ل"القناة"، أن هذه العملية "تبقى سابقة في تاريخ البنك المركزي، لأنه كان دائما يعتمد فقط على الرفع من سعر الفائدة الرئيسي من أجل التحكم في نسبة التضخم بالبلاد". وأشار الأكاديمي والمحلل الاقتصادي محمد جدري، إلى أن "هذا الإجراء يبقى موافقا للنظام الأساسي لبنك المغرب و كذلك للقانون المنظم لصندوق النقد الدولي". لا أزمة نقدية بالمغرب بنك المغرب خرج عن صمته، بعد إعلان عملية اقتناء سندات الخزينة من السوق الثانوية، مؤكداً أنها "عادية جدا تندرج ضمن أدوات السياسة النقدية لبنك المغرب". يونس عصامي، المسؤول بالنيابة عن العمليات النقدية والصرف ببنك المغرب، شدد في ندوة صحفية، الخميس الماضي، على أن هذه العملية تدخل في إطار العمليات الهيكلية للبنك المركزي، الرامية إلى ضخ السيولة النقدية بصفة هيكلية في السوق الوطنية. لماذا لجأ بنك المغرب إلى هذه العملية؟، يجيب عصامي، أن "البنك لاحظ نقصاً في السيولة، وسجل نقصا في إقبال الأبناك على اقتناء سندات الخزينة، وبعد تحليله اتضح أن سببه عوامل كثيرة، من أبرزها أن الأبناك بلغت الحد الأقصى من الاقتناءات الخاصة من السندات، ولم تعد لها إمكانية لاقتناء المزيد". وتابع: "كما أن الأبناك في إطار تدابيرها الاحترازية، حددت سقف سندات الخزينة في ما يتصل بمحافظها الاستثمارية، ثم أيضا تزايد مخاوف المستثمرين أمام ارتفاعات مطردة محتملة لسعر الفائدة"، كل هذا دفع بنك المغرب إلى اعتماد هذه الأداة لطمأنة الفاعلين البنكيين والاقتصاديين والمستثمرين. وأكد المسؤول البنكي، أن بنك المغرب لجأ إلى هذه الأداة النقدية دون التأثير على نسبة السيولة العامة في السوق الوطنية، حيث ظلت مستقرة"، موضحاً "إذ بدل تفعيل الأداة الأساسية عبر ضخ السيولة كل سبعة أيام، عوضناها بشراء سندات الخزينة قصيرة الأمد، بينما البرامج الأخرى التي يعتمدها البنك المركزي هي طويلة الأمد".