ما فتئت الأبحاث العلمية والطبية تؤكد على فوائد النشاط البدني المنتظم، وتكشف في كل مرة عن جديد علمي لا يمكن إلا أن يعزز ثقافة الرياضة في المجتمعات. وإذا كنت من المواظبين على الرياضة، فقد تكون تساءلت عن النظام الأنسب لذلك، هل إجراء تمارينها مرة واحدة في الأسبوع، نهاية الأسبوع غالبا، أم توزيعها خلال أيام الأسبوع؟ وكثيرا ما ينشب جدل بين الناس أو في مواقع التواصل الاجتماعي بين من يدافع عن حصة أسبوعية من التمارين الرياضية، ومن يدافع عن حصص يومية. ويشهر كل فريق حججه، سواء المتعلقة بفوائد الرياضة نفسها أو المتعلقة بظروف الناس اليومية. وجاءت دراسة جديدة لتحسم هذا الجدل بلغة العلم وتطمئن الجميع أن الأهم هو المدة الأسبوعية المخصصة للرياضة وليس كيفية توزيع تلك المدة على أيام الأسبوع. فماذا تقول الدراسة الجديدة؟ حسب سكاي نيوز عربية، تقول الدراسة الجديدة، التي نشرت تفاصيلها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، إن القيام بالتمارين البدنية دفعة واحدة في عطلة نهاية الأسبوع أو توزيعها على مدار الأسبوع لا يحدث فرقا على صعيد المكاسب الصحية. وخلصت الدراسة إلى أن إجمالي وقت النشاط البدني هي أكثر أهمية من وقت ممارسته. وفحصت الدراسة حالات أكثر من 350 ألف بالغ، يبلغ متوسط أعمارهم 41 عاما، وراقب الباحثون المشاركين في الدراسة بين عامي 1997 و 2013. وجرى تقسيم المشاركين الذين مارسوا 150 دقيقة من التمارين الأسبوعية خلال يوم أو يومين أو ثلاثة أو أربعة وهكذا، وفئة أخرى تضم الذين لم يمارسوا هذا المقدار من التمارين. ووجد الباحثون أن لدى أولئك الذين يمارسوا التمارين الرياضية في نهاية الأسبوع احتمال الوفاة أقل ب 8 بالمئة مقارنة بالأشخاص الذين لم يكملوا 150 دقيقة في الأسبوع. ولم يتم العثور على اختلافات كبيرة في معدل الوفيات بين "محاربي عطلة نهاية الأسبوع" والمتمرنين المنتظمين طيلة أيام الأسبوع، مقارنة مع إجمالي الوقت الذي يقضونه في التمرين. وقالت جوان وايتمور، المسؤولة في مؤسسة القلب البريطانية: "تشير هذه الدراسة الكبيرة إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالتمارين الرياضية، لا يهم متى تمارسها". وأضافت: "الشيء الأكثر أهمية هو أن يتم النشاط البدني في المقام الأول". الفوائد الصحية للرياضة على الدماغ أظهرت دراسة أخرى جديدة أنّ انعكاس التمارين الرياضية أفضل على صحتك، لأنّها تعزّز مستويات البروتين المعروف بتقوية التواصل بين الخلايا الدماغية عبر نقاط الاشتباك العصبي، الذي قد يكون عاملًا أساسيًا في إبعاد شبح الخرف عنك. وأثر الحماية هذا، تمّ اقتفاؤه أيضًا لدى المتقدّمين في السن النشيطين، الذين كشف تشخيص دماغهم وجود إشارات إلى أنّ ثمة دلائل للإصابة بالألزهايمر، أو أمراض إدراكية أخرى. وقالت "كايتلن كاساليتو" مؤلفة الدراسة والأستاذة المساعدة في علم الأعصاب بمركز الذاكرة والشيخوخة في جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكوالأمريكية، إنّ "نقاط الاشتباك العصبي، تشكّل تقاطعات التواصل المهمة بين الخلايا العصبية، حيث يتمّ السحر حين يتعلق الأمر بالإدراك المعرفي". وأضافت "كل أفكارنا وذاكرتنا تحدث جراء نقاط الاشتباك العصبي التواصلية هذه". وأظهرت الدراسات الأولية أنّ الحركة البدنيّة يمكنها التخفيف من خطر الخرف بنسبة تتراوح بين 30 و80%، وأوضحت كاساليتو: "لكنّنا لم نفهم بعد كيف يحصل ذلك على المستوى البيولوجي لدى البشر". وأشارت إلى "أنّنا بيّنا للمرة الأول لدى البشر، أنّ عمل نقاط الاشتباك العصبي قد يكون الطريق الذي يحسّن النشاط البدني عبره صحة الدماغ"، مضيفًة أنّ الدراسة قد تظهر رابطًا بين الإثنين، وليس بالضرورة أن تكون متماهية مع معادلة السبب والتأثير. وتابعت: "أعتقد أنّ هذه الاكتشافات بدأت تدعم الطبيعة الحيويّة للدماغ استجابة لأنشطتنا، وقدرة أدمغة المسنّين الحصول على استجابات صحية للرياضة، حتى بين الأكبر سنًا منهم". السر في تنظيم البروتين يحافظ الدماغ الذي يعمل بشكل جيد على انتقال الإشارات الكهربائية بسلاسة عبر نقاط الاشتباك العصبي من وإلى الخلايا العصبية، وإلى الخلايا الأخرى في الجسم. لتحقيق ذلك، يحتاج الدماغ باستمرار إلى استبدال البروتينات المستهلكة في تلك النقاط، إلى التأكد من أنها متوازنة ومنظّمة بشكل صحيح. وكتبت كاساليتو أنّ "هناك العديد من البروتينات الموجودة في نقاط الاشتباك العصبي تساعد في تسهيل الجوانب المختلفة للتواصل من خلية إلى أخرى. تحتاج هذه البروتينات إلى الموازنة بينها كي تعمل نقاط الاشتباك العصبي بالشكل الأمثل". كل هذا يمثّل جزءًا من كيفية إعادة تشكيل الدماغ لمساراته العصبية، والحفاظ عليها بصحة جيدة. وأوضحت كاساليتو أنّه "كلما زاد النشاط البدني، ارتفعت مستويات بروتين نقاط التشابك العصبي في أنسجة الدماغ. وهذا يشير إلى أنّ كل حركة مهمة عندما يتعلّق الأمر بصحة الدماغ". ولفتت في حديثها إلى CNN: "نوصي بممارسة نشاط رياضي لمدة 150 دقيقة أسبوعيًا، لا سيّما أنّ دراسات سابقة أظهرت أنّ المشي يقلّل من مخاطر التدهور المعرفي"! 7 فوائد للنشاط البدني المنتظم في تقرير أعده فريق "مايو كلينيك" يقدم الفوائد السبعة التي يمكنها أن تحسن صحتك وتزيد سعادتك. 1. تتحكم التمارين الرياضية في الوزن التمارين الرياضية من الممكن أن تساعد في الحول دون الاكتساب المفرط للوزن أو المساعدة في الحفاظ على خسارة الوزن. عند الاشتراك في نشاط بدني، يحرق جسمك السعرات الحرارية. كلما زادت شدة النشاط، زادت السعرات الحرارية التي تحرقها. 1. ممارسة الرياضة تكافح الحالات المرضية الصحية والأمراض هل أنت قلق بشأن مرض القلب؟ هل تأمل في الوقاية من ارتفاع ضغط الدم؟ لا يهم وزنكَ الحالي، فكونكَ نشيطًا يُعزِّز البروتينات الدهنية العالية الكثافة (HDL)، أو الكوليستيرول "المفيد"، ويُقلِّل من الدهون الثلاثية غير الصحية. هذا الأثر ثنائي الاتجاه يُحافظ على تدفُّق دمكَ بسلاسة؛ مما يُقلِّل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ويُساعد الانتظام في ممارسة التمارين الرياضية في منع أو معالجة المشاكل الصحية، أو المخاوف، ومنها: * السكتة الدماغية * متلازمة التمثيل الغذائي * ارتفاع ضغط الدم * داء السكري من النوع الثاني * الاكتئاب * القلق * أنواع عديدة من السرطان * التهاب المفاصل * الإغماء * يُمكِن أن يُساعد أيضًا في تحسين الوظيفة المعرفية، ويساعد على تقليل خطر الوفاة من جميع الأسباب. 1. تُحسن ممارسة الرياضة الحالة المزاجية هل أنت بحاجة إلى دفعة معنوية؟ أم هل أنك بحاجة إلى التخلص من التوتر والإجهاد بعد يوم شاق؟ قد يفيدك التوجه إلى صالة رياضية أو ممارسة المشي السريع. فإن النشاط البدني يُحفِّز موادَّ كيميائية متعدِّدة بالدماغ قد تجعلكَ أكثر سعادةً وراحةً وأقل شعورًا بالقلق. قد تشعر كذلك برضا أكبر عن مظهرك وعن نفسك عندما تمارس الرياضة بانتظام، ما يمكن أن يعزِّز ثقتك بنفسك ويحسِّن تقديرك لذاتك. 1. التمارين تزيد الطاقة هل تشعر بالإنهاك من التسوق لشراء البقالة أو أداء أعمال المنزل؟ يمكن للنشاط البدني المعتاد أن يحسن قوة عضلاتك أو يعزز قوتك على التحمل. تعمل التمارين على إيصال الأكسجين والعناصر المغذية إلى أنسجة الجسم، وتساعد الجهاز القلبي الوعائي على العمل بشكل أكثر فاعلية. وحين تتحسن صحة القلب والرئتين، يصبح لديك المزيد من الطاقة للتعامل مع الأعمال اليومية. 1. تعزز ممارسة الرياضة النوم بشكل أفضل هل تعاني من صعوبة في الحصول على غفوة؟ يمكن أن يساعدك النشاط البدني المنتظم على الإخلاد إلى النوم أسرع ويجعل نومك عميقًا. لا تتمرن بالقرب من موعد النوم وإلا أصبحت أكثر حيوية بحيث لا تستطيع النوم. 1. تضيف التمارين الرياضية الشرارة إلى حياتك الجنسية هل تشعر بالملل الشديد أو أنك لست في لياقتك البدنية للاستمتاع بالجماع؟ يمكن للنشاط البدني المنتظم أن يحسن مستويات الطاقة ويزيد من ثقتك بشأن المظهر البدني، ما قد يعزز حياتك الجنسية. بل هناك ما هو أكثر من ذلك أيضًا. قد تحسن ممارسة النشاط البدني بانتظام الإثارة الجنسية لدى النساء كذلك. كما أن الرجال الذين يمارسون الرياضة بانتظام على الأرجح هم أقل إصابة من غيرهم بالمشكلات الخاصة بضعف الانتصاب. 1. يمكن لممارسة الرياضة أن تكون مسلية... ونشاطًا اجتماعيًا!! يمكن أن تكون التمارين الرياضية والنشاط البدني ممتعين. تمنحك هذه التمارين الرياضية فرصة للاسترخاء أو الاستمتاع خارج المنزل أو المشاركة ببساطة في أنشطة تدخل البهجة والسرور إلى نفسك. يمكن أن يساعدك النشاط البدني أيضًا في التواصل مع أسرتك أو الأصدقاء في لقاءات اجتماعية ممتعة. لذا خذ دروسًا في الرقص أو مارس المشي أو انضم إلى فريق كرة قدم. ابحث عن النشاط البدني الذي تستمتع به ثم مارسه. هل كنت تشعر بالملل؟ جرِّب شيئًا جديدًا، أو افعل شيئًا بصحبة أصدقائك أو عائلتك. نصائح عامة ينصح فريق "مايو كلينيك" بما يلي: + النشاط الهوائي: خصص حوالي 150 دقيقة على الأقل من النشاط الهوائي المعتدل أو 75 دقيقة من النشاط الهوائي القوي أسبوعيًّا، أو مزيجًا من النشاط المعتدل والقوي. وتقترح الإرشادات توزيع هذه التمارين على مدار الأسبوع كله. + حصة الأسبوع: ويُوصى بممارسة الرياضة لمدة 300 دقيقة على الأقل أسبوعيًا لتحقيق فائدة صحية أكبر ولمساعدتك على إنقاص الوزن أو تثبيت الوزن بعد فقدانه. ومع ذلك، فإن القليل من الأنشطة البدنية يعود بالنفع أيضًا. قد يكون النشاط لفترات قصيرة على مدار اليوم بمثابة إضافة تقدم فائدة صحية. + تمارين القوة: مارِس تمارين القوة لجميع مجموعات العضلات الرئيسية مرتين على الأقل في الأسبوع. واحرص على أداء مجموعة واحدة من كل تمرين، باستخدام وزن ثقيل أو مستوى مقاومة شديد بما يكفي لإرهاق عضلاتك بعد تكرار الحركة من 12 إلى 15 مرة تقريبًا. + تنويع الأنشطة الهوائية: تشمل التمارين الهوائية المتوسطة أنشطة مثل المشي السريع وركوب الدراجات الهوائية والسباحة وجز العشب. بينما تتضمن التمارين الهوائية الشاقة أنشطة مثل الجري وأعمال البستنة الشاقة والرقص الهوائي. وأثناء ممارسة تمارين القوة يمكنك استخدام أجهزة التمرين بالوزن، أو وزن جسمك، أو الأكياس الثقيلة، أو أنابيب المقاومة أو مجاديف المقاومة في الماء، أو أنشطة مثل تسلق الصخور. إذا كنت ترغب في إنقاص وزنك، أو تحقيق أهداف محددة تتعلق باللياقة البدنية، أو الحصول على مزايا أخرى، فقد تحتاج إلى رفع مستوى أنشطتك الهوائية المعتدلة قليلاً. وتذكر أن تراجع طبيبك قبل بدء برنامج تمارين رياضية جديد، وخاصة إذا كانت لديك أي مشكلات تتعلق بلياقتك البدنية، أو إذا لم تكن قد مارست الرياضة منذ فترة طويلة، أو إذا كنت مصابًا بمشكلات صحية مزمنة، مثل مرض القلب أو داء السكري أو التهاب المفاصل.