نبه رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بشير الراشدي، الأربعاء، إلى تفاقم الفساد في إفريقيا، موضحا أن جهود بلدان القارة في الحد منه تظل نتائجها غير ملموسة. وقال الراشدي، في ندوة دولية حول الحكامة الجيدة بإفريقيا، تحتضنها الجامعة الدولية للرباط (تكنوبوليس)، إن الفساد يتفاقم في سياق يتم فيه استغلال نمو الأسواق والمنظمات والتكنولوجيات وتحويلها إلى أداة في خدمة تطوير ممارسات الفساد وغسيل الأموال والجرائم المالية. وتابع المتحدث أن الأزمة الصحية والأزمات الأخرى، "لا ترجح التوجه نحو تقليص هذه الظاهرة، بل على العكس من ذلك، فهي تطرح مخاطر جديدة بفعل انبثاق أشكال ومظاهر متجددة للفساد، تستغل مواطن القصور والثغرات التي أفرزها تدبير الاحتياجات الطارئة وضرورة الالتزام بتعبئة ميزانيات ضخمة في ظل ظروف استثنائية تنكمش فيها القواعد الاحترازية ومتطلبات الإشراف ومراقبة التدبير العمومي". وأضاف الراشدي أن جهود بلدان القارة في العقود الأخيرة للحد من الفساد، ظلت نتائجها وتأثيرها على المعيش اليومي للمواطنين والفاعلين الاقتصاديين غير ملموسة، "بما لا يساهم في تحجيم منسوب انعدام الثقة الذي تواجهه السياسات المعتمدة في هذا المجال". واعتبر المتحدث أن هذا الوضع يؤكد حتمية الشروع في جيل جديد من استراتيجية مكافحة الفساد، ينهض على مقاربة متعددة الأبعاد، ويتميز بالتماسك والتنسيق المحكم بين مختلف المتدخلين، ويوظف أدوات مبتكرة واستباقية لتطويق الظاهرة وتجفيف البؤر التي تساهم في تنامي تمظهراتها. وتتوخى هذه المقاربة التي تمتد في الزمن، بحسب الراشدي، تحقيقَ وقع ملموس على المدى القصير والمتوسط، اعتمادا على تحديدٍ معقلن لأولويات العمل، يستند إلى معرفة موضوعية وعميقة، ويعتمد على ترصيد النتائج لبلوغ الأهداف الاستراتيجية المنشودة، بحسب تعبيره. وفي مقدمة هذه الأهداف، يدعو الراشدي إلى إدراج آفة الفساد، بشكل مستدام، في منحنى تنازلي قوي، قادر على تهيئة شروط تنمية مدعومة وشاملة، كفيلة بتحرير الطاقات وتلبية الانتظارات المشروعة للمواطنين،سواء من الأجيال الحالية، أو من الأجيال المستقبلية التي يتعين صون مصالحها والحفاظ عليها. وأشار إلى أن القارة الإفريقية تعاني هذه القارة، وأكثر من أي منطقة أخرى في العالم، من الأعباء الممتدة للعواقب الوخيمة لآفة الفساد، والتي تتبدى بشكل خاص في هروب رؤوس الأموال المقدرة في عام 2020 لوحده بحوالي 89 مليار دولار.