احتلت المملكة المغربية وفقا لتصنيف جديد لموقع "إنسايدر مانكي" الأمريكي، المرتبة 154 في مؤشر التعليم العالمي، من أصل 199 دولة التي شملها التصنيف، مؤشر يؤكد مرة أخرى "ضعف النظام التعليمي" وعدم القدرة على تحقيق نتائج إيجابية تذكر. التصنيف العالمي اعتمد أساسا على عدد الجامعات المصنفة ضمن أفضل 1000 جامعة عالميًا، بالإضافة إلى متوسط ترتيب الجامعات المصنفة، ونصيب الفرد من الإنفاق الحكومي على التعليم، ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. مؤشر يطرح معه العديد من التساؤلات المرتبطة أساسا بمدى نجاعة السياسات المعتمدة، وماهي الأسباب الكامنة وراء هذا التراجع؟ خاصة وأن الميزانية المخصصة لمجال التعليم والتكوين جد مرتفعة. في هذا السياق، اعتبر الكاتب الوطني للشبيبة المدرسية، مصطفى تاج، أن تذيل المغرب لمؤشر التعليم العالي واحتلاله للمركز 154 ليس بالأمر الجديد، إذ أن المغرب احتل خلال السنوات الماضية رتبا متأخرة على مستوى جودة التعليم، وهو ما يعود بشكل أساسي إلى الارتكان لتوجيهات صندوق النقد الدولي خلال مرحلة معينة، وخاصة خلال أواسط التسعينيات ما أثر على النظام التعليمي للبلاد. وأوضح تاج في تصريح لجريدة "العمق"، أن النظام المعتمد خلال تلك الفترة أثبت فشله، كون أن النظام التعليمي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الأسس الثقافية والتربوية والاجتماعية، وتبني الأنظمة الهجينة لن يستطيع تحقيق الجودة ورفع مستوى المتعلمين والمتعلمات. واستعرض المتحدث ذاته، مجموعة من البرامج والمخططات التي تم تبنيها، لكنها لم تحقق النتائج المرجوة، مما أدى إلى تذبذب هذا القطاع. من بينها، الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي تم تطبيقه على مدى عشر سنوات، من عام 2000 إلى 2010، مسجلا أن تقييم هذا المشروع كشف عن مجموعة من الإخفاقات التي استوجبت معالجة الاختلالات. كما أشار إلى أنه بعد هذا البرنامج تم وضع المخطط الاستعجالي الذي تم القفز عليه دون تقديم أي أسباب مقنعة، إذ كان الهدف منه هو إرضاء جهات معينة ما أدى إلى استمرار التذبذب داخل القطاع، لافتا إلى أنه تم إحداث خطة لإصلاح منظومة التربية والتكوين على مدى 10 سنوات إلا أن تنزيلها لم يكن بالشكل المطلوب. وأضاف مصطفى تاج، أن نساء ورجال قطاع التعليم عاشوا خلال خلال السنوات الماضية أوضاع غير مستقرة، ما طرح مجموعة من التساؤلات على مستوى تدبير الموارد البشرية الخاصة بهذا القطاع وهو ما يمكن اعتباره من ضمن أسباب هذا التراجع. وأكد المتحدث في تصريح ل "العمق"، أن الوصول لهذه المرتبة مرتبط بالسياسات التي تم اتخاذها سابقا من قبل الحكومات الماضية، إذ بدأت اليوم تظهر نتائجها، معتبرا أن السياسات والتدابير التي تم اتخاذها من قبل الحكومة الحالية ستظهر هي الأخرى نتائجها في السنوات المقبلة. وشدد مصطفى تاج، على أنه لا تنمية ولا ديمقراطية، ولا تقدم بدون تعليم، كون أن الأخير هو سبب الرقي المجتمعي، وأن إصلاح المنظومة سيؤدي بشكل مباشر إلى الرقي بالمستوى الاقتصادي والتنموي للبلاد. ومن بين أهم الدول التي شهدت تطورا بعد إصلاح المنظومة التعليمية، أشار المتحدث إلى كل من البرازيل وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، حيث انتقلت البرازيل من المرتبة ما بعد 50 إلى 10 على المستوى الاقتصادي وهو ما يعود أساسا إلى اهتمام هذه الأخيرة يجودة التعليم، ما يؤكد أن الأجيال المتعلمة ترفع راية التقدم والتنمية. وأكد الكاتب الوطني للشبيبة المدرسية، مصطفى تاج، أن "الرقي الاجتماعي يجب أن يمر عبر إصلاح منظومة التربية والتكوين، وما ننتظره اليوم هو العمل على إصلاح النظام البيداغوجي، مع وجوب تظافر الجهود من قبل مختلف الفاعلين من أجل النهوض بالقطاع، إذ يجب تقييم الوضع والقيام بأبحاث و توصيات من أجل معرفة أماكن الخلل". وبالعودة إلى التصنيف، فقد تصدرت الولاياتالمتحدةالأمريكية قائمة الدول صاحبة أفضل أنظمة تعليمية في العالم، وفقًا لمؤشر التعليم العالمي لموقع "إنسايدر مانكي" الأمريكي. وحصلت أمريكا على 0.99 نقطة، متقدمة على المملكة المتحدة التي حلت في المركز الثاني ب 0.57 نقطة، والصين في المركز الثالث ب 0.40 نقطة. على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، برزت المملكة العربية السعودية كأفضل دولة في مجال التعليم، حيث احتلت المرتبة الأولى إقليميًا وال16 عالميًا ب 0.098 نقطة، تلتها الإمارات العربية المتحدة في المركز الثاني عربيًا والعشرين عالميًا ب 0.077 نقطة، فيما حلّت لبنان في المرتبة 40 عالميًا، بينما احتلت مصر والأردن المرتبتين 50 و53 على التوالي. يذكر أن الدول الإفريقية احتلت أدنى المراتب وعلى رأس هذه الدول نجد كل من الصومال وجنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وبوروندي وسيراليون.