منذ إعلان الملتقى الدولي للورد العطري بالمغرب عن فتح أبواب التسجيل في مسابقة اختيار "ملكة الورود" في وجه فتيات "قلعة امكونة الكبرى"، يعود النقاش حول جدوى وشروط هذه المسابقة إلى الواجهة، خاصة وأنها تنظم على هامش الملتقى، كما أن شروط المشاركة فيها تظل مقرونة بالانتماء "لمنطقة معينة من الإقليم"، وهو الأمر الذي لم يستسغه كثيرون. ولكون هذه المسابقة التي واظب منظمو الملتقى الدولي للورد العطري على تنظيمها بقلعة امكونة لما يقارب 60 سنة في منطقة أمازيغية محافظة، دون أن يكون لها دور حقيقي في النهوض بإنتاج وتسويق وتثمين الورد العطري، تساءل إدريس فخر الدين، وهو ناشط أمازيغي بتنغير، في تصريح لجريدة "العمق": "ما الغاية من مسابقة ملكة الجمال؟ وماهي القيمة الإضافية التي يمنحها هدا الاختيار للمهرجان؟ ولماذا ملكة الجمال وليس ملك الجمال أو ملك وملكة الجمال؟". وتابع فخر الدين أن "هذا النوع من الأنشطة فقط تقليد لأفكار دون مراعاة الخصوصية، فمن حيث القيم ففي الثقافة الأمازيغية لا نختار بين الأجسام بل من خلال الزينة أي اللباس والحلي مثلا"، مضيفا "وأما الجسد فَهُم من خلال تسويق المرأة كسلعة وهذا فيه احتقار لها، كما أنه احتقار لجمال آخريات لم يشاركن أصلا في تلك المسابقة، إضافة إلى معايير الاختيار التي تبقى مبهمة و تتحكم فيها الذاتية". وأكد المتحدث ذاته، أنه "من خلال النظر إلى المسابقة حقوقيا وثقافيا و موضوعيا، يتبين أنها تتنافى مع القيم الإنسانية الفُضلى والثقافة الإيجابية المتجدرة في مجتمعنا، كما أنها ريع في ريع". وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بانتقادات حادة للمشرفين على تنظيم النسخة 59 من الملتقى الدولي للورد العطري بقلعة امكونة والتي من المنتظر أن تنطلق بداية شهر ماي المقبل، خاصة الشروط التي وضعتها اللجنة المنظمة للمشاركة في "مسابقة اختيار ملكة الورود"، على اعتبار أنه "يُقصِي باقي ساكنة إقليم تنغير وتغيب فيه التشاركية" لاعتمادها شرط "انتماء المتسابقات إلى واحتي دادس أو إمكون أو ما يسمى بقلعة مكونة الكبرى". وعبر متتبعو هذا المهرجان عن استيائهم من هذا الشرط، خاصة وأن الملتقى و"مسابقة اختيار ملكة الورود" ممول من ميزانية كل من المجلس الإقليمي لتنغير والجماعات الست المحيطة بقلعة امكونة والمجلس الإقليمي للسياحة، إضافة إلى تمويلات أخرى من طرف وزارة الفلاحة وشركاء آخرين، وهي عوامل يجب أخذها بعين الاعتبار لفتح باب المشاركة لفائدة ساكنة إقليم تنغير ككل. وردا على هذه الانتقادات، أكد محمد مران، رئيس الفيدرالية البيمهنية المغربية للورد العطري FIMAROSE وعضو اللجنة المحلية لتنظيم الدورة 59 للمعرض الدولي للورد العطري، أن "مسابقة ملكة الورود لا تدخل في نطاق المعرض الدولي، لأنه بالموازاة معه هناك أنشطة موازية تنظمها جمعية مهرجان الورود، والمعرض الدولي تنظمه جمعية المعرض الدولي للورد، ومن بين أنشطتها اختيار ملكة الورد وليس ملكة الجمال". وتابع مران في تصريح لجريدة "العمق"، أنه "عندما نتحدث عن الورد تُستَهدَفُ المرأة لتشجيع النساء والفتيات المشتغلات في مجال الورد إعطاء لقيمة ومكانة لهن للإستفادة من هذا الحدث، ولأنه في وقت كانت فيه المسابقة مفتوحة، لم تكن نساء الورد المعنيات بالورد واللواتي يعانين من مشقته تستفدن من الإمكانيات التي تعطى لهذه الأنشطة وللمعرض الدولي". وأوضح المتحدث ذاته، أنه يتم الاقتصار على منطقتين هما دادس وامكون "لأنه في الأوراق الرسمية للدولة ووزارة الفلاحة المعنية بالقطاع، فإنه طبقا وتبعا لشهادة المجال المحمي للورد فهو مجال دادس امكون، وعند وزارة الفلاحة هذه الشهادة تعطي صبغة حمائية ودفاعية لنبتة الورد". وأشار عضو اللجنة المحلية لتنظيم الدورة 59 للمعرض الدولي للورد العطري، إلى أن الورد "يوجد في مناطق عديدة بالمغرب ولكنه ليس هو الورد الذي ينتج في قلعة امكونة، نظرا لمميزاته التي تعطيه صبغة تنافسية في السوق الدولية والوطنية بحكم أن نوع النبتة والتنوع متميز جدا، سواء من الناحية البيولوجية أو صنف النبتة". وقال المتحدث ذاته: "إن وزارة الفلاحة عن طريق مجموعة من الدراسات والمرافعات أحدثت مجالا جغرافيا، وشهادة المجال الجغرافي المحمي للورد يختصر في دادس – امكون من بومالن دادس إلى قلعة مكونة، ومن ايت سدرات السهل الغربية إلى إمكون وإغيل نومكون، ولهذا يُقتَصَر على هذا المجال بناء على المقتضيات المعنية بالورد". وشدد محمد مران على أن "تنظيم مسابقة ملكة جمال الورود أصبح عرفا ضمن الأنشطة الموازية للمعرض الدولي، فمن بين أهم الأنشطة هو ملكة الورد، ويكون فيها رد اعتبار وإعطاء قليل من المكانة للمرأة بحكم أنها هي التي تعاني أكثر والمعنية أكثر بالورد". ولفت إلى أنه "لمنح المرأة هذه المكانة في إطار التمييز الإيجابي، ولكي تكون لديها ميزة في إطار الورد واستفادتها من أنشطة المعرض الدولي للورد، تخصص لها مسابقة من خلالها يتم استعراض الفائزة عبر المهرجان الاستعراضي". وأكد أن"المرأة تتوج، وتكون أهم مرحلة في الأنشطة الموازية للمعرض الدولي هي محطة الاستعراض، الذي يكون أهم حدث فيه هو استعراض ملكة الورد وإعطاء مكانة كبيرة للمرأة، ويكون فيها التباري وتفوز بالجائزة السنوية". وتفاعلا مع الموضوع ذاته، علق أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي "هل سيبقى ملتقى الورد العطري مركزا على ملكة الجمال لكي تتعرض لجميع أنواع التنمر، عوض الاهتمام بالفلاح الصغير الذي هو أساس كل هذا الحدث، والذي يؤرقه الجفاف"، مضيفا "المسؤولون لا هم لهم سوى التقاط الصور والبروتوكولات الفارغة، عوض جلب مشاريع تنموية للنهوض بالقطاع الفلاحي الذي هو أساس التنمية والاقتصاد، وأين هم أعضاء المجالس المحلية والمجلس الإقليمي لإنقاذ واحات قلعة مكونة من الإندثار للحفاظ على الامتداد البشري في تلك المنطقة". وبالنسبة للجوائز التي تمنح للفائزات في مسابقة "ملكة الورود"، كشف مصدر مطلع لجريدة "العمق" أنه لم يتم الحسم بعد في المنحة المالية التي ستعطى للفائزات في الدورة 59 المرتقب تنظيمها في الفترة الممتدة بين 3 و6 من شهر ماي المقبل، غير أنه أشار إلى أنه في الدورة السابقة منحت 7 آلاف درهم للفائزة بلقب ملكة الورود، و5 آلاف درهم للفائزة بالمرتبة الثانية ومبلغ 3 آلاف درهم للفائزة الثالثة.