يميل الناس اليوم أكثر فأكثر إلى البحث عن الجاهز والسريع الإعداد في نظام أكلهم، سواء بفعل الضغوطات اليومية التي تفرضها عليهم أنظمة عملهم، او لكونها تقدم "الحلول" للتغلب عن حالات العجز والكسل، او فقط تأثرا بوسائل الاعلام. وخلف الواجهة المنمقة التي تبرز عليها صفتي "جاهز" و "وسهل الإعداد" يقف وحش كاسر يدمر الصحة، ويهدد الطفولة بالخصوص، لأنهم أكثر ضحايا نظام "جاهز وسهل". وتكمن خطورة هذا النظام في كونه يرتكز على "الأطعمة الفائقة المعالجة"، وهذه الأطعمة، التي تعد في المختبر بدل المطبخ، كشفت دراسة جديدة عن أخطارها الكبيرة على الأطفال. وتشمل "البيتزا" و"البرغر" و قطع الدجاج المجمدة، وهي مأكولات جاهزة بعد تسخين بسيط. فما هي هذه الأخطار؟ وما هي الأطعمة فائقة المعالجة؟ وما هي مخاطرها بشكل عام؟ مستويات عالية الخطورة في عضلة القلب حسب الجزيرة نت، درس الباحثون الأطفال الذين يستهلكون بكثرة الأطعمة فائقة المعالجة (Ultra-processed foods)، ونشرت الدراسة في المجلة الطبية "التطورات الحالية في التغذية" (Current Developments in Nutrition)، وهي دورية شهرية علمية متخصصة في التغذية، ونشرت تفاصيل الدراسة في موقع "أكاديميك" (academic.oup) هذا الأسبوع. ولاحظت الدراسة في فئة الأطفال الأكبر سنا داخل العينة (12 إلى 15 عاما) أن الذين يعانون من مستويات عالية الخطورة في عضلة القلب هم الذين يستهلكون أكثر من 200 سعرة حرارية من الأطعمة فائقة المعالجة. التأثير السلبي على التطور الحركي وفي فئة الأطفال الأصغر سنا داخل العينة (ما بين 3 و5 سنوات) ظهر أن الاستهلاك الكبير للأطعمة فائقة المعالجة يؤثر سلبا على درجة التطور الحركي، إذ تبين أن الأطفال الذين حصلوا على أقل درجات التطور الحركي استهلكوا 273 سعرة حرارية أو أكثر من هذه الأطعمة مقارنة بأطفال آخرين لا يستهلكون هذه الكميات. وأشارت الدراسة إلى أن النتائج قد تساعد في تقديم معلومات فعالة للأسر من أجل الحد من تناول الطعام شديد المعالجة، خصوصا للأطفال، وذلك من أجل تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وهي أمراض تظهر بكثرة في فترة البلوغ. وركزت الكثير من الدراسات السابقة على خطر الأطعمة فائقة المعالجة على صحة البالغين، لكن هذه واحدة من أولى الدراسات التي اهتمت بربط تأثير هذه الأطعمة على اللياقة البدنية للأطفال. ما هي الأطعمة "فائقة المعالجة" وأضرارها بشكل عام التخليل والتعليب والبسترة والتخمير وإعادة التشكيل – هذه كلها أشكال من معالجة الطعام، والنتائج النهائية غالبا ما تكون لذيذة، حسب بي بي سي عربي، ولكن ما يميز الأطعمة "فائقة المعالجة" (UPFs) هو أنه يجري تغييرها لدرجة كبيرة، وتحويلها كيميائيا باستخدام طرق ومكونات غير شائعة الاستخدام عند الطهي في المنزل. وتشمل الأغذية فائقة المعالجة الوجبات الجاهزة و"البيتزا" والحبوب المحلاة والهامبرجر، وغيرها من المكونات التي تحتوي على عصارة المكونات الغذائية والإضافات الصناعية المتطورة التي تخلق نكهة للطعام أو تحسِّن لونه وملمسه. وحسب نفس المصدر، تظهر على مستهلكي تلك الأطعمة بشكل كبير، أعراض مثل قلة النوم وحرقة المعدة والخمول والإمساك والبواسير وزيادة الوزن. وقد قدمت دراسة أجريت بعض الأسباب العلمية لذلك. إذ أظهرت الدراسة أنه بالمقارنة مع الذين يتبعون نظاما غذائيا نسبة استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة منخفضة فيه، انتهى الأمر بالذين يستهلكون نسبة عالية منها بتناول أكثر من 500 سعرة حرارية يوميا. كما سجلوا زيادة في الهرمون المسؤول عن الجوع وانخفاض في الهرمون الذي يجعلنا نشعر بالشبع، وهو ما قد يفسر سبب الوزن الزائد لدى كثيرين. لكن زيادة الوزن ليست سوى واحدة من عدد لا يحصى من المشكلات المرتبطة بنظام غذائي يعتمد بشكل كبير على الأطعمة فائقة المعالجة. فقد أظهرت دراسات سابقة أخرى وجود صلة بين الاستهلاك المطول لتلك الأطعمة وارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والسمنة ومرض السكري من النوع الثاني وبعض أنواع السرطان وحتى الاكتئاب. كما أظهرت الدراسة أيضا تأثير تلك الأطعمة على طريقة تناولنا للأكل، فالأشخاص الذين يتبعون نظاما غذائيا يعتمد بشكل كبير على الأطعمة فائقة المعالجة، يأكلون بسرعة أكبر بكثير من أولئك الذين يتبعون نظاما غذائيا نسبتها فيه منخفضة. وقد ربطت أبحاث سابقة الأكل ببطء أكثر مع الشعور بالشبع. ولكن الأطعمة فائقة المعالجة، "من السهل جدا مضغها وابتلاعها". كما أظهرت الدراسات السابقة -التي أجريت على البالغين- أن اتباع نظام غذائي بالاعتماد على الأطعمة فائقة المعالجة من شأنه أن يؤثر بشكل سلبي على الدماغ وأن يؤدي إلى مشاكل في الذاكرة، كما ربطت دراسة أخرى بين هذه الأطعمة ومرض السكري. أمثلة على الأطعمة فائقة المعالجة: * المأكولات المعلبة * حبوب الإفطار الجاهزة * الحلويات * المشروبات الغازية * العصائر المحلاة * الألبان المنكهة المضاف إليها السكر * الحساء المعلب * البيتزا * البرغر * قطع الدجاج المجمدة، وهي مأكولات جاهزة بعد تسخين بسيط.