من تدشين الحمام إلى المحلبة، ومن خرجة إعلامية غريبة إلى خرجة إعلامية أغرب منها، يطل علينا اليوم الرئيس الجزائري تبون بمعلومة تاريخية غابت عن بال كل المؤرخين والجغرافيين والموثقين والدبلوماسيين، معلومة تتجلى في كون الديمقراطيات الأوروبية والحضارة اليونانية كلها صنعت بالجزائر وخرجت من رحم الجزائر في ضرب طويل وعريض من البعد الخيالي الذي يتنامى في ذاكرة الرئيس الجزائري تبون الذي فقد بوصلة التركيز كلما رأى المغرب يتقدم ويتفوق عليه اقتصاديا وديمقراطيا وسياسيا وعسكريا وأمنيا وتنضم إليه مجموعة من دول العالم اعترافا بمغربية صحراءه. هذه الخرجة الإعلامية التي أذاعتها القناة الجزائرية الرسمية المتحدثة باسم كابرانات الجزائر، قبل أن تسارع الزمن و وتبادر إلى حذفها لما لقيته من انتقادات داخلية وخارجية؛ تبين أن الرئيس الجزائري يعيش في مرحلة نشوة هذيان لم يشهد التاريخ البشري رئيسا مثله وأبان عن هشاشة تكوين الرجل دبلوماسيا ومعرفيا بالتاريخ والجغرافيا وعدم إلمامه بالشكل الكافي بالعلاقات الخارجية التي تأسست على مراحل من الزمن ومنذ أمد طويل لم تكن فيها الجزائر على أرض الوجود ولم يكن لها أثر في شمال إفريقيا. لعل المستندات التي أدلى بها المغرب بخصوص مغربية الصحراء الشرقية وشرعيته الدولية في استرجاع كل شبر من أراضيه الجنوبية والتي لطالما أخفوها الفرنسيون عن أنظار العالم، جعلت من الرئيس الجزائري يصاب بالصدمة التي أفقدته التركيز والهذيان اللا تاريخي والغير المسبوق بين رؤساء دول العالم الذين اعتبروا أن التصريح مجرد نكتة جادت بها قريحة السيد تبون. أم يا ترى ّإحساس تبون بنداء مجموعة من الدول الإفريقية بطرد مرتزقة البوليساريو " ورقة اليانصيب الرابحة ماليا" لكابرانات الجزائر، من الاتحاد الإفريقي لعدم شرعيتها الدولية في التواجد في صفوفه؟ أثارت عشوائية الرئيس الذي تصدق بمليار دولار على بعض دول إفريقيا في إطار المساعدة الاقتصادية بيد أن الشعب الجزائري الشقيق في فقر شديد ويفتقر إلى أبسط الحقوق المدنية والسياسية والحقوقية، وثورة أبناء وبنات الشعب الجزائري على السلطة العسكرية القامعة للحريات ولانفراد السلطة باتخاذ القرارات في ظل تناسل ظاهرة الاعتقالات في صفوف الحقوقيات والحقوقيين وإغلاق ومنع الأحزاب السياسية ودحض كل الأصوات المعبرة عن الشرعية وتطبيق الحقوق الدستورية التي صارت مجرد حبر على قلم تؤثت لدولة تشهد كل أنواع الفساد وترعى كل مظاهر التخريب والإرهاب. فعلا الجزائر هي من صنعت الديمقراطيات الأوروبية والعربية الإفريقية ولربما هي من صنعت القنبلة الذرية وأول من أرسلت صاروخا استكشافيا للقمر والمريخ، ولربما هي من أسست الدولة العثمانية مادامت هي من صنعت الحضارة اليونانية ولربما ستأتي لنا الأيام القادمة بتصريحات تفيد أن جميع الأنبياء والرسل ولدوا بالجزائر وأن بيت الله الحرام كان بالجزائر وسرقته منها السعودية خلسة في الظلام.