تصوير ومونتاج: يونس الميموني تظاهر العشرات من العاملات والعمال القانونيين بسبتة، في وقفة احتجاجية بمدينة الفنيدق، صباح اليوم الثلاثاء، على مقربة من المعبر الحدودي، وذلك احتجاجا على منعهم من دخول المدينةالمحتلة لتسوية أوضاعهم القانونية مع مُشغليهم، عقب قرار السلطات الإسبانية فرض تأشيرة الدخول عليهم. وفرضت قوات الأمن طوقا أمنيا لمنع العاملات والعمال من الوصول إلى معبر سبتة، صباح اليوم، باستثناء من يتوفر منهم على تأشيرة الدخول، وهو ما دفع المتضررين من التظاهر بالفنيدق مرددين هتافات بالعربية والإسبانية، من قبيل: "لا لا للفيزا"، "هذا عيب هذا عار.. العمال في خطر". وعبرت العاملات والعمال عن غضبهم من قرار منعهم من الدخول إلى سبتة، مشيرين إلى أن قرار فرض التأشيرة عليهم هو شرط تعجيزي بالنظر إلى رفض معظم مشغليهم منحهم الوثائق المطلوبة في ملف "الفيزا"، محذرين من هضم حقوقهم التي اكتسبوها طيلة عقود من عملهم. وقالت عاملات وعمال في تصريحات لجريدة "العمق"، إنهم لن يهاجروا سرا ولن يهربوا إلى إسبانيا، مشددين على أنهم عمال قانونيين ومن بينهم من أمضى أزيد من 40 عاما في عمله، مطالبين بتدخل الحكومتين المغربية والإسبانية لحل المشكل بشكل عاجل لتفادي ضياع حقوقهم. وكانت السلطات الإسبانية بتنسيق مع نظيرتها المغربية، قد حددت اليوم الثلاثاء 31 ماي 2022، موعدا لدخول العمال والعاملات القانونيين الذين كانوا يشتغلون بسبتة قبل إغلاق الحدود قبل سنتين، وذلك ضمن مرحلة جديدة من عملية الفتح التدريجي لمعبري سبتة ومليلية. وشرعت القنصليتين الإسبانيتين بكل من تطوان والناظور، منذ الأسبوع الماضي، في استقبال ملفات العمال القانونيين بالمدينتين السليبتين، قصد منحهم تأشيرة الدخول، وهو ما أثار غضب العمال الذين عبروا عن تفاجئهم من هذه الخطوة، بعدما كانوا يتنقلون في السابق عبر بطائق العمل فقط. إقرأ أيضا: عمال سبتة ومليلية القانونيين يراسلون بوريطة ويستعدون للجوء إلى القضاء الدولي وبحسب أرقام غير رسمية، فإن أزيد من 5000 عامل قانوني كانوا يشتغلون في مليلية، إلى جانب 3600 في سبتة، توجد ضمنهم أعداد كبيرة من النساء المعيلات لأسرهن، حيث لم يستفيدوا من أي دعم مرتبط بجائحة كورونا من المغرب أو إسبانيا خلال فترة توقفهم عن أعمالهم على غرار فئات أخرى. ويتوفر هؤلاء العمال على عقود عمل قانونية بسبتة ومليلية، وعلى رأسها بطاقة الشغل وعقود التأمين والتغطية الصحية والتقاعد والتعويضات عن الأبناء، إلا أن إغلاق المعبر جعلهم مهددين بفقدان وظائفهم في ظل القوانين الإسبانية التي تسمح بفصل من تغيب عن العمل لأزيد من 6 أشهر. "قرار ظالم" شكيب مروان، مسؤول المكتب النقابي للعاملات والعمال المغاربة حاملي رخص الشغل بسبتة، أوضح في تصريح لجريدة "العمق"، صباح اليوم، 80 عاملا فقط من تمكنوا من الحصول على تأشيرة الدخول، متسائلا عن مصير الآلاف الذين أمضوا معظم أعمارهم في العمل بسبتة. وقال مروان إن هذه الفئة تملك أموالها في بنوك سبتة ولديهم تقاعد وتغطية صحية ووثائق، متسائلا بالقول: "لماذا يتم منعهم من الحصول على أموالهم وحقوقهم؟ يجب منحهم حق الدخول لاستعادة حقوقهم، ورفع دعاوى قضائية ضد المشغلين الذين طردوا عُمالهم بسبب فيروس كورونا". واستغرب المسؤول النقابي فرض تأشيرة لا تتجاوز صلاحيتها 24 ساعة، معتبرا ذلك ظلما بحق العمال الذين ضحوا وصبروا لأزيد من سنتين منذ توقفهم عن مزاولة أعمالهم بسبب إغلاق الحدود، دون أن يحصلوا على أي تعوضيات أو مساعدات، على غرار باقي الفئات. وتابع قوله: "لا يمكننا القبول بأن يذهب جميع هؤلاء العمال ضحية بكل هذه البساطة، هؤلاء لم يكونوا يشتغلون في التهريب المعيشي، بل كانوا قانونيين ويضخون 20 مليار من العملة الصعبة سنويا إلى المغرب، ويساهمون في إنعاش الاقتصاد المحلي بمدن الشمال. وأشار إلى أن الحكومة المغربية لم تكلف نفسها عناء السؤال عن هذه الفئة أو طرح ملفها خلال المفاوضات مع إسبانيا، مضيفا أن العمال سيواصلون النضال وتنظيم الاحتجاجات السلمية بهدف العودة إلى العمل بدون أي تأشيرة، مناشدا الملك محمد السادس التدخل لإنصافهم. وكان المكتب النقابي للعاملات والعمال حاملي رخص الشغل بسبتة ومليلية، قد وجه مراسلة إلى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، من أجل التدخل لحل ملفهم بعدما فرضت السلطات الإسبانية التأشيرة على العمال لدخول المدينةالمحتلة. وأعلن المكتب النقابي رفضه التام للإجراءات التي اتخذتها السلطات الإسبانية بفرض تأشيرة خاصة على العمال الذين يملكون تصاريح سارية، ومنع الذين انتهت صلاحية تصاريحهم من الولوج، مع تعقيد المساطر المتبعة في هذا الشأن، بعدما كانوا يلجون دون قيد أو شرط سابقا. المراسلة التي تتوفر جريدة "العمق" بنسخة منه، التمست من وزير الخارجية التدخل لإلغاء فرض التأشيرة على العمال القانونيين، معتبرة أن عملية فتح المعابر لم تراعي مصالح وحقوق هذه الفئة من أقدمية عملهم ومدخراتهم وملفاتهم الطبيبة، رغم تقديمهم لكل المعطيات للجهات المسؤولة، خاصة لوائح بأسماء العمال. إلى ذلك، أعلن المكتب النقابي ذاته، عزمه التوجه إلى القضاء الدولي للمطالبة بتعويض أقله 100 مليون يورو لهذه الفئة، جراء ما لحقهم من أضرار مادية ومعنوية، مشيرا إلى احتفاظ النقابة بتبني كافة الخيارات النضالية المشروعة والقانونية لتحقيق مطالبها العادلة. وطالبت النقابة بإيجاد حل عاجل للملف وإلغاء كل "الإجراءات التعسفية" التي تحرم العمال من الالتحاق بأعمالهم أو الولوج إلى المدينة قصد الترافع والمطالبة بحقوقهم أمام المحاكم والمؤسسات الإسبانية، مطالبة النقابات في مليلية بدعم الملف. وكان المتضررون قد كشفوا في تصريحات سابقة لجريدة "العمق"، أنهم أصبحوا يضطرون إلى بيع ملابسهم وأثاث منازلهم وكل ما يملكون من أجل توفير لقمة العيش لأبنائهم، بعدما عجز أفراد أسرهم عن الاستمرار في دعمهم طيلة عامين. وأوضحوا أن هناك استدعاءات بحقهم في المحاكم بسبب عدم أدائهم سومة الكراء والقروض الصغرى المتراكمة عليهم، لافتين إلى أن بعض العائلات تم نزع عدادات الكهرباء من منازلها بسبب عدم أداء الفواتير المتراكمة عليهم منذ أشهر طويلة.
وإلى جانب ذلك، تعاني مجموعة من العاملات والعمال من أمراض مزمنة، يجدون معها صعوبة في توفير مصاريف العلاج والأدوية، بعدما كانوا يستفيدون من رعاية صحية جيدة في سبتة، بحسب قولهم، مشيرين إلى أن أغلبهم أمضى أزيد من 30 عاما في عمله داخل المدينةالمحتلة.