موقف الحكومة السويدية من جريمة إحراق نسخة من المصحف الشريف، موقف دبلوماسي مصلحي أكثر منه موقف مبدئي، لأن إدانتها للجريمة جاء بعد المواقف العربية والإسلامية وعلى رأسها الموقف المغربي والموقف التركي باستدعاء السفراء للتشاور. وهنا لابد من الاعتزاز والافتخار بالموقف المغربي بما له من دلالات، جعلت مشيخة الأزهر الشريف تثني عليه وتعتبره موقف مشرفا. ربما حالت أجواء عيد الأضحى دون الاهتمام الوافي بهذا الموقف المعبر عنه في بلاغ وزارة الخارجية المغربية بعد منتصف ليل يوم الأربعاء الماضي، أي ليلة عيد الأضحى بالمغرب. بلاغ مهم جدا لأنه تضمن وبتعليمات من الملك محمد السادس، موقفا قويا اتجاه الجريمة المذكورة تَمثَّل في قرار استدعاء سفير المملكة بالسويد للتشاور، واستدعاء القائم باعمال السويد بالرباط، الذي تم إبلاغه بإدانة المملكة المغربية بشدة الاعتداء ورفضها لهذا الفعل غير المقبول لما فيه من ازدراء لعقيدة أكثر من مليار مسلم، وتناقض مع قيم التسامح. ولئن كانت الحكومة السويدية اعتبرت بعد أيام من الجريمة أنها عمل معادي للإسلام، فإنها أكدت في الوقت نفسه أن حرية التعبير حق محمي دستوريا في السويد، بما يعني أن هذه الحكومة لا تقر – مع كامل الأسف- أن حرق كتاب مقدس عند أكثر من مليار مسلم في العالم والمس بالعقائد والكتب السماوية لا علاقة أصلا بحرية التعبير، وما حصل ازدراء لعقيدة المسلمين، و مس خطير بقيم التسامح والحوار والعيش المشترك، وليس حرية تعبير. ألم يصدع الغرب رؤوسنا بهذه القيم.. مابهم ابتلعوا ويبتلعون ألسنتهم ولاينبسون ببنت شفة عندما تمس هذه القيم، ويمس المسلمون وتمس رموزهم الدينية والحضارية باسم حرية التعبير.. أم تراها فقط للاستهلاك السياسي والإعلامي والضحك على الدقون. ويشهد التاريخ أن المسلمين وبفضل دينهم وكتابهم؛ القرآن وسنة النبي العدنان سطروا تاريخا عظيما من التسامح والحوار وأسسوا قولا وفعلا للعيش المشترك.. وأن المواثيق الدولية التي صنعت على مقاس خماسية الفيتو لم ولن تصل لذلك المستوى. إن الموقف السويدي المذكور غير المبدئي بشأن احترام عقيدة المسلمين وقدسية القرآن الكريم، يتطلب من المسلمين موقفا حضاريا سلميا؛ يتمثل في مقاطعة البضائع والسلع والسلام، وذلك حق مكفول ويدخل ضمن حرية التعبير..