طالب هيئات حقوقية وجمعوية مغربية، السلطات المختصة إلى إقرار قانون يجرم كل أشكال التمييز والعنصرية بالمغرب لأي سبب كان، بما في ذلك الدين أو الجنس أو لون البشرة، وكيفما كان مصدرها، وذلك على خلفية تنامي مظاهر العنصرية ضد المهاجرين الأفارقة بالدول المغاربية. جاء ذلك في بيان مشترك وقعته 15 هيئة حقوقية وجمعوية مغربية، توصلت جريدة "العمق" بنسخة منه، يدعو إلى نبذ خطابات الكراهية والعنصرية ومناهضة كل سياسات الهجرة القاتلة، تحت شعار: "العنصرية ليست رأيا.. العنصرية جريمة". وأوضح البيان أن الفضاء العام الافتراضي والواقعي بالمغرب، وبالمنطقة المغاربية، يعرف صعود خطابات عنصرية ضد المهاجرين القادمين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، مشيرا إلى أن الأمر تفجر بشكل كبير عقب التصريحات المقيتة للرئيس التونسي، قيس سعيد. واعتبرت الهيئات والجمعيات الموقعة، أن جزءا كبيرا من هذه الخطابات لا يختلف عن خطاب التيارات السياسية اليمينية المتطرفة بالدول الغربية، في محاولة من أجل استنساخها في واقع الهجرة بالمغرب وبلدان المنطقة المغاربية، والتي تعتبر فيها الهوية الإفريقية جزءا مهما من الهويات المتنوعة لبلدان المنطقة. وشدد البيان ذاته على أن "سرديات الخطاب العنصري والتمييزي القائم على تضخيم وجود المهاجرين، تكذبها المعطيات الإحصائية والميدانية، بما فيها المعطيات الرسمية حول تواجد المهاجرين بالمغرب". وأضاف: "بعيدا عن الخطابات التهويلية المبنية على منطق هوياتي منغلق غارق في نظرية إثنية حول وهم جديد هو "العرق المغربي"، فواقع الهجرة بالمغرب مختلف ومتنوع. والحال كذلك أن المغرب كان ولايزال متنوعا ومختلفا بهويات إثنية وثقافية متعددة ومتعايشة فيما بينها على مر القرون". وقالت الهيئات ذاتها، إن النقاش العمومي بخصوص موضوع الهجرات واللجوء بالمغرب أساسي، يجب أن ينصب على تبني سياسة للهجرة ترتكز على قيم ومبادئ حقوق الإنسان الكونية وسن قوانين للهجرة واللجوء تحترم الكرامة المتاصلة في الإنسان دون تمييز. وطالبت بالإيقاف الفوري للحملات الأمنية "التي تستهدف المهاجرين وعائلاتهم، وحملات الترحيل القسري داخل المغرب وإلى الحدود الشرقية، مما يشكل خطرا على حياتهم/هن". كما دعا البيان، الدولة المغربية إلى الكف عن لعب ما أسماه "دور الدركي" لصالح الاتحاد الأوروبي وإسبانيا، معتبرا أن ذلك "يترتب عنه من مآسي إنسانية وأزمات تمس مبدأ التعايش المشترك داخل التراب الوطني، كما هو الحال اليوم بمنطقة أولاد زيان بالدار البيضاء، كمثال من أرض الواقع عن سياسات المناولة التي يقوم بها المغرب لصالح دول الاتحاد الأوروبي". وشدد على ضرورة "تنفيذ الدولة المغربية لالتزاماتها المدرجة في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق العمال المهاجرين وحقوق اللاجئين ومناهضة الخطاب العنصري، كما هو منصوص عليه في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل وكل الاتفاقيات الأخرى". وفي هذا الصدد، طالب البيان هيئات المجتمع المدني والإعلام والمثقفين والباحثين الجامعيين، إلى "التصدي لخطاب الكراهية والتمييز والعنصرية إزاء المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، من خلال العمل الجماعي على تفكيك هاته الخطابات وضمان الكرامة وحقوق المهاجرين". ونبه المصدر ذاته إلى "دور الحياد السلبي التي تلعبه منصات التواصل الاجتماعي (خاصة منصات شركة "ميتا")، من خلال الاستمرار في السماح بحضور خطاب عنصري تحريضي بشكل مفضوح، في حين يتم حجب كل الخطابات المناهضة للأبرتايد الصهيوني الممارس على الشعب الفلسطيني". وأكد البيان على دور الاعلام والصحفيين من أجل "تفكيك الخطاب العنصري المتداول اليوم"، محذرا "وسائل الاعلام من خطر الانسياق في هذه الحملات التضليلية، حتى لا تساهم في الترويج لهذه الخطابات العنصرية طبقا للنصوص المنظمة للمهنة (مدونة الصحافة والنشر وميثاق الصحفي المهني)". كما دعا كافة المواطنين المغاربة وساكنة "المغرب الكبير" عامة، إلى "التحلي باليقظة والحذر أمام الحملات العنصرية الحالية وتغليب قيم التسامح والعيش المشترك والافتخار بهويتنا الإفريقية مع كل الجاليات الأجنبية المتواجدة ببلدان المنطقة، وخاصة إخواننا وأخواتنا القادمين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء"، وفق تعبير البيان. ووقع البيان كل من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، جمعية أطاك المغرب، مجلة مساواة، جمعية قوارب الحياة- العرائش، شبكة جمعيات الشمال للتنمية والتضامن، جمعية مساعدة المهاجرين في وضعية صعبة- وجدة، الشبكة المغربية لصحفيي الهجرات، منظمة متضامنون-ات. كما وقعته الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، مغربيات ضد الاعتقال السياسي، الهيئة المغربية لحقوق الانسان، جمعية توازة لمناصرة المرأة- تطوان، المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، حركة ضمير، جمعية الفضاء الديمقراطي للتبادل الثقافي ببرشلونة.