قرر مهندسو وأطر سلامة الملاحة الجوية، خوض إضراب غير مسبوق بمختلف مطارات المملكة، وذلك طيلة 15 يوما، في تصعيد جديد ينبئ بإرباك حركة الملاحة الجوية بالمملكة لأيام. ويتعلق الأمر بمهندسي وأطر سلامة الملاحة الجوية الساهرين على صيانة أنظمة الطيران المدني في أبراج المراقبة بمختلف مطارات المملكة المدنية والعسكرية، إضافة إلى المراكز الجهوية لمراقبة سلامة الملاحة الجوية بالدارالبيضاء وأكادير. يأتي ذلك بعد أسابيع قليلة من التوصل إلى اتفاق بين النقابة الوطنية لمهندسي وأطر سلامة الملاحة الجوية، والمكتب الوطني للمطارات، قادها الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، الميلود المخاريق، لتذويب الجليد بين الطرفين، قبل أن تتفجر الأوضاع من جديد. وأعلنت النقابة الوطنية لمهندسي وأطر سلامة الملاحة الجوية، في مراسلة لها إلى الجهات المسؤولة، توصلت جريدة "العمق"، عن قرارها بخوض إضراب عام لا تقل مدته عن 15 يوما كاملة، قابلة للتمديد، حتى تحقيق "المطالب العادلة والمشروعة" لمهندسي وأطر سلامة الملاحة الجوية. جاء ذلك عقب عقد جمع عام للنقابة، أمس الأحد بالمقر المركزي للاتحاد المغربي للشغل، بحضور وصفته النقابة بأنه "تاريخي وغير مسبوق، حيث ناهز عدد الحاضرين نصف العدد الإجمالي لمهندسي وأطر سلامة الملاحة الجوية العاملين بمختلف مديريات ومطارات المملكة المدنية والعسكرية". واستنكرت النقابة ما أسمته "محاولة سلطات الوصاية عقد المجلس الإداري للمؤسسة قبل فتح الحوار والاتفاق مع مكتبنا النقابي، واستمرارها في التماطل وتأخير الحوار إلى الساعات الأخيرة قبيل انعقاد المجلس الإداري، من أجل فرض سياسة الأمر الواقع وتمرير زيادات هزيلة لمهندسي وأطر سلامة الملاحة الجوية في مقابل زيادات ضخمة للمراقبين الجويين". واعتبر المصدر ذاته أن ذلك يُعد "خرقا واضحا للتعليمات الملكية وللمحاضر الموقعة في سنتي 2019 و2022، وهو الأمر المرفوض رفضا باتا والذي لن يقبل به مهندسو وأطر سلامة الملاحة الجوية" وفق تعبير البلاغ. "أطول إضراب" وفي هذا الصدد، اعتبر محمد هشام الطاهري، عضو المكتب النقابي الوطني لمهندسي وأطر سلامة الملاحة الجوية، أن هذا أطول إضراب دعت إليه النقابة، بعد إضراب 2011 (سبعة أيام وتم تمديده)، و2018 (5 أيام وتم التوصل لاتفاق في اليوم الرابع). وأوضح الطاهري في اتصال لجريد "العمق"، أن الإدارة العام لمكتب المطارات "تفاعلت مع جميع فئات الملاحة الجوية وأجرت مع ممثليهم الحوار، إلا فئتنا، ونحن نرفض عقد المجلس الإداري للمكتب وتمرير زيادات لم يتوافقوا معنا حولها، بل لم يطلعونا عليها أصلا". وشدد المتحدث على أن خطورة الإضراب الذي يعتزمون القيام بها، معتبرا أنه في حالة عدم تدخل مهندسي وأطر سلامة الملاحة الجوية، "يمكن أن يُفقد الاتصال بين برج المراقبة والطائرات، وبين المركز الجهوي والطائرات فوق المجال الجوي الوطني، وهذا يمس بالسيادة الوطنية". وأشار المسؤول النقابي إلى أنه يُفترض أن تشُعر السلطات المغربي شركات الطائرات بإضراب مهنيي سلامة الملاحة الجوية، وهو ما سيدفع تلك الشركات لطلب ضمانات من أجل عدم وقوع مشاكل، وبالتالي ستعرف الحركة الجوية ارتباكا، مضيفا: "نتمنى أن تتفاعل معنا الجهات المعنية تفاديا لوقوع هذه المشاكل". ويرى الطاهري أن قطاع الملاحة الجوية تؤطره التعليمات الملكية والمحاضر الموقعة مع المكتب الوطني للمطارات، والتي تنص على إقرار التوازن المادي والإداري للمهنيين، عبر زيادات متكافئة، لافتا إلى أنه تم منح زيادات هامة للمراقبين الجويين مقابل عدم فتح الحوار مع مهنيي سلامة الملاحة الجوية. "إقصاء" وبحسب النقابة المذكورة، فإن مهندسي وأطر سلامة الملاحة الجوية مستاؤون جدا من إقصاء اللجنة المكلفة من طرف رئاسة الحكومة لمكتبهم النقابي من الحوار حول السلم الاجتماعي بالمكتب الوطني للمطارات، على غرار الحوار المفتوح مع ممثلي باقي الفئات داخل المؤسسة. وأشار البلاغ إلى أن ذلك يأتي رغم أن نقابة الاتحاد المغربي للشغل "تمثل 100% من فئة مهندسي وأطر سلامة الملاحة الجوية، والذين يعتبرون ركيزة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها في منظومة الملاحة الجوية"، موضحا أن هذه الفئة "ترفض بشكل قاطع انعقاد المجلس الإداري قبل التوافق مع المكتب النقابي حول ملفها المطلبي". وأضاف المصدر ذاته أن هذا الإقصاء جاء "رغم المراسلات العديدة الموجهة في الأيام القليلة الماضية، سواء لرئيس الحكومة أو وزير النقل واللوجستيك، وكذا وزير الإدماج الاقتصادي المكلف من طرف رئيس الحكومة بالحوار الاجتماعي". وأوضحت النقابة أن محضر اتفاق الحوار الاجتماعي الذي التوقيع عليه مع الإدارة العامة للمكتب الوطني للمطارات، في 9 شتنبر 2022، نص على أن تطبيق كافة بنوده هو شرط لإلغاء إضراب 13 شتنبر 2022، حيث أكدت النقابة "تشبثها بمرجعية التعليمات الملكية التي تنص على وحدة الأنظمة الأساسية لتقنيي ومراقبي الملاحة الجوية". وعبَّر الكاتب العام للنقابة، مولاي عبد الجبار التجاني، عن تشبث نقابته ببنود محضر "19 فبراير 2019" الموقع مع الإدارة العامة، برعاية ميلودي المخاريق، وكذا ببنود محضر "9 شتنبر 2022′′، برعاية الأمانة الوطنية لل"UMT"، معتبرة أن بنودها "تنص بشكل واضح وجلي على التوازن الهيكلي بين الفئتين الأساسيتين في منظومة الملاحة الجوية". ووجهت النقابة مراسلتها هاته إلى كل من رئيس الحكومة، ووزير الداخلية، وزير التجهيز والنقل، وزيرة الاقتصاد والمالية، وزير الإدماج الاقتصادي، المديرة العامة للمكتب الوطني للمطارات، المدير العام لمديرية المنشآت العامة والخوصصة، المدير العام للمديرية العامة للطيران المدني، بجانب والي جهة الدارالبيضاءسطات وعامل إقليم النواصر. وكانت النقابة قد أعلنت في بلاغ سابق، عن رفضها المطلق لأي مراجعة للأجور "لا تأخذ بعين الاعتبار التعليمات الملكية، ولا تحترم الالتزامات الموقعة مع الإدارة العامة سنتي 2019 و2022′′، مشيرة إلى عدم انخراطها في أي سلم اجتماعي "لا يراعي ولا يحقق مضمون التعليمات الملكية". يُشار إلى أن المكتب النقابي الوطني لمهندسي وأطر سلامة الملاحة الجوية، كان قد أعلن عن إضراب عام وانقطاع شامل وكلي عن العمل لمدة 5 أيام، شهر شتنبر المنصرم، قبل أن تسفر تدخلات الأمين العام لل"UMT"، الميلود المخاريق، عن تذويب الجليد بين مهنيي الملاحة الجوية ومديرة المطارات، بعد مفاوضات ماراطونية استمرت لأيام.