كشف تقرير سنوي أصدره المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عن حالة حقوق الإنسان في المغرب لعام 2023،عن " فشل" وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في إيقاف نزيف الهدر المدرسي، ما يعكس ضعف السياسات التعليمية وفشل الإصلاحات التي أعلن عنها وزير التربية والتعليم شكيب بنموسى ضمن خارطة إصلاح التعليم. وأدى صدور المرسوم رقم 2.23.819 في أكتوبر 2023، الذي يتناول النظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التربية الوطنية، إلى موجة من الاحتجاجات على المستويين الوطني والجهوي، نُظمت ضد بنود المرسوم، والتي تسببت في توقف الدراسة بالمدارس العمومية لعدة أسابيع، مما أثر سلباً على العملية التعليمية برمتها. وأشار التقرير إلى ارتفاع معدلات الهدر المدرسي بشكل مقلق، حيث ارتفعت نسبة المتسربين إلى 334,664 تلميذاً وتلميذة خلال الموسم الدراسي 2023-2024، مقارنة ب 331,558 في الموسم السابق. وهي الأرقام التي تعكس عدم فعالية الإجراءات المتخذة لتحسين النظام التعليمي وضمان حق الأطفال في التعليم. ورغم التحسن الطفيف في معدلات التأطير التربوي، حيث انخفض معدل التلاميذ لكل مدرس من 27.4 إلى 26.7 في التعليم الابتدائي، ومن 28.3 إلى 28.2 في التعليم الثانوي الإعدادي، ومن 18 إلى 17.6 في التعليم الثانوي التأهيلي بين موسمي 2021-2022 و2022-2023، إلا أن هذا التحسن لم يكن كافياً لتعويض الفجوة الناجمة عن نقص التأطير التربوي وارتفاع نسبة الهدر. وسجل التقرير ذاته تراجعاً في جودة التعليم، إذ احتل المغرب مراتب متدنية في استطلاع بيزا (PISA) لعام 2022، ليحتل الرتبة 71 في مادة الرياضيات، والرتبة 79 في القراءة، والرتبة 76 في الثقافة العلمية من أصل 81 دولة شملها الاستطلاع، وهي المؤشرات التي تعكس وجود أزمة هيكلية في المدرسة المغربية، تتعمق من سنة لأخرى رغم المجهودات التي يتم بذلها لتحسين مردودية المنظومة التربوية الوطنية، وفق ما أوردته وثيقة المجلس. وأوصى التقرير بتبني خطة استراتيجية شاملة لمعالجة أسباب الهدر المدرسي، تشمل توفير الدعم التربوي والنفسي للمتعثرين في الدراسة، وتوسيع شبكة المؤسسات التعليمية في المناطق القروية والهشة، وتحسين خدمات النقل المدرسي لضمان وصول الأطفال إلى المدارس بيسر وسهولة. كما دعا تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان، إلى إحداث الوكالة الوطنية للتوجيه والتقويم لضمان تتبع الأطفال المنقطعين عن الدراسة والتكفل بهم، وتفعيل دور خلايا الاستماع والتوجيه الموجودة في المدارس لتقديم الدعم اللازم للطلاب. وفي ضوء هذه التحديات، يبرز التقرير الحاجة الملحة إلى إصلاحات جذرية في النظام التعليمي لضمان حق الأطفال في التعليم وتحسين جودة التعليم في المغرب، مما يستدعي جهوداً مكثفة من قبل وزارة التربية الوطنية لإحداث تغييرات ملموسة وسريعة في قطاع التعليم. وكشف تقرير لمنظمة اليونسكو ، صدر مؤخرا عن أرقام صادمة بخصوص تكلفة الهدر المدرسي بالعالم والذي يكلف الاقتصاد العالمي 10000 مليار دولار أمريكي سنوياً، مشيرا إلى أن 250 مليون فتاة وفتى لا يزالون مستبعدين من النظام المدرسي في شتى أنحاء العالم. وفي المغرب، أشار التقرير الصادر بعنوان "ثمن التقاعس كلفة الأطفال والشباب الذين لا يتعلمون المترتبة عن القطاع الخاص والمالي والمجتمع على الصعيد العالمي"، إلى أن التكلفة السنوية من الناتج المحلي الإجمالي لترك المدرسة مبكرا تقدر بناقص 12،40 في المائة، وبناقص 6،25 في المائة للإناث، وناقص 7،31 في المائة للذكور. وأضاف التقرير الصادر بعنوان "ثمن التقاعس كلفة الأطفال والشباب الذين لا يتعلمون المترتبة عن القطاع الخاص والمالي والمجتمع على الصعيد العالمي"، أن التكلفة السنوية لترك المدرسة مبكرا في المملكة المغربية تقدر بناقص 196 مليون دولار أمريكي سنويا، وبناقص 99 مليون دولار للإناث وناقص 116 مليون دولار للذكور. ويظهر التقرير ذاته، التكلفة السنوية الثقيلة لظاهرة الهدرس المدرسي التي تعكس افتقار المغرب لسياسة تعليمية واجتماعية ناجعة. وتحول تطور المنظومة التعليمية، وتوثر بشكل مباشر على تفشي نسبة الأمية والبطالة في المغرب.