أسفل هضبة "أوريل الأنبياء"، أو ملتقى الأنبياء، وحول أضرحة متناثرة تجمع رُفاة 366 وليا صالحا، يُقام موسم زاوية آسا – ملكَى الصَّالحين، كل عام، تزامنا مع عيد المولد النوبي الشريف. وينطلق الموسم الديني لزاوية آسا – ملكَى الصَّالحين هذا العام يوم الثلاثاء 4 أكتوبر المقبل ويستمر لستة أيام، تقام خلالها التظاهرات الفنية والثقافية ومسابقات الهجن وركوب الخيل، وليالي الذكر، موازاة مع معارض الخيام الموضوعاتية والسوق التجاري، ويُختتم بشعيرة نحر الناقة بساحة زاوية آسا، اختفاء بعيد المولد النبوي الشريف. وقالت مؤسسة آسا الزاك للتنمية والفكر والثقافة، إن هذا الموسم الديني شكل على مدى يزيد عن 700 عام، فضاء للمتصوفة وللذاكرين، و"سوقا" للأدباء والشعراء والمُفكرين، وملتقى للتجار والسلع والعارضين، ومناسبة للتواصل والتلاقي وصلة الأرحام بين القبائل الصحراوية. وأسهم تضافر عوامل متعددة، وسياقات تاريخية متمايزة في جعل قصر آسا، الذي شكل نواة آسا الحديثة على ضفتي الواحة، فضاءً ديناميّاً جاذباً، ومجالا خصباً للاستقرار والتعايش والتلاقح واحتضان النشاطات البشرية المختلفة. وبحسب الجهة المنظمة، فإن ظهور الزاوية واقترانها بذكرى الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف ساهم في تعزيز تلك الأهمية الاقتصادية/التجارية للحاضرة فضلا عن ما يوفره من دفء روحي وديني يقوم على روح التعايش والتساكن ونشر المعارف الإسلامية المعتدلة. ولعب موسمها التجاري القديم – أموكَار، تضيف مؤسسة آسا الزاك للتنمية والفكرة والثقافة، دوراً بالغاً في انفتاحها على محيطها الجهوي والإقليمي والعالمي، وربط إثنياتها بشعوب أحوازها الإفريقية المجاورة (السودان ومالي والجزائر) وأقطارها البعيدة (شعوب البحر الأبيض المتوسط). ومن الطبيعي أن يتطور تنظيم الموسم ليأخذ لبوسا حديثا لاسيما بعد إدراجه ضمن الجرد الوطني للتراث الثقافي المغربي في 2 مارس من سنة 2017 ، ثم وضعه من قبل منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم – يونيسكو على لائحة الانتظار للتنصيف ضمن قائمة التراث للامادي العالمي للإنسانية في 21 مارس 2018 . وفي شهر يوليوز 2022، أعلنت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"، عن اعتماد 26 عنصراً تراثياً رشحها المغرب كتراث مادي ولامادي مغربي خالص، من بينها موسم زاوية آسا. منحت هذه الاعترافات المُقدرة موسم زاوية آسا – ملكَى الصَّالحين موقعا خاصا، يتكامل مع عناصر التراث مُتعدد الروافد بالمملكة المغربية، جعلت القائمين عليه يتطلعون إلى جعله مركزا لتعزيز جاذبية الإقليم، الذي يتربع على مساحة تزيد عن 27 ألف كيلومتر مربع، على واجهتين حدوديتين، تربطانه بإقليم السمارة جنوبا وبالجزائر شرقا. لا يشكل موسم زاوية آسا، بحسب المؤسسة ذاتها، الضاربة جذوره في أعماق التاريخ عنصر جذب واهتمام بالتراث الصحراوي المحلي والعادات والتقاليد الأصيلة، التي تميز المنطقة فحسب، بل يشكل عنصر استقطاب للمعرفة العالمة في التصوف بتقاطعاته الجامعة، وللفنون العربية والأمازيغية والإفريقية، مما سيؤهله، لا محالة، ليصبح رافعة حقيقة للتنمية. وفي هذا الصدد، فإن الارتقاء بموسم زاوية آسا إلى مصاف التظاهرات المماثلة في المنطقة الجنوبية للمملكة المغربية، وفي شمالها، يتطلب المزيد من المثابرة والإبداع في زيادة وتنويع مصادر التمويل، ليمنح للبرمجة الفنية والثقافية قوة دافعة، تجعلها تستقطب جمهور المهتمين بكافة فئاتهم، بعد استقرار القناعة الجماعية لدى الفاعل السياسي في المغرب، على أن الثقافة لم تعد عنُصر ترف، بل أصبحت رافعة للتنمية.