تتسع يوما بعد الآخر دائرة التعاون بين المغرب وإسرائيل، لتشمل مجالات عدة، آخرها ما يتعلق بأنشطة التنقيب، وذلك بعد إعلان شركة "ريشيو بتروليوم" Ratio Petroleum الإسرائيلية عزمها التنقيب عن الغاز والنفط في جنوب المملكة. وكشفت الشركة المتخصصة في مجال التنقيب عن الغاز والنفط، وفق وسائل إعلام إسرائيلية، عن توقيعها اتفاقية مع "المكتب المغربي للهيدروكاربورات والمعادن"، تخول لها حصريا دراسة واستكشاف ما تختزنه كتلة "أتلانتيك الداخلة" بجنوب المملكة من ثروات طبيعية. ويعد قطاع الطاقة من بين القطاعات الواعدة التي يسعى كل من المغرب وإسرائيل أن يشملها نطاق التعاون الثنائي بينهما، إلى جانب مجالات البحث والابتكار والسياحة والطيران والفلاحة والبيئة والتجارة والاستثمار. ومنذ استئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب في ديسمبر الماضي، يحرص البلدان على التسريع والرفع من وثيرة تعاونهما عبر توقيع مجموعة من الاتفاقات الثنائية في مجالات مختلفة، كان آخرها مصادقة الحكومة الجديدة على اتفاقية خاصة بالخدمات الجوية وأخرى متعلقة بالتعاون في مجال الثقافة والرياضة. آفاق التعاون في أغسطس الماضي، وخلال لقاء جمعه مع نظيره الإسرائيلي، يائير لابيد، في الرباط، أكد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، وجود "آفاق واعدة للتعاون" بين البلدين، مبرزا أن العلاقة الثنائية بين المغرب وإسرائيل تعرف دينامية جديدة بفضل الإرادة التي تحدو الطرفين. يؤكد الخبير الاقتصادي المهدي هاديني، أن التعاون بين البلدين مرشح لأن يشمل مجالات عديدة مستقبلا، من أبرزها قطاع البحث العلمي، والذي قطعت فيه إسرائيل أشوطا كبرى وأحرزت فيه تقدما مهما، يمكن للمغرب الاستفادة منه. ويرى الباحث أن هذا التعاون تجسد، مؤخرا، عبر الاتفاقية الموقعة من قبل مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط ومجموعة إسرائيل للكيماويات المحدودة، من أجل النهوض بالبحث التطبيقي، وهي الشراكة التي تنصب بشكل خاص على عدة مجالات من بينها الزراعة الذكية والمستدامة والماء. ويرى الخبير الاقتصادي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن البلدين بوسعهما تحقيق نتائج هامة في المجال الزراعي عبر استغلال المساحات الزراعية الشاسعة التي يتوفر عليها المغرب، واستعمال التكنولوجيا المتطورة التي طورتها إسرائيل في هذا المجال. ويضيف هاديني، أن الخبرة والبحث والتطور الزراعي في إسرائيل يمكن الانتفاع منه أيضا لتنمية هذا القطاع في المناطق الجنوبية للمملكة ومعالجة المشكلات الزراعية هناك. مصالح مشتركة ولا يفوت مسؤولو البلدين مناسبة دون تجديد تأكيد عزمهم تطوير وتثمين التعاون الثنائي سواء على مستوى القطاع العام أو الخاص. يقول مدير المركز المغربي للدراسات الاستراتجية، محمد بنحمو أن العلاقات التي تجمع المغرب بإسرائيل، علاقات تحكمها المصالح المشتركة المبنية على الاحترام المتبادل. ويضيف في تصريح ل"سكاي نيوز عربية"، أنه كان من الطبيعي أن تشهد العلاقات بين الرباط وتل أبيب زخما كبيرا ودينامية قوية، فضلا عن التعزيز بشراكات تشمل مجالات اقتصادية مهمة ومتنوعة. ويشدد المتحدث، على أن "استئناف العلاقة بين البلدين لا يعتبر غاية بحد ذاته، بل بداية لمسار جديد من الشراكة البناءة، أساسها تعزيز التعاون وضمان المصالح المشتركة، وهو ما يسعى الطرفان لتحقيقه". وتعتبر أنشطة التنقيب من بين مجالات التعاون الجديدة التي ستجمع بين الرباط وتل أبيب، في حال صادقت الحكومة المغربية على الاتفاق الذي وقع بين شركة "ريشيو بتروليوم" للتنقيب عن الغاز والنفط و"المكتب المغربي للهيدروكاربورات والمعادن". وستبلغ المساحة الإجمالية ل"البلوك" الذي سيشمله نشاط شركة "ريشيو بتروليوم" الإسرائيلية في ساحل المحيط الأطلسي أكثر من 129 ألف كيلومتر مربع، وسيمتد نطاق هذا النشاط إلى المياه الضحلة والعميقة بنحو 3 آلاف متر. وسيتيح الاتفاق للشركة الإسرائيلية، التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي لمدة تصل لثماني سنوات قابلة للتمديد سنتين إضافيتين. يقول الكاتب العام للنقابة الوطنية لصناعات البترول والغاز، الحسين اليماني، إن هذا الاتفاق الجديد، يندرج في إطار الاتفاقيات التي شرعت كل من الرباط وتل أبيب في إبرامها في عدة مجالات، منذ قرار استئناف العلاقات بين البلدين. ويشير اليماني في تصريح ل"سكاي نيوز عربية " إلى أن الشركات الإسرائيلية العاملة في مجال التنقيب عن النفط والغاز تملك تجربة مهمة في هذا المجال، راكمتها من خلال اشتغالها في مناطق عدة عبر العالم. حظوظ وافرة ومن المرتقب أن تنضم الشركة الإسرائلية، إلى ركب شركات دولية أخرى تنشط منذ سنوات في مجال التنقيب عن حقول للبترول والغاز، واستكشاف المعادن في مناطق مختلفة من المملكة. وكانت المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، أمينة بنخضرة، قد أكدت في وقت سابق أن المغرب منح 70 رخصة للتنقيب و10 امتيازات استغلال لشركات النفط والغاز العالمية. وأوضحت بنخضرة، في تصريح صحفي، أن "عملية التنقيب عن النفط طويلة الأمد ومكلفة ومحفوفة بالمخاطر"، وأشارت إلى أن "أكثر من 97 في المائة من الاستثمارات ينفذها شركاء أجانب حاصلون على تراخيص التنقيب الخاصة بهم، كما تتوفر عدة مناطق على إمكانات برية وبحرية". يقول الحسين اليماني، إن الاستثمار في مجال التنقيب عن الغاز والنفط، عملية مكلفة ومغامرة محفوفة بالمخاطر قد تنتهي باستنزاف موارد مالية طائلة دون التوصل إلى النتائج المنتظرة، بالرغم من الدراسات والمؤشرات التي تسبق عملية اختيار موقع التنقيب".