كان يدل الوشم في الماضي على الهوية والتقاليد البربرية ويعتبر شكلا من أشكال الانتماء إلى روح القبيلة في المغرب. وبالرغم من تحريمه في الدين الإسلامي، إلا أن جيل شباب اليوم يميلون إليه للتعبير عن التحرر من قيود المجتمع والاختلاف عن الآخر، وحتى العصيان المجتمعي. وفي العاصمة المغربية، الرباط، يفتخر أحمد تبير، البالغ من العمر 34 عاما، بالوشوم المرسومة على جسمه وساقه وذراعيه وسط نظرات مستنكرة وغير راضية من "محيطه المحافظ". يقول أحمد، الذي اختار شكل كل وشم بحسب تجربة عاشها في حياته: "تبدأ معاناة الأشخاص الذين يحملون وشوما عندما يريدون العمل في مكان ما. ففي أحيان كثيرة، يرفض أصحاب العمل توظيفهم". وبالرغم من إقبال المغاربة على رسم الوشوم في الماضي، خاصة الوشم الأمازيغي الذي كان علامة سيميائية أمازيغية بامتياز لأجيال كثيرة في المغرب، إلا أنها بدأت تندثر تدريجيا حتى اختفت عن الأنظار بشكل شبه تام. وبسبب هذا التغيير الذي طبع على العادات والتقاليد في البلاد، تلقى الأساليب الحديثة التي يتبعها الشباب مثيرة للجدل وغير مقبولة بين أفراد المجتمع على نطاق واسع. وعلى المستوى الديني، يعتبر الإسلام الوشم حراما وممنوعا، ويدين الحديث النبوي، الذي يروي أقوال وأفعال النبي محمد، أي محاولات من شأنها إحداث تغيير على خلق الله. يقول عالم الاجتماع، مصطفى ياسين، إن الإقبال على صالات الوشم يتزايد، لكن الكثير من الناس ما زالوا يتخذون مواقف محافظة. ويتابع: "لا يزال المجتمع المغربي يرفض فكرة الوشم لأسباب عديدة منها دينية وصحية واجتماعية. وعلى الرغم من هذا الرفض إلا أن هناك إقبالا متزايدا على صالونات الوشم، ولكن لا توجد حرية مطلقة إذ يتجه بعض الشباب إلى رسم الوشم بالسر. وهناك من يتحدون المجتمع على الرغم من تعرضهم لبعض التنمر". ومن جهته، يقوم فنان الوشم نبيل الدخيري اليوم بتصميم وشوم بأسلوب الكتابة اليابانية، ويقول إن آراء المجتمع تتغير، لكن ببطء. مضيفا: "أعتقد أن آراء الناس تتغير عاما بعد عام، إذ يوجد فرق بين ما كان شائعا في عام 2008، مقارنة بعام 2010 و 2016 و 2021. يمكننا أن نرى أن الناس يتقبلون فكرة الوشم مع مرور الوقت. هناك أيضًا تغيير في الفئات العمرية للأشخاص الذين يقبلون الوشم، والتي لا تقتصر حاليا على الشباب فقط". ويذكر أن صالات الوشم في المغرب غير معترف بها في القانون ويمكن العثور عليها في المدن الكبرى فقط، مثل الرباط والدار البيضاء ومراكش.