بهويّة بصرية جديدة وجذابة، صدر مؤخرا العدد 14 من المجلة الدولية العلمية والأكاديمية المحكمة، "أبحاث معرفية"، عن منشورات جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز بفاس، والمعهد الدولي للأبحاث والدراسات في العلوم المعرفية، ومختبر علوم اللغة والآداب والفنون والتواص والتاريخ. المجلة يديرها ويرأس تحريرها الأستاذ الدكتور مصطفى بوعناني، أستاذ اللسانيات المعرفية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. تتوجّه المجلة في حلتها الجديدة -كما كان دأبها دائما منذ ما ينيف عن عقد من الزمن- لقرائها المتخصصين في العلوم المعرفية، من خلال نشر الأبحاث والدراسات الأكاديمية المتخصّصة والبينية، وذلك بتحديات علمية متجددة لتعزز دورها العلمي في مجتمع المعرفة الحديث، سواء في السياق المغربي أو السياق الدولي. لم تحِدْ المجلة عن خطها التحريري في النشر الأكاديمي المحكم ورهاناتها العلمية الموضوعية التي سنّتها منذ أول أعدادها، فقد شكل صدور العدد الأول –كما ورد في تقديم العدد الجديد- من المجلة منذ ما يزيد على عقد من الزمن، رهاناً معرفياً مهماً، ابتغت أسرة تحريرها ولجانها العلمية -وقتئذ- من خلاله توفير منبر علمي لمجال من البحث يتّسع في براديغمه المعرفي ليشمل العديد من العلوم: اللسانيات، وعلم النفس، وعلوم الأعصاب، والمعلوميات، والذكاء الاصطناعي... ويوفر للباحثين في هذه المجالات المتكاملة والمحكومة بالبينية التخصصية والتكامل العلمي النظري والتطبيقي، مساحة مهمة من التفاكر والتدارس وتبادل الخبرات. فعملياً، (وكما ورد في تقديم المجلة دائما) تقتضي المتطلبات النظرية والإجرائية للاشتغال على العلوم معرفيّاً إدراكاً عميقاً لكل المسارات الذهنية التي تستلزمها المعالجة الدقيقة للمعارف على حد إدراكها، وتنظيمها، وإعادة بنائها، وإنجازها أيضاً؛ وهو مسلك في البحث تسهم في بلورة خطواته نتائج العديد من العلوم الإنسانية والحقة؛ وتوجهه وجهات مختلفة في الاستقراء والاستقصاء، وفي المعالجة والتحليل. إنها محاولة لرسم شكل هندسي تقريبي لما يحصل في الذهن، أثناء عمليات إنتاج التفكير والمعرفة. وإذا كان الباحثون في العلوم المعرفية، الدارسون لمسار تطور الاشتغال بها تنظيراً وتجريباً، في أنحاء مختلفة من العالم، يجمعون على أن الباحثين الأوائل، ممن خاضوا رهان تأسيس العلوم المعرفية، كانوا في الأصل باحثين معلومياتيين، ولسانيين، وسيكولوجيين. فقد تحددت معالم النظر في العلوم المعرفية، ارتباطاً بما آل إليه شأن البحث العلمي الحديث فيها، وفق مظهرين متفاعلين ومتكاملين أيضاً: يرتبط الأول بإنتاج نماذج معلومياتية، حيث توافق إواليات الفكر مستويات التحليل المنطقي؛ ويتأسس الثاني على عمق عصبي (نورولوجي) توافق-بمقتضاه- إواليات التفكير مستويات التحليل العصبي (النورولوجي). وبذلك تنتظم اختصاصات البحث المعرفي وفق ثوابت تحديد جديدة يصبح معها المقصد العلمي من هذا التوجه -داخل المجال الأرحب للعلوم المعرفية- ليس هو تحليل وظيفة عنصر معزول داخل المجموعة، بل هو -على العكس من ذلك- منزع عميق نحو فهم طريقة الاشتغال الموجهة للدماغ داخل المجموعة المساهمة في تشكيل فكرنا، ولغتنا، وذاكرتنا، أو بتعبير أدق: تشكيل نشاطاتنا المعرفية في شموليتها. تجدر الإشارة إلى أنّ العدد 14 لسنة 2024 من مجلة "أبحاث معرفية" هو الأخير من صيغة النشر الورقي، حيث يعمل مدير نشرها ورئيس التحرير الدكتور مصطفى بوعناني حالياً على تعزيز هذه الصيغة في النشر بأخرى إلكترونية مع خلق موقع إلكتروني للمجلة، وتوطينها في العديد من قواعد البيانات الوطنية والدولية، لضمان منظورية أحسن وقيمة انتشار علمي أكبر. واعتباراً لذلك، سيشكل العدد المقبل (العدد 15) -بحول الله- نقلة نوعية للمجلة: تقنياً، وعلمياً، إدارة وتسييراً، توضيباً وتصنيفاً... استجابة لطموح الباحثين في العلوم المعرفية، ومسايرة لمتطلبات الجودة العلمية التي تقتضيها متغيرات إنتاج المعرفة في سياقنا الوطني والدولي، ونشرها فيهما وفق مقتضيات الجودة والقيمة التي تستلزمها ثوابت النشر العالمي بحول الله. تضمن العدد الجديد من "أبحاث معرفية" دراسات علمية متنوعة على قدر كبير من الأهمية، انتظمت على النحو التالي: "الكلمة والمورفيم: إشكال المفهوم والتقسيم، دراسة تقويمية في ضوء نظرية السبر" للباحث خالد بن سلمان الكندي، "دماغ الطفل وتعلم الكتابة: دراسة ميدانية حول إدراك وتشابه الحروف العربية والتعلّم الأولي" للأستاذة الباحثة الدكتورة عتيقة بونو،"نمذجة معنى مفردة في سياق النص بين التذهين والحوسبة وفق نظرية تظافر القرائن: دراسة عصبية معرفية" للباحثين محمد بن سلمان العميري ومحمد محمد فهد السداني، "واقع التعليم الالكتروني لمادة اللغة العربية في المرحلة الابتدائية من المدرسة الحكومية القطرية: دراسة استطلاعية استقرائية" للباحثتين سلوى عزام وآلاء الكحلوت والأستاذ مصطفى بوعناني، "تعليم اللغة العربية: بين التنظير البيداغوجي للمقاربات بالكفايات وصعوبات التدبير الديداكتيكي" للأستاذ الباحث الدكتور نورالدين بونتل، "المشابهة الإدراكية والتوسع الاستعاري عند الطفل: مقاربة لسانية معرفية" للباحث الدكتور محمد بوبكري والأستاذ مصطفى بوعناني، "التربية على القيم ومهننة تدريس الفنون في عصر الرقمنة: مقاربة سوسيو –تربوية" للباحثة رجاء قيباش.