لا تُخفِ السلطة الفلسطينية وقوفها في خندق واحد مع دولة الاحتلال، وتصدّرها على الساحتين العربية والإسلامية عملية التآمر على معركة "طوفان الأقصى"، حيث تقوم بدور تدميري تجاه القضية الفلسطينية بتجريم حق مقاومة الفلسطينيين المشروعة لدولة الاحتلال، وتقويض قدرتهم على الصمود على أرضهم، وتقليص عدد الجبهات المفتوحة على العدو الصهيون، مقابل إبقاء إسرائيل على مكتسباتهم الشخصية من مراكز سياسية ومزايا اقتصادية. فمنذ الساعات الأولى من انطلاق الاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة، سارعت السلطة الفلسطينية الى توجيه أجهزتها الأمنية للانقضاض بقسوة على المظاهرات والفعاليات المناصرة لغزة، وملاحقة المقاومين في الضفة وتسليم معلوماتهم لدولة الاحتلال، وإعلان الاضراب العام حدادا على ضحايا غزة من اجل ابقاء الناس في منازلهم، ومنعهم من التجمع بهدف تجنب أي ثورة او هبة شعبية تهدد بقاءها، ومنع فتح جبهة داخلية أخرى ضد دولة الاحتلال من شانها ان تشتت تركيز قواتها على غزة والحدود الشمالية مع لبنان. واتاحت السلطة الفلسطينية لإسرائيل تنفيذ عمليات قتل واعتقالات في جميع مناطق الضفة الغربية من خلال ابقاء كامل أجهزتها الأمنية التي تقدر بأكثر من 60,000 عنصر في مراكزهم، وظلت صامته تجاه تصاعد وتيرة الحرب التي تشنها دولة الاحتلال على قطاع غزة، وارتكابها مجازر مروعة بحق المدنيين، وقصفها البنية التحتية المتهالكة والمستشفيات، والجامعات، والمدارس، وشبكات المياه والكهرباء، وغيرها من مقومات الحياة الاساسية بهدف جعل غزة غير قابلة للحياة، ودفع سكانها للهجرة الى دول أخرى بحثا عن حياة افضل، مما يعني تحقيق إسرائيل أهدافها بتصفية القضية الفلسطينية من خلال اقتلاعها الوجود الفلسطيني من ارضه، والقضاء على أي مقاومة قد تستنزفها من النواحي البشرية، والاقتصادية، وتبقي الصراع في الصدارة إقليميا ودوليا. ولم يجد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أي حرج باستقباله وزير الخارجية الأمريكي بحفاوة، وعرضه المساعدة في حكم غزة بعد القضاء على المقاومة فيها على الرغم من تصريحات الأخير المكوكية المؤيدة لإسرائيل، وتقديم بلاده لكل ما تحتاجه إسرائيل من دعم عسكري ولوجستي واقتصادي لمساعدتها في إبادة غزة. بالإضافة إلى ما تم ذكره، من المضحك أن يدّعي محمود عباس بأن السلطة الفلسطينية هي الممثل الوحيدة للشعب الفلسطيني على الرغم من انقضاء ولايته منذ عام 2009، وبقائه في منصبه دون إجراء أي انتخابات، وتأجيلها عدة مرات لعدم ضمان فوزه على أي منافسين له. ولهذا يشكل وجود السلطة الفلسطينية خطرًا جسيما على الانتصار الفلسطيني والثبات على أرضه؛ لأنها عمليا تعمل كجهاز أمني تابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية، واداة احتلال تستخدمها اسرائيل لتخفيف ثمن احتلالها لفلسطين، ووسيلة لدفع جمهورها نحو التيارات اليمينية الأكثر تطرفا، وتشجيع الميليشيات المتحالفة مع الجيش والمستوطنين على ممارسة القمع بشكل أعنف ضد الشعب الفلسطيني، وسط صمت وتقاعس عربي مذموم، وغياب المعايير الدولية المزعومة في مجال حقوق الإنسان.