كثفت أوكرانيا، استعداداتها لمواجهة خطر تعرضها لغزو روسي وشيك، إذ استدعت جنود الاحتياط وحضت رعاياها على مغادرة روسيا وصوت برلمانها على قرار بإعلان حالة الطوارئ، كما تلقت تحذيرات استخبارية أميركية من احتمال إعلان روسيا الغزو خلال الساعات ال48 المقبلة. وأصدرت أوكرانيا أمس الأربعاء أمرا بتعبئة جنود الاحتياط الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما، ودعت رعاياها في روسيا والبالغ عددهم نحو 3 ملايين بحسب بعض التقديرات، إلى مغادرتها فورا. كما صادق البرلمان الأوكراني على قانون يجيز للمدنيين حمل السلاح، وذلك في وقت تتواصل فيه الاشتباكات في شرق البلاد بين القوات الأوكرانية والانفصاليين المدعومين من روسيا. وقال وزير الأمن والدفاع الوطني الأوكراني أوليكسي دانيلوف إن الإجراءات المتعلقة بحالة الطوارئ ستستمر شهرا قابلا للتمديد و"قد تشمل تعليق أنواع معينة من وسائل النقل وزيادة عمليات تفتيش المركبات ومطالبة الناس بإبراز أوراق ثبوتية"، واصفا ذلك بأنه إجراء "وقائي". وتأتي هذه الإجراءات بعد يومين من توقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما يعترف فيه بمنطقتي دونيتسك ولوغانسك شرقي أوكرانيا "جمهوريتين مستقلتين". هجوم إلكتروني وأمس الأربعاء تعذر الوصول إلى عدد من المواقع الحكومية الأوكرانية، منها موقع الحكومة وموقع وزارة الخارجية. وقال وزير التحول الرقمي ميخايلو فيدوروف، في بيان عبر تليغرام، إنه في حوالي الساعة الرابعة بعد الظهر، بدأ هجوم إلكتروني واسع النطاق على الدولة الأوكرانية. وأوضح فيدوروف أنه وقعت مشاكل في الوصول إلى مواقع وزارة الخارجية والحكومة والبرلمان. وأكد أن موقع البوابة الحكومية الإلكترونية تصدى للهجوم السيبراني، وواصل عمله دون مشكلة. وقالت السلطات الأوكرانية هذا الأسبوع إنها رصدت تحذيرات عبر الإنترنت من أن قراصنة يستعدون لشن هجمات كبيرة على الهيئات الحكومية والبنوك وقطاع الدفاع. من جهة أخرى، أعلن الجيش الأوكراني مقتل جندي في قصف شنه انفصاليون موالون لروسيا على خط الجبهة في شرق البلاد. ولم تحدد القوات المسلحة الأوكرانية مكان الهجوم، واكتفت بالقول في بيان إن جنديا "قتل متأثرا بجروحه" وآخر أُصيب بجروح جراء قصف. ومنذ مطلع العام وتصاعد التوتر على الجبهة في شرق أوكرانيا، قتل 9 جنود من القوات المسلحة الأوكرانية ومدني، معظمهم جراء قصف. بدورهم، اتهم الانفصاليون الموالون لروسيا في دونيتسك الجيش الأوكراني بخرق وقف إطلاق النار 66 مرة خلال الساعات ال24 الماضية، وباستخدام صواريخ غراد، وذلك لأول مرة منذ 4 أعوام. وأضاف الانفصاليون أن 5 صواريخ غراد سقطت على أطراف حي "كييفسكي" شمالي دونيتسك القريب من خط التماس، ولم يعلنوا في المقابل عن وقوع خسائر بشرية جراء هذا القصف. الانفصاليون الموالون لروسيا قالوا أيضا إن تفجيرا استهدف الليلة الماضية مبنى التلفزيون في دونيتسك دون أن يخلف ضحايا. حشود روسية وفي السياق ذاته، أعلن جهاز أمن الدولة الأوكراني تزايد الحشود الروسية على الحدود مقابل منطقة خاركيف الأوكرانية. ومن جهتها، نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن تقارير استخبارية أميركية تأكيدها أن هناك صورا تظهر تقدما منظما لقوات روسية نحو حدود أوكرانيا. وكانت وكالة رويترز للأنباء ذكرت أن صور أقمار صناعية أظهرت نشر أكثر من 100 مركبة عسكرية عند حدود بيلاروسيا مع أوكرانيا. وذكرت الوكالة أيضا أن قافلة عسكرية تضم أكثر من 100 مركبة في منطقة بيلغورود الروسية شوهدت تتجه نحو الحدود الأوكرانية. ووفقا لوزير الدفاع البريطاني فإن روسيا حشدت على الحدود الأوكرانية قرابة 65% من قواتها البرية المقاتلة. وبدوره، قال وزير الدفاع الروسي إن نحو 60 ألف عسكري أوكراني يتمركزون بالقرب من حدود لوغانسك ودونيتسك. وقال أندريه تورتشاك العضو البارز في الحزب الحاكم في روسيا، إن الجيش الروسي سيدخل منطقتي لوغانسك ودونيتسك إذا طلب زعماؤها ذلك، مشيرا إلى أن أي انتشار من هذا القبيل سيكون "له طابع عمليات حفظ السلام"، على حد وصفه. من جهة أخرى، شرعت روسيا في إجلاء موظفيها من جميع منشآتها الدبلوماسية في أوكرانيا. وردا على استفسار هاتفي لوكالة الصحافة الفرنسية، أكد الناطق باسم السفارة الروسية في كييف دينيس غولينكو أن عملية الإجلاء جارية. ولم يعد العلم الروسي يرفرف على سطح السفارة الروسية بالعاصمة الأوكرانية. وأفاد غولينكو بأن العديد من السفارات الغربية أجلت أيضا جزءا من طواقمها الدبلوماسية وأن موسكو قررت أن تقوم بالأمر نفسه "كإجراء مؤقت". تحذيرات أميركية وعلى صعيد آخر، قالت وزارة الدفاع الأميركية إن 20 مروحية أباتشي (Apache) هجومية ستنتقل من ألمانيا إلى منطقة البلطيق، كما أن 800 جندي أميركي سيتوجهون من إيطاليا إلى البلطيق أيضا. واستنادا للبنتاغون فإن 8 مقاتلات من طراز "إف 35" (F-35) ستنتقل من ألمانيا إلى مناطق مختلفة في الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي (ناتو). ونقلت مجلة نيوزويك (Newsweek) عن مسؤولين استخباراتيين أميركيين أن إدارة الرئيس جو بايدن أبلغت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمعلومات استخباراتية تتوقع بدء غزو روسي شامل لأوكرانيا خلال الساعات ال48 المقبلة. ونقلت المجلة عن مسؤول أميركي أن التقارير الاستخباراتية تشير إلى أن روسيا انتهكت المجال الجوي الأوكراني في وقت سابق اليوم، وحلّقت ما يُحتمل أنها طائرات استطلاع لفترة وجيزة فوق البلاد. وذكرت المجلة أن مصدرا قريبا من حكومة الرئيس الأوكراني أكد أن كييف تلقت بالفعل التحذير الأميركي. كما أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن لندن ستقدم مزيدا من الدعم العسكري لأوكرانيا، بما في ذلك الأسلحة الدفاعية الفتاكة والمساعدات. وخلال كلمة أمام مجلس العموم، أعرب جونسون عن أمله في أن يتخذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرارا بخفض التصعيد، محذرا في الوقت ذاته من أن الغرب مستعد لفرض مزيد من العقوبات على روسيا.