ما حدث في "قمة تيكاد" للتنمية الإفريقية المنعقدة قبل أيام بطوكيو اليابانية، من تسلل واضح ومكشوف وبدون رجوع إلى الفار، لعنصر من مرتزقة البوليساريو، إلى قاعة الاجتماع التحضيري للقمة الإفريقية اليابانية، وقيامه، بطريقة المهربين ومروجي المخدرات والأقراص المهلوسة، بإخراج لافتة من "شكارته" كتب عليها ما يسمى "الجمهورية الصحراوية"، يضعنا أمام حقيقة ثابتة، مفادها أن نظام الشر فقد كل الأوراق في مخططاته القدرة ضد المغرب ووحدته الترابية، ولم يعد أمامه من خيارات، سوى اللجوء الاضطراري الى أساليب "البلطجة"، لإنقاذ "ابنته اللقيطة" من موت بات وشيكا؛ "تسلل" قمة تيكاد، يأتي بعد القرار الصادر عن مفوضية الاتحاد الإفريقي القاضي بمنع الكيانات غير المعترف بها من قبل الأممالمتحدة من المشاركة في القمم التي يعقدها الاتحاد الإفريقي مع مختلف الشركاء، كما يأتي في سياق ما حققه المغرب من نجاحات دبلوماسية داعمة لمغربية الصحراء، آخرها الاعتراف غير المسبوق لفرنسا بسيادة المغرب على صحرائه، على غرار ما أقدمت عليه إسبانيا، وبلدانا أخرى كثيرة في طليعتها الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ ما حدث في "قمة تيكاد" من تصرفات دبلوماسية صعلوكية، يذكرنا بالطريقة المفيوزية التي اعتمدها نظام الشر في إدخال زعيم الوهم "ابن بطوش" إلى التراب الاسباني باستعمال هوية كاذبة، من أجل الاستشفاء بإحدى المستشفيات الاسبانية، وهي الكبوة الدبلوماسية الغبية، التي أجادت الدبلوماسية المغربية استعمالها في عملية ترويض الجار الإسباني، وجعله بعد عقود من المناورة والابتزاز، يقر بسيادة المغرب على صحرائه، بعد أن استوعب جيدا فحوى رسالة الملك محمد السادس إلى الشركاء القدامى والجدد، في خطابه السامي الموجه إلى الأمة بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب، لما أكد أن ملف الصحراء هو "النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم"، وذاك "المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات"؛ "دبلوماسية الشكارة" التي اعتمدها نظام العداء الخالد في قمة تيكاد، هي امتداد لدبلوماسية الشيكات، التي تم الرهان عليها في سنوات "الكرسي المغربي الفارغ" داخل الاتحاد الإفريقي، لاستمالة الأفارقة وشراء ذممهم، ودفعهم تحت ضغط "البترودولار" الى احتضان كيان لقيط، بات اليوم، يتبرأ منه الجميع، إلا "نظام الشر" ومن لازال يؤمن بما يتبناه من أوهام وأحلام مرادفة للسراب؛ بين الأمس واليوم، متغيرات كثيرة طالت ملف الصحراء المغربية أدخلت نظام الشر في حالة من التيه واليأس، في ظل اتساع دائرة الإجماع الإفريقي والعربي والدولي حول سيادة المغرب على الصحراء، فلا هو قادر على الاعتراف بعدالة القضية المغربية الأولى، ولا هو قادر على الاقرار بهزيمته المدوية في ملف وهمي، ولا هو يستطيع التخلي عن ابنة لقيطة، دول كثيرة باتت تتبرأ منها، وهو يختار بعناد وغباء، أن يبقى في وضعية ذاك الجندي الأبله الذي يتمسك بالبندقية الفارغة من الرصاص، ولا يريد الاقتناع أن معركة الوهم و الانفصال قد حسمت، أو استيعاب أن "الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه"؛ "تسلل تيكاد"، ستعقبه بدون شك محاولات تسلل أخرى في ظل اشتداد حالة الحصار على "جمهورية السراب" ، وتوالي الفتوحات المبينة للدبلوماسية المغربية بخصوص ملف الصحراء المغربية، كما ستعقبه المزيد من الحملات الاستفزازية المسعورة ضد المغرب ووحدته الترابية، كما يحدث "علنا" في الحملة الانتخابية البئيسة للرئيس المنتهية ولايته عبدالمجيد تبون، الذي لا برنامج انتخابي له، إلا نفث سموم العداء الخالد نحو المغرب؛ فضيحة "تيكاد" كادت أن تتكرر في قمة أندونيسيا – إفريقيا، لولا فطنة أندونيسيا التي اتخذت الاحتياطات اللازمة لمنع أي تسلل جديد للكيان الوهمي تحت مظلة الدبلوماسية الجزائرية، تفاديا منها، تكرار ما حدث في طوكيو اليابانية من مهزلة دبلوماسية، وهو ذات الموقف، الذي اتخذته الصين في قمة منتدى التعاون الصيني الإفريقي، وبقدر ما نثمن هذه المواقف الإيجابية، العاكسة لنجاعة ويقظة الدبلوماسية المغربية، والمعبرة عن حالة اليأس والإفلاس التي بات عليها نظام الشر في معركته البئيسة ضد المغرب ووحدته الترابية، بقدر ما نتأسف على هذا النظام العدائي، الذي لازال طيلة عقود من الزمن، يراهن على الوهم والسراب، في سياق جيوسياسي إقليمي ودولي ملتهب، تراهن فيه الدول العاقلة، على الحكمة والتبصر والواقعية، والسعي نحو الصداقات والشراكات، بما يخدم مصالحها ويستجيب لحاجيات شعوبها، والإسهام في صون قيم السلام والمحبة والعيش المشترك، حالة اليأس والتيه التي وصل إليها هذا النظام الحاقد، تدعو الدبلوماسية المغربية ليس فقط، إلى المزيد من الفطنة واليقظة والاستباقية، للتصدي لما قد يصدر عنه من تصرفات منحطة ومن تسللات غبية ، بل والتحرك في اتجاه تحقيق النصاب القانوني، الذي من شأنه الدفع في اتجاه طرد "الكيان الوهمي" من الاتحاد الإفريقي، لإنهاء عبث جزائري طال أمده؛ وفي هذا الصدد، فالدول الإفريقية، التي لازالت تتموقع في صف "الحياد" أو "المنطقة الرمادية" أو تتبنى أطروحة الوهم والانفصال، مطالبة اليوم، بتصحيح الوضع القائم، والانخراط الذي لا محيد عنه، في المشاريع التنموية الاستراتيجية التي يتبناها المغرب، سواء تعلق الأمر بمشروع "أنبوب الغاز نيجيريا المغرب"، أو "مبادرة إفريقيا الأطلسية"، أو بمقترح "ربط دول الساحل الإفريقي بواجهة الأطلسي"، من أجل الإسهام الجماعي في بناء "قارة إفريقية موحدة وآمنة ومستقرة ومزدهرة"، في سياق إقليمي ودولي ملتهب. وفي المجمل فمستقبل إفريقيا في وحدتها واستقرارها وبنائها وازهارها، أما أوهام الانفصال، فلا مكان لها في الواقع، ولا تعيش إلا داخل عقول المرضى والحاقدين والأغبياء والسفهاء ... ولا يمكن أن نختم المقال، دون التذكير أن معركة وحدة الأرض وسيادة التراب، لابد أن توازيها معركة أخرى لا تقل أهمية، مرتبطة بتحصين الجبهة الداخلية، وتخليق الحياة العامة، ومحاربة أعداء الداخل من العابثين والمتهورين والمفدسدين، ممن يزرعون اليأس ويكرسون فقدان الثقة في القانون والدولة والمؤسسات، ويعطلون عجلة الوطن، ويحرمونه من الحق في النهوض والإشعاع والبهاء، ويعيقون ما يتطلع إليه عاهل البلاد، من نهضة اجتماعية وإقلاع تنموي شامل، ومن مشاريع وشراكات استراتيجية وازنة، وفي ظل ما ينتظره المغرب من تحديات تنموية، ورهانات واستحقاقات قارية وعالمية، لم يعد ممكنا، الاستمرار في التطبيع مع ممارسات العبث والفساد، وقد آن الأوان، لتحريك حقيقي وإرادي لعجلات المسؤولية والمساءلة والمحاسبة، لأن الوطن لا يبنى ولن يبنى، إلا بسواعد مواطنة، وبرجالات دولة حقيقيين، يخلصون لله والوطن والملك...