أثار قرار لوزير الفلاحة بإجراء بحث علني لإحداث منتزه طبيعي بالأطلس الصغير الغربي، غضب عشرات الدواوير التابعة لجماعة "إداوكنضيف" بإقليم شتوكة آيت باها، متهمين الوزارة ب"الاستيلاء" على أجزاء كبرى من الملكية الخاصة لأراضي السكان. يتعلق الأمر بقرار وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، رقم 3267.23، القاضي بإجراء بحث علني في شأن إحداث المنتزه الطبيعي للأطلس الصغير الغربي، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 7282 بتاريخ 14مارس 2024. وأفاد بلاغ وقعته جمعيات المجتمع المدني بقبيلة "إداوكنضيف"، توصلت جريدة "العمق" بنسخة منه، بأن نشر القرار المذكور، "سبقته محاولات عديدة تهدف إلى المس والاستيلاء على الملكية العقارية الخاصة بالدائرة الجبلية بمناطق سوس، تحت ذريعة تحديد الملك الغابوي". وأشار البلاغ إلى أن ما اعتبره "عدم الرغبة في الاعتراف بحقوق السكان في ملكية الرقبة الراسخة في عمق تاريخ المنطقة عبر قرون من الزمن"، موضحا أن "جميع سكان وفعاليات المجتمع المدني بالمنطقة المكونة من أزيد من 72 دوارا يرفضون بشدة التنازل عن أراضي الأجداد تحت أي مسمى أو بأية وسيلة". وأعلنت الهيئات الموقعة على البلاغ، عن "رفضها التام لهذا القرار جملة وتفصيلا، لكونه يضرب في عمق قدسية الحق في الملكية، وأنه لم يأخذ بعين الاعتبار أن الأراضي المستهدفة ورثها أبناء المنطقة عن الأجداد". ولفت البلاغ إلى أن تلك "أراضي الخواص أنشئت بسواعدهم "حقول المدرجات"، كما أنها المصدر الوحيد لقوتهم اليومي، ومصدر الفرشة المائية التي يشربون منها. وأنها المجال الوحيد لرعي مواشيهم". واستنكر المصدر ذاته ما أسماه "التدبير الأحادي لهذا المشروع"، واتخاذ الوزارة "هذا القرار التعسفي الموغل في التحكم والقهر، بتحويل مناطق كبرى من الدائرة الجبلية الآهلة بالسكان إلى منتزه طبيعي، بذريعة التنوع البيولوجي". واعتبر البلاغ أن هذا الأمر "سيقيد من الوضعية العقارية للأراضي التي ستحتضن المنتزه، وفقا للقانون رقم 22.07 المتعلق بالمناطق المحمية، الذي ينص ضمن مقتضياته على أنه "يجب ممارسة حق الانتفاع بالأراضي الواقعة داخل المنتزهات الوطنية دون إجراء أي تغيير أو تعديل على الحالة أو المظهر الخارجي الذي وجدت عليه هذه الأراضي عند نشأة هاته المنتزهات"، معتبرا أن "هذا أمر غير مقبول بتاتا". وحملت الهيئات الجمعوية وزارة الفلاحة، وعبرها إدارة الوكالة الوطنية للمياه والغابات، "مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع جراء الإقدام على أي إجراء قانوني أو إداري يمس الملكية الخاصة لأراضي سكان المنطقة الموروثة عن الآباء والأجداد قانونيا وماديا". ودعا البلاغ "جميع سكان وفعاليات المجتمع المدني بقبيلة إداوكنضيف، إلى رص الصف للوقوف ضد هذا المشروع، الذي يعتبر بمثابة خطوة أخرى من مسلسل التهجير القسري لسكان أدرار بسوس من أراضيهم التي ورثوها أبا عن جد، وضحوا من أجلها بالغالي والنفيس". كما طالب المصدر ذاته ممثلي السكان بالمؤسسات الدستورية من جماعات ترابية وبرلمان إلى رفض هذا المشروع نزولا عند رغبة السكان اللذين يمثلونهم، مناشدة جميع الفعاليات الحقوقية والقانونية الوطنية إلى "الوقوف بجانب الحق ودعم القضية العادلة لأهل سوس في حقوقهم الأزلية في الأرض". في هذا الصدد، دعا البلاغ جميع فعاليات المجتمع المدني بالجماعات التي يشملها حدود مشروع المنتزه الطبيعي للأطلس الصغير الغربي، وهي اثنين أداي، أربعاء أيت أحمد، أنزي، تيغمي، سيدي أحمد أوموسى، أملن، تنالت، أوكنز، تيزي نتاكوشت، تاركا نتوشكا، سيدي عبد الله البوشواري، وأيت مزال، إلى "توحيد الكلمة والاصطفاف للتعبير عن رفض كل المحاولات الرامية إلى فرض منتزه طبيعي بالمنطقة قبل الحسم في التزام الدولة بشرعية وأحقية وأزلية وقانونية الملكية الخاصة لسكان مناطق الدائرة الجبلية". وأهابت الهيئات ذاتها وزير الفلاحة "العدول عن هذا القرار المقيد لحق سكان إداوكنضيف في الحيازة والتصرف الكاملين في أملاكهم الخاصة"، معربة عن استعدادها ل"الدفاع عن الأرض التي هي بمثابة العرض عند أهل سوس، بكل الوسائل النضالية والقانونية المضمونة دستوريا". كما عبرت عن "انفتاحها في إطار التشاور والشراكة الحقيقية للانخراط في أي مشروع تنموي بالمنطقة شريطة الاحترام التام لحق الملكية الكامل وغير المجزئ لأهلنا في إداوكنضيف".