بعيدا عن منطق أفلام الرعب التي رسخت صورة غير واقعية حول سمك القرش، فالعلماء يرصدون باستمرار هجمات مؤكدة على البشر لأكثر الأسماك إثارة للذعر لديهم. واختلف العلماء في تفسير سلوك القرش المهاجم للإنسان، لكنهم أكدوا أن هجمات القرش تزداد في الليالي القمرية. فماذا تقول الاحصائيات العالمية حول هجمات القرش؟ وما موقع الدول العربية من تلك الحصيلة؟ وكيف يفسر العلماء ازدياد هجمات القرش في الليالي القمرية؟ الإجابة عن هذه الأسئلة في التقرير التالي المنجز اعتمادا على "الجزيرة نت، و سي ان ان عربية. لماذا يهاجم القرش الإنسان؟ ووفق المعلومات المتوفرة حتى الآن، حسب الجزيرة نت، فإن هناك العديد من الفرضيات حول الأسباب التي تدفع أسماك القرش لمهاجمة الإنسان في بعض الأحيان. ومن تلك الفرضيات، حسب نفس المصدر، هي أن بعض فصائل أسماك القرش التي تهاجم الإنسان قد يختلط عليها الأمر وتهاجم الإنسان اعتقادا منها أنه كلب البحر أو أنه فريسة حيوانية تستطيع أن تأكلها، مثلما يحصل في حالة المتزحلقين على الماء، حيث يظهر المتزحلق على لوح التزحلق كأنه كلب البحر أو الفقمة وهي الوجبة المفضلة للقرش. أيضا يرى العلماء أن لدى القرش أجهزة استشعار تقوم بالتقاط أي إشارات كهربائية تقوم العضلات بتوليدها عند الحركة، وفي العادة يقوم القرش الذي يهاجم الإنسان بعضّه والهرب، بينما يفسر آخرون الأمر بأنه يعود إلى أسباب جينية. تحقيق في الهجمات خلال 2021 حسب سي ان ان، حقّق ملف هجوم القرش الدولي التابع لمتحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي (ISAF) في 137 حدث مزعومًا بتفاعل بين أسماك القرش والبشر في جميع أنحاء العالم في عام 2021. وأكدت قاعدة بياناتهم ب 73 هجمة سمكة قرش غير مبررة على البشر و39 هجمة مبررة أو استفزازية. وحسب نفس المصدر، يعد الملف الدولي لهجمات القرش (ISAF) التابع لمتحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي قاعدة البيانات الوحيدة التي تم إنشاؤها علميًا والتي توثق وتراقب هجمات أسماك القرش على أساس عالمي. في حين أن معظم تحقيقات الهجوم يتم إجراؤها بواسطة موظفي ISAF كجزء من البحث الجاري، فإن الملف يستفيد من شبكة موزعة عالميًا من العلماء الإقليميين المتعاونين الذين يحققون في الهجمات في مناطقهم (وفي بعض الحالات يحتفظون بقواعد بيانات ذات توجه إقليمي) ويقدمون تقارير تعاونية إلى الأمام لقوة المساعدة الأمنية الدولية. حسب قاعدة البيانات، هناك نوعان من الهجمات، الأولى الهجمات غير المبررة تُعرَّف بأنها الحوادث التي تحدث فيها عضة على إنسان حي في البيئة الطبيعية لسمك القرش دون أي استفزاز بشري لسمك القرش. والنوع الثاني: الهجمات استفزازية أو مبررة عندما يبدأ الإنسان في التفاعل مع سمكة قرش بطريقة ما. وتشمل هذه الحالات التي يتعرض فيها الغواصون للعض بعد مضايقة أسماك القرش أو محاولتهم لمسها، أو العض على صائدي الرمح، أو العض على الأشخاص الذين يحاولون إطعام أسماك القرش، أو اللدغات التي تحدث أثناء فك سمكة القرش أو إزالتها من شبكة الصيد وما إلى ذلك. كم أحصى الملف الدولي لهجمات القرش مند عام 1580؟ تصدرت الولاياتالمتحدة قائمة أكثر الدول من حيث عدد هجمات القرش المؤكدة غير المبررة بهجمات تبلغ 1563 منذ عام 1580 حتى الآن. تلتها أستراليا ب 682 حادثة، ثم حلت جنوب إفريقيا ثالثة ب 258 حادثة. عربيًا، تصدرت مصر ب 24 هجمة سمكة قرش غير مبررة. ففي خلال هذا الأسبوع كانت هناك حالتا وفاة في مصر وقعتا في الغردقة، في 2 يوليو/ تموز بالقرب من الشاطئ. وكانت هناك أربع هجمات غير مبررة في مصر في السنوات الخمس الماضية. واحدة فقط من هؤلاء كانت قاتلة وجميع الهجمات كانت من نوع القرش المحيطي الأبيض. وسجلت العراق 8 هجمات، وليبيا والسعودية 5 هجمات لكل واحدة، وتونس والصومال 3 هجمات، واليمن والسودان 2 هجمات، وجيبوتي هجوم واحد. لماذا تزداد هجمات أسماك القرش عند اكتمال القمر؟ في الوقت الذي لم يتفق فيه العلماء على السبب الدقيق الذي يدفع أسماك القرش للقيام بهجماتها الشرسة على الإنسان، حسب الجزيرة نت، فإن دراسة جديدة للباحثين في جامعة ولاية لويزيانا وجامعة فلوريدا الأميركيتين؛ أظهرت أن حدوث المزيد من هجمات أسماك القرش تتم خلال مراحل اكتمال القمر. ووفق الدراسة التي نشرتها دورية "فرونتيرز إن مارين ساينس" (Frontiers in Marine Science)، فقد وجد الباحثون أنه من المحتمل أن تتأثر هجمات أسماك القرش بالإضاءة القمرية وفقا لقوة إضاءتها في مراحل القمر المختلفة. من ناحية أخرى، حسب نفس المصدر، تقول صحيفة "ديلي ميل" (Daily Mail) إن أسماك القرش ليست المخلوقات الوحيدة التي تصبح أكثر شراسة أثناء اكتمال القمر، فالحيوانات الأرضية تتأثر أيضا بضوء القمر. وتضيف الصحيفة أن دراسة أجريت عام 2000 في المملكة المتحدة، والتي نظرت في المرضى الذين يحضرون إلى قسم الطوارئ بسبب لدغات الحيوانات بين عامي 1997 و1999، وجدت زيادة كبيرة في الهجمات أثناء اكتمال القمر. سلوكيات مرتبطة بمراحل القمر ووفق البيان الصحفي الصادر عن جامعة ولاية لوزيانا فقد تم جمع البيانات حول هجمات أسماك القرش المدونة والمرصودة في مختلف أنحاء العالم، وذلك استنادا إلى "السجل العالمي لهجمات أسماك القرش" (International Shark Attack File) على موقع متحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي والتي تم جمعها خلال فترة 55 عاما من 1960 إلى 2015. ومن خلال هذه البيانات حلل الباحثون العلاقة بين هجمات القرش ومراحل القمر، وذلك بدراسة العوامل الجغرافية وأنواع أسماك القرش ونتائج الهجوم، فوجدوا أن هجمات أسماك القرش تحدث أكثر من المتوسط خلال فترات الإضاءة القمرية الأعلى، بينما تحدث هجمات أقل من المتوسط خلال فترات الإضاءة المنخفضة، وهذا يبين أن هجمات أسماك القرش تشتد خلال مراحل اكتمال القمر. كما تقدم الدراسة دليلا قويا على أن النشاط المغناطيسي الأرضي يزيد وينخفض فيما يتعلق بالقمر عند اكتماله، إذ إن أسماك القرش تستشعر وتستجيب للمنبهات الكهرومغناطيسية على سبيل المثال، ومن الواضح أن المجالات الكهرومغناطيسية مهمة لسلوكيات الهجرة. ووفق "ديلي ميل" فإن الدراسة -على الرغم من أنها لا تقدم سببا واضحا للعلاقة بين اكتمال القمر وزيادة الهجمات- أشارت إلى أن النشاط المغناطيسي الأرضي الذي يسببه القمر يمكن أن يكون له تأثير على الحيوانات. وبناء على ذلك، فإن هذا يعني أن البدر يمكن أن يؤثر على المجال المغناطيسي للأرض و"يؤدي إلى الهجرة أو التكاثر"؛ مما قد يجلب أسماك القرش إلى المناطق التي من المرجح أن تواجه فيها البشر، كما يمكن أن تتفاعل أسماك القرش أيضا مع تأثير القمر على ظاهرة المد والجزر، أو قد يؤثر ضوء القمر الأكثر سطوعا على رؤيتها. لا يقتصر الأمر على ضوء القمر وحول مدى اقتصار هذه الهجمات على تأثيرات ضوء القمر في مراحله المختلفة، يقول بيان الجامعة إن هذه الهجمات لا تقتصر على الليل، وبالتالي لا يتعلق الأمر بمزيد من الضوء في الليل لتراه أسماك القرش، إذ تحدث معظم هجمات أسماك القرش في وضح النهار. ومع ذلك، يمكن للقمر أن يمارس قوى أخرى على الأرض ومحيطاته من خلال الجاذبية. يقول البروفيسور ستيف ميدواي الأستاذ المشارك والباحث في المشروع من جامعة ولاية لويزيانا "هناك علاقة لبعض الظواهر الطبيعية البحرية على سلوكيات بعض الحيوانات مثل ظاهرة المد والجزر، وبالتالي فإن هذا البحث يضيف منظورا جديدا في الكشف عن أسباب هجمات أسماك القرش، كما أن وفرة البيانات التي استندت إليها الدراسة تشير إلى أن هناك شيئا يستحق مواصلة البحث فيه". من ناحية أخرى ووفقا للبروفيسور ميدواي وزملائه؛ فإنه لا يزال من السابق لأوانه الادعاء أن إضاءة القمر هي عامل مسبب لهجمات أسماك القرش؛ نظرا لأن العلاقة بين مراحل القمر وهجمات أسماك القرش قد لا تكون سببية. كما تشير هذه النتائج إلى أن المحفزات المحتملة لهجمات أسماك القرش تحتاج إلى دراسة بطريقة أكثر واقعية، وذلك باستخدام الأساليب الرياضية لاختبار الظواهر العالمية ثم الحالات الفردية، مع ترك التخمين جانبا. ويضيف البروفيسور ميدواي "لا يدعي العلماء بالضرورة أن هناك أي فوائد فورية لإدارة المخاطر التي تنشأ من هذه النتائج. ومع ذلك، تساهم الدراسة في فهم أفضل لسلوك القرش، مما قد يساعد في إدارة المخاطر في المستقبل".