كشفت الهدنة الإنسانية المؤقتة في قطاع غزة التي بدأت الجمعة، عن حجم الكارثة الإنسانية والدمار الهائل الذي خلفه جيش الاحتلال الإسرائيلي في مناطق متفرقة خاصة مدينة غزة وشمالي القطاع. ودخلت الهدنة الإنسانية المؤقتة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل حيز التنفيذ عند الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي من اليوم الجمعة. وفي الدقائق الأولى للهدنة توجه مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين لتفقد منازلهم وأحيائهم خاصة بالمناطق الحدودية وتلك التي توغلت فيها الآليات العسكرية الإسرائيلية. واكتشف الفلسطينيون حجم الكارثة والجرائم والدمار الهائل الذي خلفته القوات الإسرائيلية في مناطق سكنهم. وأفاد شهود عيان لمراسل الأناضول، بأنهم خلال عودتهم إلى منازلهم بالمناطق الغربية لمدينة غزة وفي بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا (شمال) عثروا على جثث لعشرات الفلسطينيين الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي. وأوضح الشهود، أن الجثث كانت متحللة مما يشير إلى مقتلهم قبل عدة أسابيع خلال عمليات التوغل أو أثناء حركة النزوح من مدينة غزة إلى مناطق جنوبي القطاع. كما اكتشف الفلسطينيون حجم دمار هائل خلفه القصف الجوي وعمليات التوغل البري الإسرائيلي في مناطق مدينة غزة والشمال. وذكر الشهود أنهم وجدوا أحياء سكنية كاملة تضم مئات المباني وعشرات آلاف الوحدات السكنية مدمرة بشكل كلي، إضافة للدمار الهائل الذي لحق في الطرقات ومباني المؤسسات الحكومية والأهلية والبنى التحتية وشبكات المياه والكهرباء والاتصالات. إحدى الغزيات تعاين منطقة سكناها المدمرة في خان يونس خلال فترة الهدنة (الأناضول) المناطق الأكثر تضررا ومن بين أكثر المناطق التي شهدت دمارا واسعا بلدات بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا (شمال) وأحياء الرمال وتل الهوى والشيخ عجلين ومحيط مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة. كما بدأت أطقم الإنقاذ بمحاولة انتشال جثث قتلى من بعض المباني المدمرة بتلك الأحياء، وفق الشهود. وأصابت صدمة كبيرة آلاف الفلسطينيين عندما رأوا منازلهم مدمرة ومحاطة بالجثث والدماء. ويقول الفلسطيني سهيل عبد النبي من منطقة بئر النعجة في بلدة جباليا، إنه صدم عندما اكتشف أن منزله مدمر، وقد تركه سليما قبل نحو أسبوعين عندما نزح من المنطقة إلى حي التفاح شرق مدينة غزة. ويضيف عبد النبي لمراسل الأناضول في حديث عبر الهاتف: خرجت صباحا مشيا على الأقدام من إحدى المدارس التي أتواجد فيها مع عائلتي في حي التفاح وبعد ساعتين وصلت لاكتشف أن منزلي مدمر بشكل كامل. ويتابع: عثرنا على جثامين شهداء في منطقتنا وهم أفراد عائلات حاولوا النزوح من المنطقة قبل أيام واستهدفهم الجيش الإسرائيلي بقذائف المدفعية والطائرات الحربية دون طيار. وفي مناطق الشمال أيضا خاصة بمحيط المستشفى الإندونيسي ببلدة جباليا انتشر دمار هائل بعد أن اقتحم الجيش الإسرائيلي المستشفى وقصف محيطه بعدد كبير من القذائف خلال ساعات الليلة الماضية. ويقول مدير عام وزارة الصحة في غزة منير البرش، في تصريح للأناضول، إن الاحتلال الإسرائيلي قصف المستشفى الإندونيسي بعنف الليلة الماضية وهدمت دباباته وجرافاته سوره وجدرانا فيه أيضا. ويضيف البرش: الدبابة دخلت المبنى الرئيسي للمستشفى بعد أن دمرت بوابته وهدمت أحد جدرانه وأطلقت النار على المرضى والأطقم الطبية مما أدى لمقتل امرأة مصابة. ويشير إلى أن جميع الشوارع المحيطة بالمستشفى الإندونيسي دمرتها الدبابات الإسرائيلية بشكل تام. ويلفت إلى أن الجيش الإسرائيلي يتصل بإدارة المستشفى بشكل دائم لإجبار من فيها على الخروج منها. تدمير مرافق الشفاء أما في مجمع الشفاء الطبي فإن قوات الجيش الإسرائيلي، انسحبت الجمعة، بعد نحو 10 أيام من اقتحامه وتدمير أجزاء مهمة فيه منها مولدات الكهرباء بالمستشفى وأجهزة طبية بينها إضافة لمضخات الأكسجين. كما أحدثت القوات الإسرائيلية تفجيرات في بعض أقسام ومباني المستشفى الأكبر بالقطاع، وفق شهود عيان. وفي السياق، ذكر مصدر طبي في مجمع الشفاء الطبي للأناضول، أن نحو 180 مريضا و7 من الأطقم الطبية مازالوا متواجدين في الشفاء. كما تتمركز الآليات العسكرية الإسرائيلية في منطقة شارع الرشيد على امتداد محافظة الشمال ومدينة غزة علاوة على تواجدها في الجزء الجنوبي من حي الزيتون ومنطقة الشيخ عجلين. وحافظ جيش الاحتلال على تواجد قواته البرية في أجزاء من بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا (شمال)، وفق مصادر محلية. قصف عنيف قبيل الهدنة وخلال الليلة الماضية، شنت الطائرات الحربية والآليات المدفعية والدبابات غارات عنيفة على مناطق واسعة في مدينة غزة وشمالي القطاع. كما اندلعت اشتباكات واسعة بين عناصر الفصائل الفلسطينية المسلحة وقوات الاحتلال في منطقة الصفطاوي شمال مدينة غزة. وشنت الطائرات الإسرائيلية غارات عنيفة تعرف باسم الحزام الناري بمنطقة جباليا البلد مما أسفر عن دمار واسع وتدمير عدد من المنازل إضافة لإصابة عشرات الفلسطينيين. واستهدفت المدفعية مدينة الشيخ زايد في بلدة جباليا كذلك، مما أسفر عن وقوع عدد من الإصابات وتدمير شقق سكنية بالمدينة. هذه الأحداث المتسارعة جاءت قبل ساعات من دخول اتفاق التهدئة الإنسانية المؤقتة حيز التنفيذ في الساعة ال7 صباحا حيز التنفيذ بين حركة حماس وإسرائيل. ويتضمن اتفاق الهدنة الإنسانية إطلاق 50 أسيرا إسرائيليا من غزة مقابل الإفراج عن 150 فلسطينيا من السجون الإسرائيلية، وإدخال مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود إلى كل مناطق القطاع. وعلى مدار 48 يوما الماضية شن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت نحو 15 ألف شهيد، بينهم 6 آلاف و150 طفلا وأكثر من 4 آلاف امرأة، ونحو 7 آلاف مفقود، فضلا عن أكثر من 36 ألف مصاب 75% منهم أطفال ونساء، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة. * الأناضول