صب النظام الجزائري عبر وكالة أنبائه الرسمية جام غضبه على المغرب بسبب قرار البرلمان الأوروبي الذي يدعو مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد إلى إدانة الجزائر بشكل علني بخصوص القمع الممارس على حرية الإعلام. ونشرت وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية مقالا قالت فيه إن البرلمان الأوروبي وجد نفسه ملزما بمهاجمة الجزائر لطمأنة الشبكات الداخلية للمخزن بالبرلمان الأوروبي، مشيرة إلى البرلمان ذاته ضعف أمام فكرة إصدار لائحة تدين انتهاكات حقوق الانسان في المغرب. وأضافت الوكالة في تقريرها أن لائحة البرلمان الأوروبي ضد الجزائر لا تطمئن حول وضع هذه المؤسسة التي بدلا من البحث عن إرضاء هوس محمييها بالإساءة والتي تجد صعوبة في التخلص من تبعات ما سمتها بفضيحة "ماروك غايت", يجدر بها القلق أولا بشأن معاناة الشعوب المضطهدة. هذه الوكالة نفسها هي التي أشادت بهذا البرلمان الأوروبي في عشرات المقالات عندما وجهت هذه المؤسسة اتهامات "باطلة" للملكة المغربية، بل وجعلت نفسها ناطقة رسمية باسم هذه المؤسسة الأوروبية، لتتراجع عن ذلك وتقول إن البرلمان الأوروبي بعد قراراه ضد الجزائر أضاف طبقة قاتمة أخرى على مصداقيته الملطخة، وفق تعبير الوكالة الجزائرية. الرئيس الفرنسي ماكرون لم يسلم بدوره من وكالة "الجنرالات" إذ قالت: "إن هذه اللائحة الصادرة على ما يبدو من برلمانيي حزب الرئيس الفرنسي, ايمانويل ماكرون تدعو للتساؤل حول المغزى من هذا المسعى والعلاقات التي يرغب هذا التوجه السياسي في بنائها مع الجزائر، فهذا الحزب الذي يرغب ظاهريا في تعزيز علاقاته مع الجزائر، يضاعف من جهة أخرى الضربات الدنيئة لمسار بناء علاقة قائمة على الثقة المتبادلة. والواضح انه لا يمكن بناء علاقة على أساس خطاب مزدوج". وأمس الخميس، اعتمد النواب الأوروبيون خلال جلسة عامة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، قرارا يدعو مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد إلى إدانة الجزائر بشكل علني بخصوص القمع الممارس على حرية الإعلام. ويدعو هذا القرار، المصادق عليه بأغلبية ساحقة (536 صوتا مقابل أربعة ضد، مع امتناع 18 عن التصويت) والمتعلق بقضية الصحفي الجزائري إحسان القاضي المحكوم عليه يوم 2 أبريل الماضي بالسجن خمس سنوات، إلى "الدعم الفوري وغير المشروط لهذا الصحفي وجميع المعتقلين تعسفيا والمتهمين لممارسة حقهم في حرية التعبير". ويحث البرلمان الأوروبي السلطات الجزائرية على وضع حد لاعتقال واحتجاز النشطاء السياسيين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنقابيين، معربا عن تضامنه مع المواطنين الجزائريين الذين يتظاهرون سلميا منذ 2019. وأشار الجهاز التشريعي للاتحاد الأوروبي إلى أنه منذ مظاهرات "الحراك" التي اندلعت عام 2019، "تعرقل السلطات الجزائرية بشكل كبير حرية الإعلام وحرية التعبير". في هذا السياق، ذكر البرلمان الأوروبي أنه منذ 2019، تمت متابعة واعتقال 11 صحفيا وإعلاميا على الأقل"، مسجلا أن السلطات الجزائرية تحجب بشكل متزايد المواقع الإخبارية والمنشورات التي تنتقد الحكومة. ويدعو القرار السلطات الجزائرية إلى تعديل أحكام القانون الجنائي الجزائري، ولا سيما المادتين 95 مكرر و196 مكرر "المتعلقة بالأمن والتي تستخدم لتجريم حرية التعبير"، وكذلك مواءمة القوانين المقيدة لحرية التعبير مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. ودعا البرلمان الأوروبي السلطات الجزائرية إلى "احترام وتعزيز الحريات الأساسية، وإعادة ترخيص وسائل الإعلام التي تم حظرها". كما طالب النواب الأوروبيون مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه إلى حث السلطات الجزائرية على ضمان منح التأشيرات والاعتمادات "دون تأخير لا مبرر له" للصحفيين الأجانب والسماح لهم بالعمل بحرية. كما يشجعون وفود الاتحاد الأوروبي وسفارات الدول الأعضاء في الجزائر على طلب الولوج إلى الصحفيين المسجونين والتمكن من متابعة محاكماتهم. في هذا الصدد، سجل البرلمان الأوروبي أن إحسان القاضي، الصحفي الجزائري البارز الذي يترأس وكالة (إينتيرفاس ميديا)، إحدى آخر الشركات الإعلامية المستقلة في الجزائر، ورئيس تحرير موقع (ماغريب إيميرجون) وإذاعة (راديو إم)، تم اعتقاله دون أمر قضائي ليلة 23 إلى 24 دجنبر 2022. وأكد النواب الأوروبيون أنه تمت إدانة إحسان القاضي أمام المحكمة "على أساس اتهامات باطلة" بتلقي أموال لأغراض الدعاية السياسية والمس بأمن الدولة. يذكر أن الجزائر تعرضت يوم 11 نونبر الماضي أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف، إلى انتقادات من الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا خلال الاستعراض الدوري الشامل الخاص بها. وطالبت المندوبة الأمريكيةالجزائر بإلغاء التعديلات التي أدخلت على المادة 87 مكرر من القانون الجنائي والتي "تتضمن تعريفا فضفاضا مبالغا فيه للإرهاب"، وكذا الإفراج عن "الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعتقلين بموجب هذه المادة". ويوم 29 مارس 2023، أثناء المراجعة الدورية الشاملة للجزائر، أعربت منظمات المجتمع المدني عن أسفها بعد رفض الحكومة الجزائرية التوصيات المتعلقة بحرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات والاحتجاز التعسفي. وحكمت محكمة "سيدي أمحمد" بالجزائر العاصمة على الصحفي إحسان القاضي البالغ من العمر 63 عاما، وهو من منتقدي النظام، بالسجن خمس سنوات، ثلاثة منها موقوفة التنفيذ. وتم تحديد موعد محاكمته الاستئنافية يوم 21 ماي بحسب أعضاء مجموعة الدفاع عن الصحفي. وجرى إغلاق وكالة (إينتيرفاس ميديا)، وهي قطب إعلامي يضم موقع (ماغريب إيميرجون) وإذاعة (راديو إم)، وتم حجز مقرها في دجنبر الماضي قبل حلها.