يجتهد مجلس النواب منذ نهاية دورة الخريف الى الوصول إلى مدونة للأخلاق البرلمانية وبدون شك مجلس المستشارين ايضا بهدف تحصين السلوك البرلمانية خصوصا بعد دعوة جلالة الملك إبان تخليد الذكرى الستون للبرلمان. وتزامنت دعوة الملك مع ارتفاع منسوب المتابعات القضائية ضد برلمانيين ليس اساسا بممارساتهم التشريعية والرقابية ولكن بفعل سلوكاتهم في تسيير الشأن المحلي بالخصوص وبعض المعاملات التي اختلط فيها التجاري باستغلال الصفة الانتخابية والفعل الجرمي ومزاوجة السلطة بالتجبر وربما بالمال أيضا. هذا لايعني ان البرلمانيين وحدهم من التفتت إليهم آلة القضاء ...فقط صفة البرلماني مدعاة لجر الانتباه....والواقع ان المتابعين في ملفات توصف بالفساد لمنتخبين محليين تجاوزت أعدادها المئات، ولكن لاينتبه اليها العامة لكون أصحابها ذووا امتدادات محلية ،فيحين ان البرلمانيين يتمتعون بشهرة وطنية، كلما أصابهم مكروه،يصل مدى الخبر إلى العالمين، وهكذا تصبح متابعاتهم مصيبة تؤثرتداعياتها على الشخص وحزبه وأهله ومرافقيه وربما ثلوت سمعة الوطن كله. وبغض النظر عن مضمون الفعل الاجرامي فإن تكرار الامثلة وتواليها فرضت وقف النزيف بالدعوة إلى سن مدونة للأخلاق تهم السياسيين بمختلف مسؤولياتهم،وإن كان أن البرلمان معني بالدرجة الاولى بهذه الحمية فإن مدونة الأخلاق يجب ان تؤطر الجماعات والمجالس الإقليمية والجهوية والجمعيات المهنية وحيث ما وجد المال العام. غير ان دعوة جلالة الملك في الرسالة الموجهة للبرلمان كانت واضحة في رسم معالم تقويم الأخلاق حينما تحدث عن الرفع من جودة النخب البرلمانية والمنتخبة وإقرار مدونة الاخلاقيات.. وهذا يهم المجلس الذي يرأسه الطالبي العلمي مجلس النواب والنعم ميارة رئيس مجلس المستشارين ،حيث هنا ربماوهناك وجب تدريس كتاب فلسفة الأخلاق لنيتشه وكتاب أخلاق السادة والعبيد وميثاق الأممالمتحدة والأخلاق الفطرية والمكتسبة وربما مكارم الأخلاق في القرآن الكريم ولم لا استلهام كتاب الدكتور أحمد شحلان عضو أكاديمية المملكة ليحدث الناس عن أخلاق (ماكوماخيا). حقيقة أصبح الامر مدعاة للتندر والاسى ..فهل كان لابد من تدخل ملكي يعيد التذكير بضرورة تغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين على غيرها من الحسابات الحزبية وتخليق الحياة البرلمانية...والرفع من جودة النخب .. ثم ما معنى جودة النخب ..أليس هو البحث عن صفات النبل والحكامة ودماثة الأخلاق والرفع من المستوى العلمي وتقدير المسؤولية والصفة والوقار والانضباط. ثم إن القوانين الأساسية والداخلية لجميع الاحزاب تفترض في باب الانخراط بها كل هذه الصفات مجتمعة ،فما سمعنا يوما ان حزبا ينادي بانخراط اللصوص والجهلة وعديمي المروءة...!!!!! كل الاحزاب تقول ان* المناضل* يوثر اولا الصالح العام وخدمة الناس والمساهمة في التوعية والتأطير ،فكيف أصبح هذا المناضل مثالا لنقيضه. الخلل ببساطة موجود في هذه الآليات السياسية ابتليت بمنتسبين وليسوا مناضلين، منتسبين شكلا يستطيعون جمع الاصوات وتجييش الموالون والقذرة على تمويل الحملات الانتخابية وتنشيطها. منتسبين تجتمع فيهم كل الصفات الا صفة ..الجودة الملكية..ويقدمون جميع المصالح الا المصلحة العليا ..بطبيعة الحال لايجب التعميم فالخير في امتي إلى يوم الدين ...غير ان الظاهرة حاضرة مع الاسف ولاتتحمل الاحزاب وحدها هذا التدني..فالمتسللون اليها أذكياء وحربائيين قد يتقدمون في صورة ناسكين متعبدين ويتحولون إلى شياطين ماردة بمجرد التمكن والتمكين. الى ذلك وجب الاستئناس بشعرائنا وترديد إنما الأمم الأخلاق..إن هي ذهبت ذهبوا وربما نقول البرلمان أخلاق إن هي ذهبت ذهب..