عن دار خطوط وظلال بالأردن، كتاب «نظريّة السّرد في الخطاب النّقدي العربي: التّعدّد والانحياز» للباحث المغربي سعيد أوعبو، في 374 صفحة، جاء في بابين، انصب الأول على منجز سعيد يقطين، من خلال مكاشفة الناقد سعيد أوعبو إشكاليّة الأجناس الأدبيّة في الفصل الأول، مفصّلا في المبادئ الأساسيّة الملتحمة بالجنس الأدبي. الفصل الثاني يرتكز على محايثة الخطاب، عارضًا المرتكز النّقدي في الاشتغال بالنّوع والمقولات النّحوية والتّجريديّة، والتّوقّف أيضا عند حدود نسقيّتها المتعاقبة، وإذكائها بالتّشبيك، سيما مع خصوصية البويطيقا الجديدة الممهّدة لنشأة السّرديات الأدبيّة الكلاسيكيّة، وإبانة مدى تأثير على التخصصات اللاحقة. واختتم الباب الأول بمستويات اشتغال التّفاعلات النّصّيّة، للتّفصيل في سبُل الانتقال من المستوى النّحوي للخطاب صوبَ المستوى الوظيفي، والاشتغال على التّجلّيات الأساسيّة تعبيرا عن جدوى المواضعة في تشكيل النّص، ويُعنى الأمر بالسّياقات الاجتماعيّة والسّياسيّة والثّقافية والرقمية، والمستويات التّداوليّة، والعمل على إظهار حجم النّسقيّة في التّدرّج النقدي، واستثمار نتائج تحليل الخطاب الرّوائي في الانفتاح النّصي، ومن الانفتاح الورقي إلى الرقمي. أما الباب الثاني فجاء خصّيصا لدراسة مشروع عبد الله إبراهيم المنتمي للدّرس الثّقافيّ في تفكيك الظاهرة السردية ومدونتها، وإعادة تخصيبها وفق فهم معتد بثنائية التلاشي والبزوغ، ويتغيا الاشتغال تتبّع مسار نشأة السّرد العربي في منجزات الناقد العراقي، المختطّة برؤية ثقافيّة صُدِّر الباب بمراميها ومقصدها، والاعتداد بالتّعاقبية السياقية لبلورة تشكّل السرد، وتصحيح معطيات النشأة السردية، لاسيما الروائيّة. وارتهن الكاتب تشطير الباب في فصله الأول بالتلقي والميتافيزيقا واستخلاص النوع السرديّ، والإحاطة عبره قدر الإمكان بالمرويّات وتشكُّلها ثقافيًّا، والتّنبيه بمسارات السّرد السّياقيّة، بما تمليه نظريّة الصّيغ، كونها إبدالا معرفيّا للمحاكاة، والاقتصار على تمثيل إحدى الأنواع السّرديّة، بعرض مستويات تشكّلها، والموجّهات التأطيرية في تبلورها. وارتكز الفصل الثاني بنقض الاستشراق والتّحقق من الرّيادة، من خلال تناول نشأة الرّواية بشكل حصريّ في موسوعة السّرد العربي، تحققا من ريادتها عبر تتبّع مسارات تكوّنها، وإعادة ضبطها، من منطلق المؤثرات المسهمَة في هيكلتها، سيما في ظل انتصار الناقد إلى التفاعلات القائمة على صهر الأنواع الكبرى وانبثاق أخرى لاحقة متغذية على النوع السابق، وإيمانه بتلاشي التخوم فنيا وجغرافيا في مدار الاحتكام إلى إشكالية الأسبقيّة. ثم الانتقال إلى التمثيل الثقافي للتّفاعلات الثّقافيّة، بالاقتصار على المواضيع الثّقافية في الرّواية التّمثيليّة، الرامية إلى رؤية العالم من زوايا متعددّة، من قبيل (النّسوية، أدب المنفى والاعتراف، والتّخيّل/ التّخييل التّاريخي) واستمداد أرضيتها المرجعية، من قبيل: خطاب الاستعمار، ونظريّة ما بعد الاستعمار؛ ومتابعتها بتوطين الأشكال البدئية والأشكال الأخرى الممتدّة، مع تخليقنا لممكنات ومقترحات قراءة إنشائية الخطاب وموقعة درجات الفاعلية في الانشغال بالأسئلة الإنسانية وقضايا الإنسان. أما جدوى الدّراسة فهي راسية فيما تتضمنه من استنتاجات في انتقاء المتون والمرجعيات والتّصور والمفاهيم المشتغَل بها من الناقدين، بما هو ممكّن من رصد خصوصية الدرس الأدبي والدّرس الثقافي في استثمار النظرية السردية.