القنيطرة وما أدراك القنيطرة، لم اجد عنوانا يصف مدينة القنيطرة ووضعها الحالي أكثر من عنوان: من الروعة إلى الرداءة رحلة مدينة القنيطرة نحو الازدهار العكسي وسيطرة النفايات، صحيح القنيطرة متجهة نحو الازدهار العكسي خاصة مع المجلس الحالي، مجلس أرجع القنيطرة الى دوار كبير بسبب انتشار النفايات والكلاب الضالة، وانتشار الحيوانات وضعف المرافق الاجتماعية والاقتصادية او غيابها، فلم نسمع عن احداث ملاعب قرب جديدة أو الانتهاء من بناء منشآت ثقافية او تجهيز فضاءات عمومية، او تسهيل الحركة المرورية او خلق أنشطة وفعاليات اقتصادية تساهم في تحريك العجلة الاقتصادية والتخفيف من وطأة تداعيات كورونا فيروس و تداعيات الجفاف والتغير المناخي، وتداعيات التضخم الذي اثر على الاقتصاد المحلي، ماتعشيه القنيطرة اليوم اصبح ازدهارا عكسيا وأصبح رداءة خاصة واننا مقبلين على احداث دولية مثل قمة الكان سنة 2025، والمندياليتو سنة 2029، وكأس العالم سنة 2030، والعديد من المناسبات الهامة التي ستقام في بلدنا المغرب والتي يجب ان تكون مدننا المغربية في مستوى تطلعات هذه الأحداث الدولية لابراز مكانة المملكة المغربية اقتصاديا واجتماعيا وسياحيا وثقافيا على المستوى الإفريقي والعالمي. الازدهار العكسي الذي أصبحت تعيشه مدينة القنيطرة نتيجة صراعات وتجاذبات سياسية بين مختلف عناصر المجلس الذي اصبح همه الاساسي هو البحث عن الأصوات وجمع الاعضاء من أجل تمرير نقط جدول الاعمال، الازدهار العكسي ايضا نتيجة غياب رؤية استراتيجية واضحة وصريحة من أجل تطوير المدينة وتحسين وتجويد الخدمات للمواطنين، الازدهار العكسي نتيجة غياب إرادة حقيقية للمجلس في قيادة التغيير وخلق الثروة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمدينة واستفادة المواطنين منها. الازدهار العكسي نتيجة غياب مقاربة شمولية لتنمية المدينة، وتجزيئها الى مقاربة تقنية محدودة، الازدهار العكسي نتيجة اعتماد مقاربة تشاركية صورية من أجل إظهار تفعيل المقاربة التشاركية، الازدهار العكسي نتيجة غياب مقاربة نسقية متكاملة ومتداخلة ومتفاعلة تجمع بين القطاع الخاص و المجتمع المدني والإدارات الحكومية في اخراج برنامج عمل الجماعة 2022/2027، ذو واقعية ومصداقية و شمولية يحقق الأهداف الفعلية والاثر الايجابي للاستدامات الأربع : استدامة مكانية، استدامة اقتصادية، استدامة اجتماعية، واخيرا استدامة بيئية. إن التقسيم الترابي الجديد للجهات جعل مدينة القنيطرة ضمن حاضرة جهة الرباطسلاالقنيطرة، وذلك من أجل خلق تكامل اقتصادي واجتماعي وبيئي. فمدينة العاصمة الإدارية للمملكة والعاصمة الثقافية والبيئية للمملكة من خلال مشروع الرباط عاصمة الانوار، والقنيطرةالمدينة الفلاحية والصناعية والتجارية بامتياز، فتاريخيا كانت القنيطرة مدينة تجارية وكانت مدينة صناعية وما اطلاق المنطقة الصناعية اولاد بورحمة واستقرار كبرى الشركات الدولية ما هو الا تعزيز للصناعة وصناعة الخدمات بامتياز والتوجه نحو الصناعات الخضراء والصناعة البيئية، فالغرب يتميز بعدة خصائص طبيعية واقتصادية واجتماعية وثقافية : فنهر سبو هو شريان الحياة للغرب بكامله وبامكانه ان يصبح شريان للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياحية ويساهم في تطوير الخدمات وتحسين جودة عيش المواطن، فحسب الاستراتيجية الوطنية للموانئ 2040 المنجزة من طرف الوكالة الوطنية للموانئ فميناء سبو الحالي مخصص ليصبح ميناء ترفيهي بامتياز وبالتالي إعادة إحياء الميناء بفلسفة جديدة ورؤية متبصرة واستشرافية تتماشى مع توجهات المملكة في هذا الاطار، كما توفر الميناء على المنشآت القديمة والتجهيزات يمكن المساهمة مع الوكالة الوطنية للموانئ من أجل إعداد دراسة مشتركة تساهم في خلق الثروة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتثمين المجال ورد الاعتبار له، فالدراسة يجب أن تشمل المنطقة برمتها بدءا من الجرف المطل على النهر، والكورنيش، والمحطة المينائية، والحي الصناعي القديم، والصفة اليمنى للنهر، هذه الدراسة يجب ان تكون شاملة ونسقية وتفتح وجه المدينة للنهر، كما يمكن في هذا الصدد الاستعانة بخبرة وكالة تهيئة ضفتي ابي رقراق، او وكالة تهيئة مارتيشكا للاستعانة بخبرتهم في تطوير المجال. كما يمكن الدفع في انشاء وكالة وطنية مستقلة تشمل تهيئة مصب سبو والمهدية والمناطق الرطبة بالاقليم، وفي هذا الصدد يمكن تطوير المنطقة برؤية شمولية ونسقية واقتصادية بعيدة عن التجاذبات السياسية للمنتخبين. كما تتوفر المدينة على العنصر الغابوي وخاصة شجرة البلوط الفلين، والذي يجب اليوم فتح نقاش بين مختلف المتدخلين والمساهمين في القطاع، كيف يمكن جعل الغابة مصدر منتج للثروة الاقتصادية والثروة الاجتماعية والثروة البيئية، فتحليل رهانات القطاع الخاص واشراكه في الموضوع منذ البداية واعداد دفاتر تحملات مناسبة وملائمة يساهم بشكل كبير من تحويل الغابات الحالية إلى غابات وحدائق مستدامة وذكية، ففتح المجال الغابوي للاستثمار من طرف القطاع الخاص والشركات والمؤسسات العمومية، من خلال خلق فضاءات ترفيهية من مقاهي خضراء ومطاعم خضراء وخدمات خضراء متنوعة وابراز المنتوجات المجالية وفنادق خضراء وملاعب القرب، وأماكن للترفيه الخاصة تتناسب مع الوسط الغابوي، سيحول الفضاء الغابوي الى فضاء للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. كما أن الاسراع بتفعيل مخطط التنقلات الحضرية سيساهم بدون شك في فك الأزمة المرورية والتقليل من استعمال السيارات الخاصة وهذا بدوره سيساهم في تقليل نسبة التلوث بالمدينة، كما أن استغلال جزء من الطريق السيار المجاني وخلق محاور طرقية جانبية سيساهم في تخفيف الحركة المرورية ومرونة التنقل بين المناطق والمساهمة في خلق مدينة جديدة للضفة المقابلة للطريق الطريق وبالتالي سيصبح هذا الأخير هو الشريان الذي يربط بين القنيطرة القديمة والقنيطرة الحديثة. والعديد من المشاريع التي يلزمها التفعيل، الساحات العمومية، المدارات، التشجير، الإنارة العمومية وفق الطاقة الشمسية، التشوير وعنونة الاحياء والازقة، الخدمات الإلكترونية للإدارة، تبسيط المساطر الادارية، تدبير النفايات،... إن النفايات اليوم بالمدينة اصبحت العنوان الابرز، اينما تذهب تجد النفايات والازبال، صحيح ان سلوكات الأفراد مساهمة بشكل فعال في هذا الملف، ولكن دور المجلس مساهم أكبر في ضبط وتقنين سلوكات الأفراد، فالازبال اليوم يجب ان يتم التعامل معها بطريقة مستدامة من خلال العمل على خلق شركة للتنمية المحلية متخصصة فقط في جمع وتصنيف النفايات ودفع القطاع الخاص على الاستثمار من خلال إعادة تدوير النفايات ومعالجتها، وهذا بدوره فقط سيساهم في تحريك العجلة الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفقر والهشاشة والاقصاء الاجتماعي والبطالة، فبقايا الخضر يمكن إعادة استعمالها كأسمدة للأراضي الزراعية، بقايا البناء يمكن إعادة استعمالها في البناء والتجهيز، عجلات السيارات، البطاريات،... كل هذه الامور وغيرها يمكن إعادة استثمارها وإعادة تدويرها من أجل خلق اقتصاد دائري مستدام. إن اختيار العنوان ليس اعتباطيا، بل هو عنوان يصف واقع الحال الذي أصبحت تتخبط فيه مدينة القنيطرة، وبالتالي ليس المهم ان نقوم باعداد مخطط عمل الجماعة ومخطط استراتيجي، بل المهم والاهم هو قيادة التغيير من أجل تنزيل المخطط على أرض الواقع.