في هذا الخضم يمكن ذكر عدة رهانات وتحديات تقف أمام الإعلام لتجويد النقاش العمومي والقيام بوساطة مجتمعية منها لا للحصر عدم الانسياق مع المد والجزر التفاعلي في المجتمع وخلق المبادرة في النقاش العمومي. فعلى الإعلام أن يبدع في اقتراح مواضيع للنقاش العمومي تهم الرأي العام المغربي ورسم هوامش التداول والتحاور لكي يشارك بطريقته في بناء النموذج المجتمعي والديمقراطي والإصرار على الفاعلية والتأثير لأن نجاعتهما ترتبطان بمعرفة عميقة بطبيعة المجتمع وثقافته ونمط الوعي الجمعي المهيمن في المجتمع. ولأنه في الحالة المغربية أصبح هذا الوعي مركبا ومبغولا وهجينا وأحيانا عنيفا يتساكن فيه ما هو حداثي وتقليدي وعقلاني وأسطوري وديني وكوني ومحلي وترابي وجهوي ... يستحب ضبط المسافة الموضوعية واللازمة مع أنساق الفضاء الافتراضي لا سيما أن النقاش العمومي أصبح يبنى ويصنع ويعبأ له بطريقة حصرية وأسلوب نوعي من داخل الفضاء الافتراضي. وذلك لتفادي أن يصير دور الإعلام التقليدي والجديد منحصرا على مواكبة الظواهر المجتمعية والحالات الاجتماعية التي تنطلق من الفضاء الافتراضي من قبيل أخبار النجوم ودعوات المقاطعة وتغطية أحداث العنف و تحليل خطاب "المؤثرين الجدد" و مناقشة استشرافات "قادة الرأي" و تأويل" الفتاوي الديجيتالية" و حكي " السرديات الهامشية" أو التطرق "للحوادث العابرة" .... مما يستدعي خلق وإبداع نقاش عمومي تداولي موازي متعدد الزوايا، أفقي وعمودي، نوعي وكمي ...، وتبيان جدواه وأهميته وجدته من خلال التداول حوله ومن داخله والتشجيع على الانخراط فيه وتمكينه من طرف الرأي العام. وكمثال على هذا المنطق الذي يروم بناء نقاش عمومي موازي مبادرة بعض الإعلاميين والفنانين إلى خلق فضاء افتراضي « نقي » يتناول ويقارب المواضيع الجادة من خلال التفاوض حول راهنيتها وجدواها. وهذه التجربة لازالت في بداياتها وتُنتظر نتائجها في أفق ربما الدعوة إلى مناظرة وطنية تجمع جميع الفاعلين بما فيهم الإعلام التقليدي والجديد يكون من غاياتها وأهدافها وأولوياتها المستعجلة تصويب الاختلالات الدلالية ورسم خطة طريق قابلة للتنفيذ للوقوف على المحددات الموضوعية لبناء نقاش عمومي نوعي واستشراف مستقبل ومآلات آفاقه وتحدياته في علاقتها بالمشهد الإعلامي المغربي.