كشف سعيد بنيس الكاتب وأستاذ علم الاجتماع المغربي، "أن موقف المغاربة من قضية فلسطين، لا يرتهن فقط بمقولة الأمة واعتباره واجب وطني، وفريضة دينية، والتزام قومي عروبي، بل أصبح كذلك يندرج بالنسبة لعدد كبير من المغاربة على اختلاف أطيافهم في خانة القضايا الإنسانية العادلة، لا سيما أن منطق كل فكر أو فلسفة أو مسار يحب ويحترم الإنسان، لا يمكن إلا أن يرفض العداء المفرط تجاه الفلسطينيين، بعيدا عن كل الحسابات السياسية والإستراتيجية والدينية والعرقية والمذهبية". وجاء في مقتطف من كتاب " تَمَغْرِبِيتْ -محاولة لفهم اليقينيات المحلية" لكاتبه سعيد بنيس، أن "ممارسات التنكيل والكراهية والمعاداة والاكزنوفوبيا والتقتيل، التي تتم معاينتها عبر الفيديوهات والصور، تدفع كل من يؤمن بالإنسية ويقدر العنصر البشري إلى خلاصة مفادها أن هذه الممارسات تجسد صنفا من العنف والقمع المتشنج والنوعي، الذي يكاد يكون ضربا من الفوبيا الإنسية". "العدوان الإسرائيلي على المدنيين في فلسطين لم يعمل إلا على تصدير الصراع لباقي العالم، فتحول الصراع الثنائي إلى قضية إنسية، صارت معها جميع أشكال التضامن والاحتجاج ضد الهجمات الإسرائيلية، نوعا من أنواع التعبير عن الإنسية، التي افتقدها المجتمع الدولي منذ عدة قرون" بحسب بنيس. وأبرز الكاتب المغربي وأستاذ علم الاجتماع، أن "التوافق وشبه الإجماع المغربي على رفض الغارات الحربية الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين، يمكن اعتباره نسقا من أنساق إعادة إنتاج الحركة الإنسية التي عرفتها أوربا خلال القرنين 15و16، والتي قامت على مقولة تمجيد وإعادة الاعتبار للإنسان، من خلال فلسفة وفكر يتمحور حول مقولات قوة عقله ورقي تكوينه ورمزية كرامته وتشبثه بحقه في الحياة". وأورد بنيس في كتابه تَمَغْرِبِيتْ"، أنه "يمكن اعتبار أن التضامن المتواصل واللامشروط مع المدنيين الفلسطينيين، تم احتضانه بطريقة تلقائية من داخل بعد إنساني، ينهل قيمه من سردية تَمَغْرِبِيتْ، التي تجعل من القضية الفلسطينية عنصرا من عناصر مقوماتها الأساسية، بموازاة حركة مدنية إنسية كونية لا تعترف باللغة والجغرافيا والدين واللون السياسي والانتماء العرقي أو الاثني".