مع حلول شهر رمضان المبارك الذي يتزامن مع عطلة مدرسية تبدأ يوم 10 مارس، إلى غاية 17 مارس، يواجه الآباء تحديا في تدبير تواجد الأطفال في المنزل، وتفريغ طاقة أطفالهم، فمن جهة تزيد ساعات مكوث الأبناء في البيوت مع تغير مواعيد النوم والاستيقاظ، ومن جهة أخرى تغلق العديد من الأماكن الترفيهية أبوابها خلال نهار رمضان، لذات السبب يصعب برمجة أسفار ترفيهية. لذلك فإن فائض الطاقة لدى الأطفال خلال شهر رمضان يشكل تحديا جسديا ونفسيا للآباء، من بين هؤلاء من سيواصلون الذهاب إلى أماكن العمل بحكم أن أغلب الأجراء لا يستفيدون من عطل تتزامن مع العطل المدرسية، وفي حال عدم القدرة على حسن تدبير هذه الفترة قد تتحول البيوت إلى بؤر توتر تظهر فيها سلوكيات سلبية مثل العنف اللفظي والجسدي والمشاجرات، ما ينتهي بإجهاد نفسي للآباء وحوادث منزلية خطيرة في أسوء الحالات. لا ننسى أن جل المدن تفتقر لأماكن مخصصة للأطفال، ليس فقط من أجل اللعب، بل من أجل ممارسة الهوايات والإبداع، كدور الثقافة وملاعب القرب والمكتبات، ويظل الاهتمام بهذه الفئة ضعيفا على مستوى مشاريع المجالس البلدية مع أن حقوق الطفل لا تنقص درجة عن باقي الحقوق، بل تعلو المواثيق الدولية ودستور 2011. كما أن التهام المساحات الخضراء وتحويلها لمجمعات سكنية حول المدن لجزر إسمنتية يعاني فيها الأطفال قاطني الشقق السكنية ويواجهون أخطارا جمة أبرزها التلوث والدهس من طرف سائقين متهورين. ضجر الأبناء في البيوت يستدعي صبر وحكمة الآباء على الرغم من كل الإكراهات. وتبقى أفضل السبل للخروج بأخف الأضرار جر الأطفال للأعمال المنزلية كالطبخ وترتيب البيت وتحويل ذلك لما يشبه لعبة تنافسية، واصطحابهم للمساجد في صلاة التراويح مع الحرص على تأطيرهم وتحسيسهم بآداب المسجد لكي لا يفسدوا على المصلين خشوعهم. كذلك محاولة حثهم على القراءة عوض قضاء الساعات الطوال أمام الشاشات الإلكترونية بسبب أضرارها الوخيمة النفسية والجسدية. صعوبات التعامل مع الأطفال تجعلنا ندرك أهمية المدرسة العمومية، ليس فقط في التربية والتعليم، بل تأطير هذه الفئة لما يزيد عن خمس ساعات بشكل يومي طيلة السنة الدراسية، ما يتيح للآباء وقتا كبيرا للقيام بأمور أخرى وهم مطمئنين على فلذات أكبادهم. هذه الخدمة الاجتماعية تساهم بشكل كبير في السلم الأسري ومنه إلى السلم الاجتماعي، وقد أدرك معظم الآباء ذلك خلال محنة جائحة "كوفيد19".