في ظل النقص في مادة الحليب التي يعرفها المغرب حاليا، أشارت أصابع الاتهام إلى ضعف جودة الأعلاف المدعمة التي يستفيد منها الفلاحون، فيما انتقد منتجو الحليب تجاهل وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات محمد الصديقي لمطالبهم مقابل "محاباة" الشركات المصنعة للحليب. وفي سؤال كتابي موجه لصديقي، أشار الفريق الاستقلالي بمجلس النواب إلى أن عددا من الفلاحين والكسابة اشتكوا من ضعف جودة الأعلاف المدعومة من طرف البرنامج الاستعجالي الذي أطلقته الحكومة للحد من آثار الجفاف وإنقاذ رؤوس الماشية. وتابع المصدر ذاته أن هذه الأعلاف تتسم بضعف شديد في جودتها وهو ما انعكس سلبا على مردودية وإنتاجية الأبقار الحلوب حيث تراجعت معدلات كميات الحليب التي تنتجها. ويعزى سبب هذا الانخفاض الحاد في إنتاج الحليب، بحسب ما نقل المصدر ذاته عن الفلاحين، إلى طبيعة ونوعية المنتجات العلفية ومكوناتها التي تم تكليف شركة معروفة في هذا المجال بعملية توزيعها وبيعها للفلاحين والكسابة في أبريل الماضي. ونبّه إلى أن هذه الأعلاف تسببت في تراجع الإنتاج اليومي للحليب لدى عدد من الفلاحين وهو ما كبدهم خسائر مالية، مضيفا أنهم "يشعرون بالاستياء العميق إزاء هذه التلاعبات التي قد تطال صنع وتركيبة هذه الأعلاف والتي لم تحترم في إنتاجها أي من الضمانات التي جاءت بها الحكومة لتصل 10 ملايين درهم إلى الفلاحين بشفافية". من جهته، أكد رئيس فيدرالية منتجي الحليب والمنتجات الفلاحية، أحمد بوكريزية، ضعف جودة الأعلاف وتأثيرها السلبي على إنتاج الحليب، قائلا إن العلف المدعم كبد منتجي الحليب خسائر بالملايير، مضيفا أنهم وجهوا عدة مراسلات للوزير فكان مصيرها التجاهل. وأضاف بوكريزية، في تصريح لجريدة "العمق" أن الأعلاف المدعمة تسببت في تراجع إنتاج الحليب ب50 في المائة، كما أن هذه الأعلاف أثرت على صحة الأبقار، حيث أن بعضها لا تحمل على الرغم من تلقيحها لمرات عديدية، كما تسبب هذا العلف في سقوط عدد من أجنة الأبقار. وساهمت الأعلاف المدعمة التي حصل عليها عدد من الفلاحين والكسابة خلال سنة 2020، بحسب بوكريزية، في تراجع عدد ولادات العجول ب50 في المائة خلال سنة 2021، "وها هو الأمر يتكرر مرة أخرى هذه السنة"، يضيف المتحدث. وقال المتحدث إنهم لما لاحظوا، في 2020، إضرار الأعلاف المدعمة التي توزعها إحدى الشركات المعروفة بالعجول، أخذوا عينة منعا إلى مختبر المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، فتبين لهم أنها مغشوشة، حيث يتوفر الكيلوغرام الواحد على 15 غراما من البروتين بدل 17 غرام. وأشار بوكريزية إلى أن أزمة نقص الحليب ونقص عدد رؤوس الأبقار في 2016، حيث كانت شركات الحليب تستورد الحليب المجفف وكانوا يكتفون بشراء نصف ما تنتجه التعاونيات الفلاحية، وهو ما سبب لمنتجي الحليب من الفلاحين الصغار خسائر مادية فادحة. وأوضح أن رؤساء التعاونيات، "في ظل جشع الشركات"، يضطرون لتسلم نصف ما يأتي الفلاح من حليب، وهو ما دفع الفلاحين إلى تقليص عدد الأبقار إلى النصف تقريبا، فتراجعت الثروة الحيوانية بالمغرب بأكثر من 60 في المائة، ما سبب نقصا كبيرا في الحليب واللحوم الحمراء. وفي جهات الدارالبيضاء-سطات ومراكش-آسفي وبني ملال-خنيفرة والرباط-سلا-القنيطرة، يضيف المتحدث، أصبحت التعاونية التي تنتج ثلاثة آلاف لتر من الحليب تنتج فقط 700 لتر، وهناك تعاونيات كانت تنتج 2000 لتر أصبح إنتاجها لا يتجاوز 400 لتر. في سياق متصل، انتقد المتحدث الاتفاق الذي تم بين الفيدرالية البيمهنية للحليب ووزير الفلاحة، منبها إلى أن منتجي الحليب غير ممثلين في هذه الفيدرالية التي "تسيطر عليها الشركات المصنعة للحليب"، و"نحن كمنتجين سنظل نتفرج حتى (طيح البقرة) لأن ما اقترح الوزير ليس حلا".