حذرت الجامعة الوطنية للتعليم "FNE"، إحدى النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية الموقعة على اتفاق "26 دجنبر 2023" مع الحكومة حول تعديل النظام الأساسي للتعليم، (حذرت) من أن توقيف الأساتذة المضربين "سيرهن مستقبل السنة الدراسية للمجهول". وأدان المكتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم، في بلاغ له اليوم السبت، قرارات التوقيف الإدارية والمالية بحق الأساتذة المضربين، معتبرا إياها "تعسفية وغير قانونية وتنتهك حرية الاحتجاج وممارسة الحق في الإضراب للمطالبة بتحقيق المطالب وتفعيل وأجرأة الاتفاقات والتزامات الحكومة والوزارة". وعبرت النقابة عن احتجاجها بقوة، على "المراسلات اللاقانونية بالتوقيفات عن العمل مع توقيف الأجرة ضد عدد من الأستاذات والأساتذة المضربين"، معتبرة أن مقاربة الوزارة "القمعية والتعسفية ضد ممارسة الحق في الاحتجاج السلمي انتهاك صريح ضد ممارسة الحق في الإضراب المكفول بالمواثيق الدولية والوطنية". وترى النقابة في بلاغها الذي توصلت جريدة "العمق" بنسخة منه، أن "هذه المقاربة القمعية والتسلطية والتحكمية والتكميمية للأفواه لن تزيد الأوضاع إلا تأزما، مما يرهن أكثر مستقبل السنة الدراسية للمجهول". وأعلنت عن "تضامنها المطلق مع الأساتذة والأستاذات ضحايا القرارات الإدارية التعسفية"، داعية وزارة التربية الوطنية إلى "توقيف كل المساطر الانتقامية التعسفية غير القانونية ضد نساء ورجال التعليم من توقيفات وقرارات انتقامية"، كما طالبت بالتعجيل بإرجاع كل الأموال المقتطعة "تعسفا" من أجور المضربين. وجددت الFNE تأكيدها على أن "أي انفراج لأوضاع الاحتقان والاحتجاج في قطاع التعليم لن يتم سوى بتلبية المطالب الملحة والعاجلة لنساء ورجال التعليم، والتسريع بأجراة الاتفاقات، وآخرها التزامات اتفاق 26 دجنبر 2023 الذي يُعتبر مدخلا لفتح الآفاق لحل المشاكل العالقة وإنصاف الفئات التعليمية، بما يحقق الإنصاف وجبر الأضرار وحل المشاكل المتراكمة لسنوات في القريب العاجل". وشددت على ضرورة "الاستجابة للمطالب المتراكمة لنساء ورجال التعليم والتسريع بتفعيل التزامات الحكومة في اتفاقي 10 و26 دجنبر 2023، بالزيادة الفعلية في أجور هيئة التدريس وأطر الاختصاص ومعالجة الملفات العالقة ومنح 500 درهم للمساعد التربوي، والتسريع بالإعلان عن مباراة الترقية بالشهادات وتغيير الإطار وفتح المباراة للترقية بالشهادات للأطر غير هيئة التدريس". يأتي ذلك بعدما شرعت العديد من المديريات الإقليمية التابعة لوزارة التربية الوطنية فعليا في إصدار قرارات توقيف ضد العديد من رجال ونساء التعليم الذين يواصلون خوض إضرابات هي الأطول في تاريخ القطاع، إذ تجاوزت الأسبوع ال11 على التوالي، احتجاجا على النظام الأساسي الجديد. وفي العديد من المديريات، توصل أساتذة بقرارات التوقيف المؤقت عن العمل، بسبب "عدم الالتزام بأداء مهامهم الوظيفية والتعليمية، والانقطاع المتكرر عن العمل وبصفة غير مشروعة مما حرم التلاميذ من حقهم في تدريس قار ومستقر، فضلا عن عدم التقيد بقيم واخلاقيات المهنة وفقا للضوابط المعمول بها في منظومة التربية والتكوين". وبحسب نماذج من قرارات التوقيف التي اطلعت عليها جريدة "العمق"، فإن المديريات اعتبرت المنسوب للموقوفين خطأ جسيما وإخلالا بالالتزامات المهنية التي أساسها التربية والتدريس. وتتابع المديريات المعنيين بالقرار بناء على الفصل 73 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية كما تم تغييره وتتميمه، وقررت توقيفهم بشكل مؤقت عن العمل مع توقيف رواتبهم الشهرية باستثناء التعويضات العائلية إلى حين البث في ملفاتهم من طرف المجالس التأديبية التي ستنعقد في وقت لاحق. وينص الفصل 73 المذكور على: "إذا ارتكب أحد الموظفين هفوة خطيرة سواء كان الأمر يتعلق بإخلال في التزاماته المهنية أم بجنحة ماسة بالحق العام فإنه يوقف حالا من طرف السلطة التي لها حق التأديب. والمقرر الصادر بتوقيف الموظف يجب إما أن ينص على أن المعني بالأمر يحتفظ بمرتبه طيلة مدة توقيفه وإما أن يحدد قدر ما سيتحمله من الاقتطاع، وتستثنى من ذلك التعويضات العائلية التي يظل المعني بالأمر يتقاضاها بأكملها. وفي حالة التوقيف يجب استدعاء المجلس التأديبي في أقرب أجل ممكن كما يجب أن تسوى نهائيا حالة الموظف الموقف في أجل أربعة أشهر ابتداء من اليوم الذي جرى فيه العمل بالتوقيف. وإن لم يصدر أي مقرر عند انتهاء هذا الأجل فإن الموظف يتقاضى من جديد مرتبه بأكمله. وللموظف المعني بالأمر الحق في استرجاع المبالغ المقتطعة من مرتبه إن لم تصدر عليه أية عقوبة غير الإنذار والتوبيخ والتشطيب من لائحة الترقية أو إن لم يقع البت في قضيته عند انتهاء الأجل المحدد في الفقرة السالفة. غير أن الموظف إذا أجريت عليه متابعات جنائية، فإن حالته لا تسوى نهائيا إلا بعد أن يصير الحكم الصادر عليه من المحكمة التي رفعت لها القضية، نهائيا. ولا تطبق في هذه الحالة مقتضيات الفقرة الثالثة أعلاه الخاصة بالأجل المعين لإعادة الراتب بأكمله إلى الموظف". وكانت جريدة "العمق" قد علمت في وقت سابق من مصادر مطلعة، أن الوزارة أعطت تعليمات لمصالحها الجهوية والإقليمية بإلغاء تراخيص الساعات الإضافية بالمؤسسات التعليمية الخصوصية وبمؤسسات التكوين المهني بالنسبة للأساتذة المضربين. وقالت المصادر ذاتها إن التراخيص ستبقى مفتوحة فقط في وجه الأساتذة الذين يشتغلون في مؤسساتهم الأصلية بصفة نظامية. مصادر جريدة "العمق" لم تستبعد أن تطال مسطرة التوقيف عن العمل المضربين الذين يصرون على مواصلة الإضراب الذي تقول إنه "أصبح غير ذي معنى بعد الاستجابة للمطالب العادلة"، وفق تعبير المصادر ذاتها.