الصين تدعو الولايات المتحدة الى "إلغاء كامل" للرسوم الجمركية المتبادلة    واشنطن بوست: إيران درّبت عناصر من جبهة البوليساريو ومئات منهم محتجزون لدى السلطات السورية الجديدة    الدرك الملكي يشن حملة أمنية واسعة عبر التمشيط بالتنقيط الإلكتروني    عبد الوهاب الدكالى يعود بجمهور الرباط إلى الزمن الجميل    المغرب.. إطلاق مبادرة إنسانية عاجلة للأطفال مبتوري الأطراف والأطفال الأيتام في غزة    عشرات الآلاف يتظاهرون ضد العدوان الإسرائيلي في مسيرة شعبية بالرباط    غارة اسرائيلية دمرت بشكل شبه كلي المستشفى الأهلى "المعمداني" في غزة    وزارة الصحة تُطلق مسلك الدكتوراه    وفاة أستاذة إثر اعتداء جسدي تعرضت له من طالبها    تفكيك شبكة لنقل المهاجرين المغاربة بشكل غير نظامي إلى اسبانيا    مكتب الصرف يحقق في تهريب العملة من طرف منعشين عقاريين    طبيب: السل يقتل 9 أشخاص يوميا بالمغرب والحسيمة من المناطق الأكثر تضررا    توقعات أحوال الطقس للايام المقبلة : أجواء متقلبة وتساقطات مطرية بعدة مناطق    اندلاع النيران في سيارة على الطريق الساحلية رقم 16 نواحي سيدي فتوح    عمر حجيرة يترأس دورة المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بوجدة    درهم واحد قد يغير السوق : المغرب يشدد القيود على واردات الألواح الخشبية    الجزائر تستعين ب"ميليشيات رقمية" دولية لاستهداف مواقع حكومية مغربية    عمان تؤكد دعمها للوحدة الترابية للمغرب    هاكرز جزائريون يشلون موقع وزارة الفلاحة في هجوم جديد    مقاطعة الالتراس للديربي المغربي: أي إشارات    ريمونتادا للدفاع الجديدي في 7 مباريات وعمل جيد للطاقم التقني واللاعبين    محاميد الغزلان ترقص على إيقاعات الصحراء في اليوم الثالث من مهرجان الرحل    من خيوط الذاكرة إلى دفاتر اليونسكو .. القفطان المغربي يعيد نسج هويته العالمية    'واشنطن بوست': إيران دربت مسلحين من البوليساريو وسوريا تعتقل المئات منهم    المغرب وسلطنة عمان يؤكدان عزمهما على تطوير تعاونهما في شتى المجالات    الدورة السابعة للجنة المشتركة المغربية–العمانية تُتوّج بتوقيع مذكرات تفاهم في مجالات متعددة    الجزائر تحتج على توقيف أحد موظفيها متورط في عملية اختطاف بفرنسا    الرباط تنتفض من جديد.. آلاف المغاربة في مسيرة حاشدة نصرة لغزة ورفضاً للتطبيع    دراسة: الجينات تلعب دورا مهما في استمتاع الإنسان بالموسيقى    تيفلت.. توقيف شخصين انتهكا حرمة مسجد في حالة تخدير    رشيد المرابطي يتوج بلقب ماراطون الرمال    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم داخل القاعة – سيدات (المغرب 2025)..الناخب الوطني يوجه الدعوة ل 14 لاعبة للمنتخب الوطني المغربي    كرة القدم.. أكاديمية محمد السادس تفوز بمونديال سان بيير لأقل من 15 سنة بنانت    علماء ودعاة مغاربة يُدينون رسوّ سفن أمريكية تحمل عتادًا موجّهًا للاحتلال الإسرائيلي            المغرب يستقبل 4 ملايين سائح في الربع الأول من 2025    تحسن ملحوظ في نسب امتلاء سدود المغرب مقارنة بالعام الماضي    بالصور : تفاصيل حول عملية توسعة المركب الرياضي محمد الخامس    مسرحية ديموغرافية بإخراج جزائري: البوليساريو يخدع الأمم المتحدة    ماذا لو توقفت الأرض عن الدوران فجأة؟    مستقبل الصحافة في ظل التحول الرقمي ضمن فعاليات معرض GITEX Africa Morocco 2025    اجتماع هام بالرباط لدعم وتطوير البنية التحتية الرياضية بوزان    حاجيات الأبناك من السيولة فاقت 131 مليار درهم خلال مارس 2025    الدوزي يمنع من دخول أمريكا بسبب زيارة سابقة له للعراق    أمسية فنية استثنائية للفنان عبد الوهاب الدكالي بمسرح محمد الخامس    التكنولوجيا تفيد في تجنب اختبار الأدوية على الحيوانات    غموض يكتنف انتشار شائعات حول مرض السل بسبب الحليب غير المبستر    عبد الصمد المنصوري يحصل على شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا    أهازيج الرمال توحد القلوب في محاميد الغزلان    الصناعة التقليدية بإقليم العرائش في قلب تنظيم المغرب لكأس العالم 2030 سبل النهوض وتجاوز الإكراهات والمعيقات التحديات والفرص    الوداد يحتفل بمشاركته في مونديال الأندية بمهرجان فني    الذئب الرهيب يعود من عالم الانقراض: العلم يوقظ أشباح الماضي    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طلبة الطب وصحة المواطن المغربي على كف عفريت
نشر في العمق المغربي يوم 08 - 07 - 2024

ضاعت سنة طبية كما ضاعت سنة شمسية وضاعت معها ساعة شمسية ، فقد ضاع العلم وضاع المعلم والمتعلم والمستفيد من العلم والمتعلم. ضاعت الحسابات وضاعت الآمال وضاعت الأحلام وضاع ركن من أركان الوطن.
ليس هناك من تعبير وتفسير وتبرير وتصوير غير هذا الذي صغناه بحرقة وكمد وحسرة ما بعدها من حسرة . ولقد كان الأمل لدينا ، كما هو أمل كل طلبة الطب وأمل آبائهم وأمهاتهم وأقاربهم وأحبابهم ، أن يتم استدراك هذا الانسداد في أفق الحوار بين الطلبة والحكومة المشخصة في وزير التعليم العالي والصحة معا فيعالج الأمر استعجالا وتوضع الأمور في نصابها الصحيح على حسب قاعدة الطب ومنطق العلم كما عبر رائد الطب الحديث لويس باستور
« une place pour une chose et chaque chose à sa place »
لكن النهاية هذه السنة لم تكن سعيدة بهذا المنطق ، وإنما كانت العصا دائما في العجلة لا صقة ومعيقة ومحدقة. لأن فاقد الشيء لا يعطيه ومن لا يقبل الحوار والتواضع له لا يرتجى منه سوى الاجترار وسياسة النكوص والإدبار. وهذا هو ما حصل فعلا بعد تراجع الوزارة عيانا بيانا عن مقررات الحوار بينها والطلبة بتثبيت الست سنوات عنوة وفرضا من طرف واحد ،أحب من أحب وكره من كره. وهنا تزعزت الثقة والمبادئ واختل العلم والأخلاق.
ونحن من منطلق التحليل الحر والشعور المشترك والغيرة الوطنية المغربية كمغاربة الخارج ، الذين هم بعقولهم وأرواحهم دائما بالداخل، لا يسعنا إلا أن نشاطر قلق آباء وأمهات طلبة الطب وكذلك خيبة أمل هؤلاء الذين ضاعت من أعمارهم العلمية سنة كاملة باطلة عبثية لا طائل يرتجى من ورائها ، ولا يمكن تعويضها وترميمها مهما حاولت الحكومة أن تصبغها بصباغات باهتة لا تعوض قيمة العلم العلم الضائع وانكسار نفوس الطلبة الشباب الذين هم عمدة الوطن وأمله الملموس والمنشود.
ومن خلال المتابعة والترصد فقد تبين أن البعد الاستراتيجي لهذا التعنت الحكومي في عدم الاستجابة للمطالب المشروعة والموضوعية لطلبة الطب هو بعد قصير النظر ومتهاوي ، مهما ضخم حجمه وروج له . خاصة ،كمؤشرات مكشوفة ،أمام تناسل المراكز الطبية والتكوينات الطبية ذات صفة الخوصصة والاستثمار المادي في مجال الصحة ، حيث الميل نحو التخلي عن القطاع العمومي في المجال لصالح الجشع المادي وتحويل الطب الإنساني إلى طب ربحي ونفعي لا علاقة له بمصلحة المواطن ولا يتناسب مع طاقته المادية والأدائية !!!.
وهكذا وجدنا معادلة غير سليمة تمهد لخلخلة التوازن الصحي والاجتماعي في البلد ، فعوض السهر على توسيع شبكة المرافق العمومية لعلاج المواطن ، ومبدأ الصحة للجميع ، ستعمل الحكومة ،بوزارتيها التعليمية والصحية، بوجه مكشوف على تعميم المراكز الخصوصية وتسهيل تناسلها السرطاني حيثما حل المواطن وارتحل . إذ لا لغة سائدة فيها سوى أداء الثمن مسبقا ثم ننظر في العلاج . وهذا قد يدخل في حكم الغرر العلاجي والتجاري كما يصطلح عليه فقهاؤنا ،بل يكون في الغالب غبنا وهدرا ماليا لا مقابل له على أرض الواقع.
والأدهى من هذا وذاك هو حينما تصبح التكوينات الطبية وكذا التمريضية هي بدورها تخضع للخوصصة وتسليم الشهادات بحسبها ،الشيء الذي سيضعف من قيمة الشهادة الطبية المحلَّفة ومصداقيتها ، بل قد يجعل المواطن وصحته في مهب الريح والقلق على المال والصحة معا.
فلقد كان طلبة الطب والصيدلة وغيرهم في أوج الاستعداد والمثابرة لعبور مسارهم بجدية ونشاط وحيوية رغم المثبطات وضعف الإمكانيات وشحة الآلات وازدحام التكوينات ، وذلك إيمانا منهم بأن الرسالة التي على عاتقهم هي الأسمى والأرقى والأنفع لهذا الوطن المغربي الحبيب .
فما بهم إلا أن صُدموا بقرارات ارتجالية وغير مدروسة وبعيدة عن واقعنا تفرض عليهم فرضا وتخلخل واقعهم خلخلة ، بل ساهمت في إطفاء شعلتهم وأساءت إلى نصاعة بذلتهم أيما إساءة. حتى إن كثيرا من الطلبة النجباء ذكورا وإناثا قد ندموا أشد الندم على اختيارهم لهذا المسار نظرا لأن منهم من كان حاصلا على شهادة البكالوريا الدولية في الرياضيات والفيزياء وغيرهما ، وكان بإمكانهم سلوك مسارات علمية أخرى ربما قد تكون مربحة لهم أكثر من الطب ،ولكنهم فضلوه على غيره لحبهم له ولنزعتهم الإنسانية والوطنية الصادقة .
فهل من أمل مع استعمال الذكاء الاصطناعي إن كان هناك ذكاء لحل هذه المعضلة وحماية الوطن وصحة المواطن والطب وطلبته من العبثية والضياع العلمي والمادي ،بل ضياع الآمال والطموحات وأسس الإقلاع نحو التقدم والتطور السليم غير العقيم ؟ نتمنى ذلك عاجلا غير آجل والله الموفق وحافظ البلاد من كل مكروه وسوء...
* ذ.عبدالله مشنون، إعلامي كاتب صحفي مقيم بايطاليا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.