وجب التأكيد بداية أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال العودة مجددا لزمن ما قبل دستور2011، لكن المصاب الجلل أن الأمين العام لحزب العدالة و التنمية الذي يتصدر المشهد الحزبي، هو فرعون حزبي يستمر في العمل بهواية سياسية منحطة المستوى تستحق وصف » سياسة شوارع « ، و يبدو أنه أدمن لعب دور المعارضة ، فلما تم إعفاؤه من المشاركة في تسيير أمور الدولة التي فشل فيها إتجه بنذالة الجبناء إلى التنصل من مسؤوليته السياسية بل الأدهى من ذلك إصراره على ثقافة خرق القانون و السعي المشبوه نحو تفصيل قوانين التمديد لولاية ثالثة على مقاس » ديمقراطية بنكيران « . ووفق تقليد فرعوني حيث أن الداعية السابق عبد الإله بنكيران لا يريدنا كشباب أن نرى إلا ما يراه هو و أنه هو يهدينا سبيل الرشاد الديمقراطي.و لعمري إنها أبهى تجليات السيبة الحزبية و أقوى تمظهرات الخرافة السياسية ؛ فمتى كان الفرعون بنكيران ديمقراطيا حتى يقدم لنا دروسا تافهة في ممارسة السياسة ؟! ، و أين كانت هذه الغيرة على الديمقراطية عندما كان يمارس الحكم و التحكم إبان ولايته الحكومية ؟! و لماذا يتهرب هو فريقه من مسؤولية القوانين التنظيمية التي صادق عليها نواب الأحزاب داخل المؤسسة التشريعية في تقزيم مكتسبات دستور 2011 ؟! . بكل بساطة فرعون العدالة و التنمية طغى و استكبر و الفراغ السياسي يتيح له توسيع قاعدة أتباع الخرافة بعد فشل منظومة التعليم التحديثية في بلوغ غاياتها الحقيقية ، و لابد من القول بأن مؤشرات الخطر المؤسساتي تستمر في الارتفاع ، و لا غرابة في أن يصدر من بنكيران كل هذا الحقد و هوس الأنا الحاضر بقوة في خطاباته، فلم يتبث التاريخ و لا العلم المادي أن الأمم ترتقى بمثل هذه الشخصيات الحزبية. بنكيران لا يفهم من الديمقراطية إلا غنيمة السلطة و هذا ما جعل التحالف الحكومي يبدو كأنه مهزلة من خلال مشهد مجموعة من الأشخاص التقوا في لحظة لتشكيل الحكومة، و باتت هذه الحكومة في عداد المحجور عليهم بسبب تعلق مصيرها بالهزات الارتدادية التي يعرفها حزب العدالة و التنمية الذي يترأسها،و تأثير الخلافات والصراعات و الانقسامات و حرب المواقف و المواقع بين قياداته و تنظيماته.و هنا لا بد من التركيز على الجانب السياسي تبعا للدور الواسع لمؤسسة رئاسة الحكومة وفق ما تقدمت فيه أحكام الدستور، ولأننا نعلم كذلك أن فرعون العدالة و التنمية يحاول تحجيم مسؤولية رئاسة الحكومة السابقة،متوهما أنه بهذا التحجيم سيتمكن من الإفلات من العقاب و الإلتفاف حول المبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة.و لعل هذه هي الأسباب وراء حديثه المشبوه عن تعديل الدستور حتى يستطيع تعطيل المسار القانوني لتنزيل أحكام الدستور. أيضا لا يمكن عزل مواقف بنكيران عن سياق الحزب–الجماعة الأم و التي تبدو هذه الأيام مصرة على الاستمرار في خلط الخطاب الدعوي بالخطاب المعرفي،و تغليف كل هذا بالدفاع تارة عن الدين مع تكفير الفكر العقلاني داخل المنظومة التعليمية. و ربما يؤكد فقهاء الجماعة أنهم الأدوات الحقيقية لتعطيل التعليم و قتل » العقل النقدي « ، فلا مصلحة لهم إلا مع هيمنة » العقل النقلي » الذي يمنحهم إمكانية توسيع قاعدة الأتباع. إنهم يقتاتون من الخرافة و يسترزقون بها، فهم يبالغون في نشر الفقه الجاهل و يتناسون أن آية » إقرأ » كانت كافية لبداية التحول المعرفي عند الرسول محمد القدوة الحسنة لكل الأجيال الباحثة عن النور المعرفي.