نشهد كل عام في شهر الصوم ظاهرة التْرامْضينة التي تحدث في الأسواق، في الأحياء، في المنازل، في الإدارات، في النقل، في الطرق، وباختصار في كل أماكن الحياة دون استثناء. وعلاوة على ذلك، فإن هذه الظاهرة تكتسب زخما متزايدا بشكل خطير من سنة إلى أخرى. كما ألاحظ، خلال شهر الصوم، الاهتمام الكبير من طرف وسائل الإعلام لهذه الظاهرة و لجوئها إلى خبراء ومختصين في الامراض النفسية وفي علم النفس والاجتماع محاولين العثور على تفسيرات لها. وبعد أكثر من عشرين عاما من الملاحظة والبحث، توصلت إلى عدة تفسيرات طبية ونفسية وثقافية. ولكن في هذه المقالة سأكتفي بوصف التْرامْضينة فقط من زاوية الامراض النفسية. 1-التعريف التْرامْضينة هو غضب حاد بشكل اندفاعي مثل الرعد في سماء هادئة، ولا يمكن السيطرة عليه على الإطلاق. وهذا الغضب متهور ويصاحبه عدوان لفظي وجسدي. وفي بعض الأحيان يكون هذا الغضب الذي لا يمكن السيطرة عليه مسؤولاً عن الاعتداءات والإصابات، ولكنه أيضًا مسؤول عن الحوادث المنزلية والطرق المميتة. ونعلم أن مصالح الطوارئ بالمستشفيات والشرطة والعدالة والحماية المدنية مطلوبة بشكل استثنائي خلال شهر الصيام وتصف بوضوح متلازمة التْرامْضينة وعواقبها. 2-الدورية متلازمة التْرامْضينة شائعة جدًا خلال شهر الصيام ويمكن رؤيتها بسهولة. ولكن في الواقع أنا ألاحظ هذه المتلازمة على مدار العام فقط بطريقة أقل إثارة لأن الأشخاص الذين يعانون من هذه المتلازمة عادة ما يلجؤون، خارج فترة الصيام، إلى المهدئات العقلية والمخدرات المختلفة مثل الكحول والحشيش والسجائر والكالا* والمعجون** والميكا*** والقرقوبي**** والكوكايين وغيرها من المنتجات ذات التأثير النفساني. وهذه المؤثرات تُقلل من شدة أعراض متلازمة التْرامْضينة ومن هنا الانطباع بندرتها خارج شهر الصيام. 3-المسببات أسباب متلازمة التْرامْضينة خلال شهر الصيام متعددة: – اضطراب المزاج ثنائي القطب (الغضب المفرط والمتهور والمتكرر غالباً ما يكون مؤشراً على اضطراب المزاج) – الاكتئاب المزمن – الشخصية المعادية للمجتمع – إدمان المخدرات مع متلازمة الإقلاع المفاجئ من جميع المؤثرات مثل تلك المذكورة أعلاه، وعادة ما يتم تناولها على مدار السنة 4- العلاج يتطلب العلاج رعاية نفسية في العيادة أو في المستشفى حسب كل حالة. 5- الوقاية تكشف متلازمة التْرامْضينة عن تطور أمراض نفسية خطيرة ومرتبطة بإدمان المخدرات التي تخفي الأعراض المرضية. وغالبًا ما يكون الشخص المصاب غير مدرك لمرضه وإدمانه للمخدرات. ومن واجب المقربين منه دعم المريض ومرافقته لاستشارة الطبيب النفسي من أجل التشخيص الدقيق والبدء في العلاج المناسب. ومن الحكمة والوقاية أن يتم الاعتناء بالشخص الذي يعاني من هذه المتلازمة قبل شهر الصوم لتجنب مآسي التْرامْضينة. *خليط من التبغ والمواد ذات التأثير النفساني، يستخدم عن طريق الفم بين الشفة السفلية وخط اللثة. **خليط من القنب والمواد المهلوسة والعسل والعديد من البذور. ***هي مواد متطايرة موجودة في بعض المنتجات ويتم وضع هذا المنتج في كيس بلاستيكي أو في قطعة قماش ويتم استنشاقه من قبل المدمن. ****المؤثرات العقلية الصيدلانية التي يتم استهلاكها بجرعات عالية وبشكل منتظم *الدكتور جواد مبروكي، طبيب نفسي، ومحلل نفسي للمجتمع العربي