قال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إنه "آن الأوان لمراجعة مدونة الأسرة، بما يتلاءم مع مقتضيات الدستور ومضامين الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب". وأوصى المجلس، في رأي له بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، الذي يصادف 8 مارس من كل سنة، "بإجراء مراجعة طموحة لمدونة الأسرة، كفيلة بحماية النساء وضمان حقوقهن". واعتبر مجلس أحمد رضا الشامي، أنه "لا يمكن تحقيق المساواة بين النساء والرجال وضمان المشاركة الكاملة للمرأة في جميع مناحي الحياة العملية دون إطار قانوني منسجم مع طموحات البلاد، يضمن للمرأة التمتع بحقوقها كاملة دون أدنى تمييز". إشكالات المدونة قال المجلس، إنه بعد مرور حوالي 20 سنة على اعتماد مدونة الأسرة بالمغرب، هناك إشكالات واختلالات تعتري هذا النص التشريعي على مستوى جوانب مختلفة. وأوضح المجلس أن هذا النص التشريعي يتضمن إشكالات على مستوى الولاية على الأطفال، إذ "لا يسمح للأم بالولاية على أبنائها. وإذا كان للأم حق الحضانة على الأطفال بشكل تلقائي، اللهم في بعض الحالات الخاصة، فإن الأب يعتبر الولي الشرعي الوحيد على الأطفال". واعتبر المصدر ذاته، أن هذا الوضع "يتعارض مع مبدأ تقاسم المسؤوليات الأسرية بين الزوجين، لاسيما تلك المتعلقة بالأطفال. كما أن هذا المقتضى يؤثر سلبا على إعمال حقوق وواجبات الوالدين المنفصلين تجاه أطفالهما عندما تستمر الخلافات بينهما". بالإضافة إلى ذلك، فإن زواج المرأة طالبة الحضانة يُسقط عنها حق حضانة الأطفال إلا في حالات خاصة. كما أورد المجلس أن الزواج المبكر، من الاختلالات التي تعتري مدونة الأسرة، إذ لا تزال هذه الممارسة خاضعة للسلطة التقديرية للقضاة". لذلك، طالب المجلس "بإلغائها تحقيقا للمصلحة الفضلى للطفل المنصوص عليها في الدستور وفي الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، لا سيما اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة". كما ركز المجلس على إشكال الأموال المكتسبة، من لدن الزوجين خلال فترة الزواج، معتبراً "أنه يشكل توزيع الأموال بين الزوجين في حالة الطلاق أو وفاة أحدهما، جانبا آخر يحتاج إلى المزيد من التطوير والملاءمة". وتابع: "ذلك أنه لا يتم بعد الاعتراف بالعمل المنزلي الذي تضطلع به المرأة (المندرج ضمن حق الكد والسعاية) ، وبالتالي تُحرم من حصتها في الأموال التي اكتسبتها الأسرة خلال فترة قيام العلاقة الزوجية، في حالة عدم تمكنها من إثبات مساهمتها بشكل مباشر وموثق في تنمية أموال الأسرة". كما أكد على أن "آجال الفصل في دعوى طلب التطليق بسبب الشقاق غالبا ما تكون طويلة وتتجاوز في الغالب 6 أشهر. وخلال هذه المدة، تصبح ظروف التعايش داخل الأسرة معقدة، ويمكن أن تؤدي التوترات حول المسطرة إلى حالات من العنف الزوجي والأسري." شعور بانعدام الأمن وأكد المجلس أن "هذه الأشكال من التمييز تؤدي إلى تكريس شعور النساء بانعدام الأمن على المستوى القانوني والقضائي والاقتصادي والاجتماعي". كما أنها "تنعكس سلبا على حقوقهن وتؤدي إلى تقليص حريتهن، كما تكرس تبعيتهن وارتهانهن بالغير. لذا، يصبح من الصعب، في ظل هذه الظروف، مكافحة استمرار العنف إزاء النساء، عندما تواجهن خطر الهشاشة المالية عقب الطلاق، وذلك بسبب وجود منظومة غير منصفة لاقتسام الأموال المكتسبة"، يقول المجلس. من هذا المنطلق، دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى مراجعة مدونة الأسرة، من خلال التسريع بإطلاق نقاش عمومي مفتوح وتعددي ومسؤول، ودينامية تفكير جماعي مستندة إلى رأي الهيئات المؤهلة، حول جميع القضايا المتعلقة بالزواج، والطلاق، والتركة، والبنوة، وحضانة الأطفال، والاعتراف بالعمل المنزلي للمرأة، وغير ذلك". وشدد على أنه "يتعين أن ينصب هذا النقاش أيضا، وبدون تحفظ، على القضايا المتعلقة بالحقوق الفردية وصحة ورفاه النساء".