يخلد الشعب المغربي، بكل فخر واعتزاز، الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة التي أبدع عبقريتها جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني. حدث مفصلي في تاريخ الأمة المغربية، شكل منعطفا بارزا في مسار الكفاح الوطني من أجل استكمال الاستقلال والوحدة الترابية والوطنية للمملكة. استحضار هذه الذكرى الخالدة التي شارك فيها 350 الف متطوع ومتطوعة وعدد كبير من الدول الشقيقة والصديقة للمغرب، مناسبة للتأكيد على قيمة الوحدة الوطنية المتجددة لصيانة السيادة المشروعة على مغربية الصحراء بناء على آواصر الروابط التاريخية وعلاقة البيعة الشرعية لسكانها. فتاريخ 6 نونبر من سنة 1975، يؤرخ لحدث انطلاق المسيرة الخضراء بعد إصدار محكمة العدل الدولية بلاهاي لرأيها الاستشاري حول الصحراء. وفي 16 اكتوبر من نفس السنة اعلن الملك المرحوم الحسن الثاني طيب الله ثراه عن تنظيم هذا الحدث العظيم، وبذلك تكرست عدالة وشرعية مطالب المغرب في استرجاع صحرائه بطريقة سلمية وحضارية. ومنذ ذلك التاريخ، دأب المغرب على تخليد ملحمة المسيرة الخضراء المظفرة لتجديد الإرادة المتينة لتشبث المغاربة في إطار من الإجماع الوطني المتين بوحدتهم الترابية في التحام مع العرش. وبعد تحقيق استرجاع الصحراء المغربية عن طريق المسيرة الخضراء المظفرة، انطلق مسلسل التشييد والبناء والتنمية في كل ربوع الأقاليم الجنوبية، في إطار من التعبئة الوطنية الشاملة من أجل النهوض بمختلف مجالات التنمية ، وفي صلب اولوياتها العناية بالعنصر البشري وتوفير ما يلزم لحاجياته. انطلاق اوراش كبرى ومشاريع تنموية متعددة، همت توفير البنيات التحتية الحيوية التي كانت مفتقدة خلال فترة الاحتلال الإسباني، دينامية حاسمة ومتجددة اقدمت عليها المملكة المغربية لوضع أسس التنمية في الصحراء المغربية، مكنت من تحقيق المكاسب الراهنة بالأقاليم الجنوبية في كل المجالات وعلى مختلف الأصعدة. وبنفس روح المسيرة الخضراء، واستلهاما من مبادئها النبيلة تتواصل اليوم مسيرة البناء والنماء بقيادة جلالة الملك محمد السادس، خاصة في الأقاليم الجنوبية التي تشهد تنمية شاملة ، تعززت اكثر عن طريق النموذج التنموي الخاص بالاقاليم الجنوبية ، الذي تضمن مشاريع مهيكلة كبرى كالطريق السريع تزنيت-الداخلة على طول 1.055 كلم، والبرنامج الصناعي فوسبوكراع بالعيون وميناء الداخلة الأطلسي..؛ هذه المنجزات التنموية تواكبها الانتصارات السياسية والدبلوماسية التي تمثلت بافتتاح مجموعة من الدول لقنصليات عامة لها بمدينتي العيونوالداخلة، مما يكرس اعتراف هذه الدول بمغربية الصحراء وإشادتها بمقترح المغرب للحكم الذاتي تحت سيادته كحل اوحد ووحيد لتسوية النزاع الإقليمي المفتعل حول مغربية الصحراء. فاستحضار هذه الذكرى المجيدة، تستوجب التذكير بنضال شهداء التحرير والوطن الذي ضحوا من أجل صيانة وتحصين الوحدة الترابية والسيادة الوطنية في كل مناطق المغرب عامة، والصحراء المغربية على وجه الخصوص التي أضحت اليوم، بعد مرور سبعة وأربعين سنة على استرجاعها، تشهد على المنجزات والمكاسب التنموية والاجتماعية والدبلوماسية المحققة على كافة المستويات، مكنت الأقاليم الجنوبية بان تصبح قطبا رائدا على المستويين الإقليمي والقاري، ومنصة للتلاقي بين المغرب وعمقه الإفريقي. والجدير ذكره في هذا السياق إلى جانب هذه المكتسبات المحققة، أن المغرب ما زال يواصل نضاله الوطني المشروع بكل مكوناته من اجل الترافع عن مغربية صحرائه ، ودحض كل ادعاءات واباطيل واستفزرازت خصوم وحدته الترابية ، بإرادة متينة وإجماع وطني يعزز الجبهة الداخلية ، ودبلوماسية ملكية حكيمة تحقق الانتصارات المتتالية الباهرة امميا ودوليا وقاريا ، تجسدت من خلال تزايد عدد الدول المعترفة بمغربية الصحراء والمشيدة بمبادرة المغرب العقلانية لتسوية هذا الخلاف الإقليمي الذي عمر اكثر من اللازم ، من ضمنها دول وازنة كوالولايات المتحدة الإمركية وإسبانيا والمانيا ...كما تم تزايد سحب الاعتراف بالكيان الانفصالي ، وعودة المغرب لمكانه الطبيعي بالاتحاد الإفريقي ، وتبني المنتظم الدولي إطار مخطط الحكم الذاتي كأساس لتسوية نهائية ، وهو ما فتئت كل قرارات مجلس الأمن الدولي تعتبره الحل الجدي السياسي التوافقي العادل والدائم منذ ان تقدم المغرب بهذه المبادرة الجريئة في سنة 2007 ، وهو ما نص عليه نفس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2654 الذي كرس مجددا جدية ومصداقية المبادرة المغربية ، والذي بموجبه تم تمديد ولاية بعثة المينورسو في الصحراء المغربية لمدة عام، إلى غاية 31 اكتوبر 2023 .