قال المحلل الاقتصادي، نجيب أقصبي، إن فرضيات النمو التي وضعتها الحكومة غير واقعية في ظل ظرفية عالمية يسودها اللايقين الذي يربك كل التوقعات. وأكد أقصبي في حوار مع النسخة الفرنسية من جريدة "العمق المغربي"، أن بداية نونبر 2022 على المستوى الدولي والوطني عمقت من حالة اللايقين على جميع المستويات بفعل توالي الأزمات التي لا تريد أن تنتهي. وأوضح المحلل الاقتصادي ذاته، أن الاقتصاد العالمي في سنة 2022 لم يتعاف بعد ولم يبلغ مستواه المتوقع، وذلك نتيجة تداعيات أزمة كورونا وتراجع الإنتاج في سنة 2020. وأشار إلى أن الانتعاشة الطفيفة التي سجلها في سنة 2021 كانت تدفع إلى الاعتقاد أن الأزمة ستنتهي مع مرور الوقت، غير أن الأزمة الأوكرانية الروسية التي بدأت مع مطلع سنة 2022 غيرت كل التوقعات لندخل في أزمة لا تنتهي. وزاد أن التوقعات إلى غاية 2024 غير واضحة ويطغى عليها غياب رؤية واضحة، مضيفا أن الناتج الداخلي الخام لدول العالم، إجمالا، سجل تراجعات، مع ربط ذلك بارتفاع أسعار النفط والغذاء دوليا. وأبرز أقصبي، أن أسعار هذه المواد الأساسية يمكن أن تستقر في مستوى معين، ويمكن أن تستمر في الارتفاع مع استمرار الأزمة مرفوقة بتوجهات القوى العالمية. وشدد المتحدث ذاته، أننا أمام وضعية عالمية متسمة إجمالا بعدم اللايقين وغياب رؤية واضحة، زد على ذلك التضخم الذي يواصل الارتفاع، والمغرب دولة تتأثر بالتغييرات التي يعرفها الاقتصاد العالمي، بحكم أن الاقتصاد المغربي مرتبط بتحولات الاقتصاد الدولي نتيجة اندماجه بمعدلات كبيرة في المنظومة الاقتصادية العالمية. وانطلاقا من ذلك، يوضح أقصبي، أن الأزمة العالمية لها تأثير قوي على الاقتصاد المغربي، هذا بالإضافة إلى أن هناك عوامل داخلية مغربية محضة، منها الجفاف الذي يؤثر على الاقتصاد في كليته، وليس فقط القطاع الفلاحي، بالنظر لارتباط محصول الحبوب بنسبة النمو. وأكد أنه خلال هذا العام، سنحقق معدلا نمو تحت عتبة 1 في المائة، مبرزا أن أن الموسم الفلاحي الحالي الذي انطلق، قد يعرف استمرار الجفاف أيضا، معبرا عن أمله في أن نسجل موسما مطيرا. وقال المتحدث ذاته، إن الحرب والأزمة العالمية وتأثيرها على الموردين والزبناء الرئيسين للمغرب، له تأثير كذلك على الاقتصاد المغربي. وتطرق أقصبي إلى واحدة من فرضيات مشروع قانون المالية، والمتعلقة بالطلب الخارجي الموجه نحو المغرب الذي يتوقع أن يصل إلى 2.5 في المائة، مؤكدا أن جميع المؤشرات تشير إلى أن الأزمة الخارجية ستؤثر على هذا الطلب ولا يمكن أن يصل إلى هذا المعدل. وأشار في نقطة أخرى، إلى أن السياسات العمومية تبقى دون المستوى حتى ترفع تحدي مواجهة الأزمة، على اعتبار أن الحكومة لن تلتزم بتنزيل ما جاء في برنامجها الحكومي سواء من حيث النمو أو فرص الشغل أو القدرة الشرائية. إلى جانب ذلك، يضيف أقصبي، فالنموذج التنموي مغيب تماما في النقاش والتداول الحكومي والعمومي، باستثناء بعض الخبراء الذين يشتغلون في الموضوع. وخلص الخبير الاقتصادي، إلى أن الكلمة التي تشخص الوضعية العامة هي أنها وضعية صعبة تتسم ب "لايقين يربك كل شيء".