كرة القدم لا تستهويني لعبا ولا مشاهدة منذ طفولتي. لكن في بعض الأحيان عندما أريد الاستمتاع بها أشاهد مقاطع فيديو عن مهارات وأهداف زيدان و مارادونا على اليوتوب لأرى الأول يعزف برزانة وكأن الكرة ملتصقة بأقدامه يروضها بكل ثقة و ثبات والثاني كظاهرة لن تتكرر لأن مافعله الكثيرون الذين يعدون أساطير كروية اليوم في نظر الملايين ، يمكن لمارادونا أن يفعله ببرتقالة أو بكرة الݣولف الصغيرة بكل سهولة و براعة، وكتجربة حياة ملهمة لكافة بقاع العالم.. زيدان اللاعب الفرنسي الذي أمتع و أبدع في اليوفي والريال. قاد فرنسا إلى الفوز بكأس العالم سنة 98. واعتزل اللعب دوليا قبل إقصائيات كأس العالم 2006. ليتدخل رئيس الجمهورية الفرنسية ويطلب منه الإلتحاق بتشكيلة المنتخب. لبى زيدان النداء وكان في الموعد. لبس شارة القيادة وانطلق نحو المجد الذي ينتظره. بفضله تأهلت فرنسا إلى النهائيات، واستطاع أن يرعب خصومه، ليروض كبار المنتخبات و يعلم أساطير البرازيل أبجديات كرة القدم ويفعل بهم الأفاعيل. وصل إلى النهائي أمام إيطاليا. وسجل ضربة جزاء. كان هدفا خرافيا بكل هدوء وفنية وبراعة بطريقة بانينكا فذة، أمام أفضل حارس في العالم بوفون. لم يكن أمام إيطاليا من طريقة لربح كأس العالم سوى أن يكون زيدان خارج أرضية الملعب، فلجأوا إلى اسفزازه و سخروا ماتيرازي لذلك، بأسلوب ضحل كله خسة و دناءة، لكن الإنسان الأمازيغي داخل زيدان انتفض وقام بنطحته الشهيرة، ليغادر الملعب بورقة حمراء لم يلبس بعدها قميص فرنسا ليعلن اعتزاله. وتفوز إيطاليا بالكأس الذي سرق من زيزو. لكن النطحة و ملابساتها صارت أشهر من رفع لاعبي إيطاليا الكأس. حتى أن الكثيرين من الإيطاليين لم تعجبهم الطريقة التي توجوا بها.اعتزل بعدها زيزو اللعب دوليا وكسب قلوب الملايين. في مباراته التكريمية والأخيرة بالبرنابيو.. بكى عشاق ريال مدريد رحيل زيدان عن النادي. هنا فقدت كرة القدم الكثير من بريقها بابتعاد المايسترو الساحر عن مداعبة المستديرة. كان بإمكانه التعاقد مع أحد الأندية الذي تغدق المال الكثير و الملايير، لكن زيزو رفض ذلك و قرر أن يجعل نهاية مسيرته في القمة. واصل مسيرته ليكون واحدا من الطاقم الفني للريال. ليبرز مهارته بأن قدراته تتجاوز اللعب فقط، وانه قادر على قيادة الفريق كمدرب، وكذلك كان. هنا ظهرت كارزمة المدرب الأنيق الذي فاز لأول مرة بكأس دوري أبطال أوربا 3 مرات متتالية. إنجاز استثائي وتاريخي غير مسبوق، جعل العالم يندهش من قدرة زيزو على معانقة المجد والعديد من الالقاب. نقش زيدان حروفه في صفوف المرينجي بإنجازات يصعب تحطيمها. بعد فسخ عقدة تدريبيه للريال، اختفى عن الأنظار ومما لا شك فيه أن أموالا تترعرع عرضت لتدريب بعض النوادي أو المنتخبات الكبيرة، لكنه أصر على عدم القبول. فقد قرر أن ( يخليها فعزها). الركراكي المدرب الشاب الذي كان مفاجأة كأس العالم باحتلاله المركز الرابع. استطاع رفقة المنتخب الوطني أن يخرج الملايين احتفالا بما صنعه من فرجة و قوة في التنافس، استطاع على إثرها أن يقصي أعتى المنتخبات و أقواها. و يكسب قلوب الأفارقة و العرب و العديد من دول العالم. لقد أحسوا بأن انتصار المنتخب المغربي انتصارا لهم، فشجعوه حتى آخر لحظة بحب و صدق و عفوية. لقد هزم قيود المستحيل و اقترب من حلم التتويج بالكأس الذهبية الغالية. لكن المباريات التي تلت كأس العالم وصولا إلى نهائيات كأس الأمم الإفريقية،عرفت نوع من التذبذب في الأداء. و دخل في دوامة من إعطاء الفرصة لمجموعة من اللاعبين قد تفسر في بعض الأحيان بجبر الخواطر ليس إلا. و إعطاء بعض التصريحات التي لم يكن موفقا فيها، أضرت بمن ساندوه لما خرجوا يهتفون باسمه و كتيبته في مجموعة من البلدان. لينتهي به المطاف خارج الكان. ولأننا مجتمع ينسى بسرعة و مع توالي الإخفاقات، مما قد يغطي على الإنجاز الباهر في قطر. كن ذكيا يا وليد فمازال أمامك وقت كي تراجع أوراقك وتترك إنجاز المونديال عالقا بالأذهان لا تشوبه شائبة، فسقف إنجازك عال يصعب تحطيمه قد يصمد لسنوات. كلمة أخيرة( خليها فعزها) وكن مثالا يحتذى به لعموتة!!!