وجه رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، منشورا إلى الوزراء والمندوبان الساميان والمندوب العام، حول إعداد قانون المالية لسنة 2023، استعرض فيه أهم الإصلاحات التي ستقوم الحكومة المغربية بتنزيليها خلال السنة المقبلة، والتي تهم مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية. واعتمدت الحكومة على 4 أولويات أساسية في مذكرة إعداد مشروع قانون المالية 2023، استنادا إلى التوجيهات الملكية، في خطابه السامي الأخير بمناسبة الذكرى 23 لعيد العرش المجيد، وتجسيدا للالتزامات المتضمنة في البرنامج الحكومي، وتتجلى هذه الأولويات في تعزيز أسس الدولة الاجتماعية، وإنعاش الاقتصاد الوطني عبر دعم الاستثمار، وتكريس العدالة المجالية، وكذلك استعادة الهوامش المالية لضمان استدامة الإصلاحات. على مستوى تعزيز أسس الدولة الاجتماعية، في شقها المتعلق بالصحة، عملت الحكومية على التنزيل الفعلي لمحاور ورش تعميم الحماية الاجتماعية، خصوصا فيما يتعلق بتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، الذي قطعت الحكومة أشواطا مهمة في مسار تنزيله وتعميمه ليشمل كافة الفئات الاجتماعية، وستعمل خلال الأشهر المتبقية من السنة الجارية على استكمال هذا الورش ليشمل كافة الفئات الاجتماعية. وفي سنة 2023، ستعمل الحكومة على تعميم التعويضات العائلية ليستفيد منها 7 ملايين طفل من العائلات الهشة والفقيرة، و3 مليون أسرة بدون طفل في سن التمدرس، وذلك عبر اعتماد مقاربة الدعم المباشر، وستعمل كذلك على الإسراع في إخراج السجل الاجتماعي الموحد، ناهيك عن مواصلة تأهيل القطاع الصحي بتنزيل مشروع القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية المصادق عليه خلال المجلس الوزاري الأخير، ومواصلة إصلاح مؤسسات الرعاية الصحية الأولية، وتأهيل المستشفيات، وإحداث المجموعات الصحية الترابية، وتفعيل مخرجات الحوار الاجتماعي فيما يتعرق بتحسين الوضعية المادية للأطر الطبية، والتأسيس لإلزامية مسلك العلاجات، ورقمنة الخدمات الصحية، وتعزيز حكامة المنظومة الصحية، مع العمل على إخراج قانون الوظيفة الصحية، وتفعيل برنامج تعزيز الموارد البشرية بقطاع الصحة في أفق سنة 2030. كما يهدف مشروع قانون المالية 2023 إلى تنزيل إصلاح منظومة التقاعد، من خلال توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد لتشمل الأشخاص الذين يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش. وفي مجال التعليم، سيعمل المشروع على مواصلة تنزيل خارطة الطريق لإصلاح المنظومة التعليمية خلال الفترة 2022-2026 عن طريق خفض نسبة الهدر المدرسي بمقدار الثلث، وزيادة معدل تمكين المتعلمين من الكفايات الأساسية إلى 70 في المائة، وإحداث نظام أساسي جديد وموحد لهيئة التدريس والنهوض بالكفايات الخاصة بالأساتذة، مع الشروع في تنزيل برنامج مضاعفة عدد طلبة سلكي إجازة التربية لأزيد من 5 مرات في أفق سنة 2027. وسيعمل مشروع قانون المالية على تيسير الولوج إلى السكن اللائق باعتماد مقاربة جديدة للدعم تروم استبدال النفقات الضريبية بدعم مباشر للأسر لاقتناء السكن، مع إعداد مخطط عمل وطني مندمج للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، والعمل على إعداد النصوص التنظيمية للقانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، مواصلة برامج الحكومة في مجال التشغيل، وتشجيع مبادرات الشباب حاملي المشاريع في المجال الفلاحي. وفيما يتعلق بالنهوض بوضعية المرأة، تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية، سيتم تفعيل المؤسسات الدستورية المعنية بحقوق الأسرة والمرأة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية، فضلا عن معالجة الاختلالات والسلبيات التي تشوب التطبيق الصحيح والكامل لمقتضيات مدونة الأسرة، مع تعميم محاكم الأسرة على كافة التراب الوطني وتمكينها من الموارد البشرية المؤهلة ومن الوسائل المادية الكفيلة بأداء مهامها على الوجه المطلوب، كما سيتم تكثيف الجهود للرفع من معدل النشاط الاقتصادي للمرأة عبر اتخاذ تدابير تروم منحها فرص شغل أكثر في إطار برنامجي "أوراش" و"فرصة" ومختلف الاستراتيجيات القطاعية من جهة، وتمكينها من تجاوز المعيقات التي تحول دون اندماجها الاقتصادي من جهة أخرى. من جانب آخر، تولي الحكومة أهمية بالغة لمغاربة العالم، ولهذا ستواصل مجهوداتها لتحسين شروط ولوجهم إلى أرض الوطن في أحسن الظروف، وإلى تعزيز إشراك الكفاءات العليا لمغاربة العالم في إنجاز المشاريع والبرامج التنموية، وتقوية المنظومة المؤسساتية المخصصة لمغاربة العالم. أما على مستوى إنعاش الاقتصاد الوطني عبر دعم الاستثمار، ستواصل الحكومة دعم المجهود الاستثماري للدولة بالموازاة مع تحفيز الاستثمار الخاص، وتمكين البلاد من ميثاق تنافسي للاستثمار، وتفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار بما يمكن من تعزيز جاذبية المملكة وجعلها قطبا جهويا ودوليا في جلب الاستثمارات الأجنبية، وكل ذلك من خلال تنزيل مقتضيات القانون الإطار بمثابة ميثاق للاستثمار الذي تم المصادقة عليه في المجلس الوزاري الأخير، وتفعيل آليات دعم المشاريع الاستراتيجية ودعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وكذا دعم المقاولات المغربية التي تسعى لتطوير قدراتها على المستوى الدولي، ويأتي ذلك تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية بتسهيل جلب الاستثمارات الأجنبية التي تختار بلادنا في هذه الظروف العالمية الصعبة. كما يتطلع مشروع قانون المالية 2023 إلى مواصلة الجهود الرامية إلى تحسين جاذبية الاقتصاد الوطني، وتحفيز القدرة التنافسية للنسيج الإنتاجي الوطني من خلال تعزيز الاستقرار والعدالة الضريبية، عبر تنزيل مقتضيات القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي، بشكل يمكن من تعزيز حقوق الخاضعين للضريبة، كما يروم إطلاق استراتيجية جديدة للتحول الرقمي في أفق سنة 2030، تهدف بالأساس إلى رقمنة الخدمات العمومية، ووضع أسس انبثاق اقتصاد رقمي يخلق فرص الشغل، وتطوير القطاع المالي وتعزيز انخراط القطاعين الخاص والبنكي في مجال الاستثمار. سيعمل المشروع الحكومي كذلك على مواصلة مجهود الاستثمار العمومي، خصوصا فيما يتعلق بمشاريع البنية التحتية، وتفعيل الاستراتيجيات القطاعية التي أطلقتها بلادنا، كالجيل الأخضر، والتحول الصناعي، والسياحة، والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، ودعم تنافسية الوسم "صنع في المغرب"، وتعزيز السيادة الوطنية الغذائية والصحية والطاقية، كما سيروم تنزيل القانون الإطار المتعلق بإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، وتفعيل الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجية لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية. وسيتم اتخاذ كافة التدابير الاستعجالية لتأمين التزود بالماء الشروب، موازاة مع بلورة حلول هيكلية لمواجهة أزمة ندرة الموارد المائية، من خلال إطلاق مجموعة من المشاريع التي تتعلق على وجه الخصوص بتحويل الماء من أحواض سبو وأبي رقراق، وتنزيل برنامج لإنجاز محطات تحلية المياه بكل من الدارالبيضاء والداخلة وآسفي وكلميم والناظور، هذا إلى جانب القيام بتوسيع الاعتماد على إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة لأغراض سقي المساحات الخضراء والأراضي الفلاحية والاستعمالات الصناعية وحاجيات الفنادق السياحية. كما ستعمل الحكومة على تنزيل القانون الإطار المتعلق بإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، وتفعيل الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة، وتتبع نجاعة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية، وذلك بهدف تعزيز دور الدولة المساهمة، وعقلنة تدبير المحفظة العمومية، والرفع من مردوديتها. هذا ويعمل المشروع على تكريس العدالة المجالية، من خلال مواصلة كافة الأوراش الكبرى لإصلاح الإدارة، خاصة منها ما يتعلق بالحكامة الجيدة وتبسيط المساطر، والرقمنة، وكذا التسريع بتنزيل ورش اللاتمركز الإداري، بما يضمن تقريب الإدارة من المواطن والمقاولة، والرفع من مردودية المرافق العمومية ومن جودة خدماتها. وتحرص الحكومة على تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في جميع مناحي الحياة اليومية، وقد أعدت خارطة طريق تتضمن 25 إجراء تشمل إدماج الأمازيغية في الإدارات والخدمات العمومية والتعليم والصحة والعدل والإعلام السمعي البصري والتواصل والثقافة والفن، ناهيك عن إطلاق مشروع تخصيص 300 عون استقبال ناطقين بالأمازيغية لمواكبة المرتفقين بالمحاكم والمستشفيات والمراكز الصحية. هذا وتهدف الحكومة كذلك من خلال مشروع قانون مالية 2023 لتكثيف الجهود الرامية إلى الحفاظ على التوازنات الاقتصادية، واستعادة الهوامش المالية من أجل ضمان استدامة الإصلاحات، من خلال ترشيد النفقات العمومية وعقلنتها من جهة، وتعزيز موارد الدولة لتمويل السياسات العمومية من جهة أخرى، خصوصا فيما يتعلق منها بتنزيل الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، كما تهدف للعمل على التقليص التدريجي لعجز الميزانية، بما يمكن من وضع ماليتنا العمومية في مسار تقليص المديونية، وتعزيز التوازن المالي واستعادة الهوامش المالية الضرورية لمواصلة الأوراش التنموية والإصلاحية.