بعد مرور أزيد من 10 أيام لم يستطع الإعلام الجزائري الرسمي وغير الرسمي نشر ما دار في اللقاء الذي جمع الرئيس الجزائري، عبدالمجيد تبون، في الثالث من اكتوبر الجاري، بعدد من مديري ومسؤولي وسائل الإعلام الوطنية في بلاده، وهي التي كانت تتسابق على نشر كل كلمة تخرج من فم تبون. وبحسب تحقيق لموقع algeriepart.com، فإن السبب في عدم نشر الحوار الذي دار بين عبدالمجيد تبون وممثلي وساءل الإعلام الجزائرية واشتمر لأربع ساعات راجع بالأساس إلى حديث الرئيس الجزائري عن بعض الدول بالسوء، من بينها مصر والإمارات العربية المتحدة وفرنسا، فضلا عن قوى "بريكس" والأممالمتحدة. وبحسب الموقع ذاته، فقد لجات الرئاسة الجزائرية إلى فرض رقابة على هذا اللقاء، وأمرت التلفزيون بعدم بثه، كما طلبت من الصحافة المكتوبة نشر ما جاء في اللقاء باقتضاب، دون نشر ما طال تلك الدول من إهانات. وكشف المصدر ذاته أن فشل النظام العسكري في الانضمام لبريكس جعل تبون يطلق خلال اللقاء تصريحات مهينة ضد مصر للتنديد بانضمامها إلى "بريكس"، إذ وصف المصريين بالشعب الفقير والذي يكافح من أجل إطعام نفسه. ويرى تبون أن مكانة مصر داخل "بريكس" ليس لها ما يبررها بأي حال من الأحوال، كما أن مؤشراتها الاقتصادية ليست أفضل على الإطلاق من مؤشرات الجزائر، فيما يمكن اعتباره إشارة واضحة إلى أن دول "بريكس"، ثلاثة منها تعتبرها السلطات الجزائرية شريكة موثوقة كجنوب إفريقيا وروسيا والصين، لم تكن عادلة مع بلاده، بل خذلتها في الوقت الذي جعل تبون من الانضمام إلى "بريكس" أولوية قصوى للترويج له داخليا وخارجيا. وأشار المصدر ذاته إلى أن تبون بالغ في تصريحاته المهينة التي خصصها للإمارات العربية المتحدة. إذ اتهم الرئيس الجزائري السلطات الإماراتية بالوقوف بشكل أساسي وراء استبعاد ترشيح الجزائر لعضوية "بريكس"، معتبرا أن أبو ظبي تجسد، الآن، الشيطان نفسه، وذهب إلى حد اتهام الإمارات بتحريض المغرب على شن عدوان عسكري على الجزائر من أجل خدمة مصالح إسرائيل. وأضاف تحقيق algeriepart.com أن تبون لم يستثن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وحرية تأسيس الجمعيات، كليمنت نياليتسوسي فول، الذي قام بزيارة رسمية إلى الجزائر من 16 إلى 26 شتنبر 2023. إذ زعم تبون أن هذا المسؤول الأممي تم "استخدامه"" من قبل لوبيات خارجية لزعزعة استقرار الجزائر بسبب حبس الصحافي القاضي إحسان، أحد مثيري الذعر في نظام تبون. ودعا مقرر الأممالمتحدة المعني بالحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات،كليمان نياليتسوسي، في وقت سابق الحكومة الجزائرية إلى تخفيف القيود المشددة على التجمعات والجمعيات لكي تمتثل القوانين والممارسات للدستور الوطني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وشدد مقرر الأممالمتحدة المعني بالحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات على ضرورة إيلاء اهتمام عاجل للوضع الحالي للقيود القانونية ومحاكمات الأفراد والجمعيات في الجزائر. جاء ذلك في بيان صدر في نهاية زيارته الرسمية التي قادته إلى الجزائر في ال16 من شتنبر المنصرم، اجتمع خلالها بالمسؤولين الحكوميين وأعضاء في البرلمان والسلطة القضائية وهيئات الرصد وأعضاء فريق الأممالمتحدة المعتمد لدى الجزائر، وعدداً من النشطاء وأطراف فاعلة في المجتمع المدني وصحافيين ومحامين ونقابات وأحزاب سياسية. وأضاف الخبير الأممي في بيانه: "يجب على الحكومة الآن معالجة مناخ الخوف الناجم عن سلسلة من التهم الجنائية الموجهة ضد الأفراد والجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية بموجب قوانين مفرطة التقييد، بما في ذلك تشريعات مكافحة الإرهاب التي تتعارض مع التزامات الجزائر الدولية في مجال حقوق الإنسان". وحث الحكومة على التخلي عن التهم والعفو عن الأشخاص المُدانين بتورطهم في الحراك. وقال إن ذلك سيعكس أيضا الاعتراف بالحراك كنقطة تحول في تعهد الجزائر بالمضي قدما.