دعا رئيس مجلس المستشارين، رئيس رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، النعم ميارة، اليوم الخميس بالرباط، إلى "الحفاظ على وحدة أوطاننا واستقرارها وتنميتها أمام التحديات الجديدة المحدقة بالعالم والتي بدأت تفرزها تحولات النظام الاقتصادي العالمي". وشدد ميارة على ضرورة تطوير أشكال مبتكرة من الشراكات الاستراتيجية الشاملة والمندمجة على قاعدة تعاون جنوب-جنوب قوامه النفع المشترك، وتعزيز القدرات الوطنية، وتقوية الاندماج الإقليمي والتعاون البيني، من أجل التصدي للتحديات المتسارعة والمتنامية التي تواجهها إفريقيا والعالم العربي. وأوضح ميارة، في افتتاح أشغال المؤتمر الحادي عشر للرابطة الذي ينظمه مجلس المستشارين تحت رعاية الملك محمد السادس، أن الأمر يتعلق "بمداخل أساسية للحفاظ على وحدة أوطاننا واستقرارها وتنميتها أمام التحديات الجديدة المحدقة بالعالم والتي بدأت تفرزها تحولات النظام الاقتصادي العالمي، جراء التغير الجذري لموازين القوى الاقتصادية والديموغرافية والتكنولوجية والأمنية التي يعرفها العالم". وسجل في هذا السياق، أن التحديات التي تواجه إفريقيا والعالم العربي فاقمتها تداعيات جائحة كورونا، التي أدت بالقارة الإفريقية إلى انكماش في النمو بنسبة 2.1 بالمائة سنة 2020، وزيادة في نسبة الديون بمقدار 10 نقاط من الناتج المحلي الإجمالي. واعتبر أنه على الرغم من ذلك، شكل التوجه العالمي نحو التلقيح أملا كبيرا من أجل ضمان التعافي الاقتصادي والاجتماعي، وهو ما تجلى في المؤشرات الإيجابية للاقتصاد العالمي خلال سنة 2021، مؤكدا أن العنوان البارز، لما يعيشه المحيط المشترك لإفريقيا والعالم العربي، هو "التعافي والتأهيل الاقتصادي والاجتماعي لما بعد الجائحة" . وقال، إن العالم استطاع الدخول في مرحلة الانتعاش بفضل مجهودات جبارة لضمان المناعة الجماعية عبر اللقاحات المضادة للفيروس، وكذلك بفضل الأبحاث العلمية التي مكنت من الفهم الأمثل لفيروس كورونا المستجد ومتحوراته، مما مكن من تطوير بروتوكولات علاجية ناجعة وأدوية أكثر فعالية. وجدد رئيس الرابطة الإعراب عن التقدير والامتنان للملك محمد السادس "الذي أعطى انطلاقة تصنيع اللقاحات بالمملكة المغربية لبلوغ السيادة اللقاحية والرد على مخاطر ندرة اللقاحات، وكذا على الخطر الطبيعي المتمثل في ظهور أوبئة جديدة"، مشددا على أن الأمر يتعلق بإحدى المداخل الأساسية "لضمان سيادتنا الصحية، من خلال توفير الاكتفاء الذاتي لشعوبنا من الأدوية واللقاحات". كما دعا ميارة إلى استكشاف سبل التعاطي الجدي للتفعيل الأمثل للمبادرة الخلاقة التي أطلقها الملك، بشأن إرساء إطار عملياتي لمواكبة البلدان الإفريقية في مختلف مراحل تدبيرها للجائحة، مؤكدا أنها تتيح فرصة لتقاسم التجارب والممارسات الجيدة لمواجهة التأثيرات الصحية والاقتصادية والاجتماعية للجائحة. وحث أيضا، على تشجيع وتحفيز عمليات التشبيك بين مؤسسات البحث والمعاهد الطبية المتخصصة بالمنطقتين العربية والإفريقية في أفق نقل المعارف الطبية والتكنولوجيات الصحية، وعلى رأسها تلك المرتبطة بإنتاج اللقاحات وتصنيع الأدوية، مقترحا إطلاق إعداد دراسة جدوى متخصصة حول سبل إنشاء مرصد برلماني للاستجابة الشاملة للأزمات بما فيها الوبائية والوثيقة الصلة بالصحة العامة. وسجل ميارة أن من بين الفرص المتاحة لتعزيز التضامن العربي الإفريقي، استثمار الشعار السياسي للاتحاد الإفريقي لعام 2022، "عام التغذية: تعزيز المرونة في التغذية والأمن الغذائي في القارة الإفريقية ونظم الأغذية الزراعية، وأنظمة الحماية الصحية والاجتماعية من أجل تسريع تنمية رأس المال البشري والاجتماعي والاقتصادي"، وذلك من أجل بلورة خطة عمل برلمانية عربية – إفريقية مشتركة، لبلوغ هذا المسعى. من جهة أخرى، اعتبر ميارة أن رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي التي تخلد ذكرى مرور عشرين سنة على التأسيس، مطوقة بمسؤولية التقييم الموضوعي لعملها، تقييم يروم استشراف آفاق العمل ومستقبل الرابطة التي كانت العاصمة الرباط فضاء الانطلاقة الفعلية لتأسيسها في يونيو من سنة 2002. وأعرب عن الأمل في أن تكون العاصمة الرباط شاهدة اليوم، على أن مؤتمر سنة 2022، شكل محطة حقيقية لجعل الرابطة إطارا إقليميا معززا لدينامية التعاون الإفريقي العربي، وفضاء للحوار السياسي الرصين مع نظرائه في بلدان الجنوب، وكذا منظمة برلمانية حاملة ومتجاوبة "مع هموم شعوبنا، وفضاء ترافعيا من أجل قضاياها العادلة والمشروعة، وصوتها المسموع في مختلف المحافل الجهوية والإقليمية والدولية". وأفاد بأنه سعيا لتقوية مكانة الرابطة كمنصة للحوار البرلماني الرصين بالمنطقتين، وبالإضافة إلى تنظيم الملتقى الأول للحوار البرلماني جنوب-جنوب مع مجالس الشيوخ في أمريكا اللاتينية والكراييب غدا الجمعة، تم إعداد مقترح برنامج عمل للرابطة لعام 2022، يرتكز على تطوير رؤية مشتركة تتمحور حول التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتحديات الراهنة، لاسيما في ظل جائحة كوفيد- 19 وتداعياتها المتعددة الأبعاد، وكذا تعزيز الانفتاح على مجال الشيوخ والمجالس المماثلة بدول مختلف مناطق العالم. وتتطلع الرابطة، يضيف ميارة، خلال السنة الجارية إلى تنظيم مجموعة من الملتقيات والمنتديات، من بينها اجتماع مشترك شمال-جنوب بين رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي وجمعية مجالس الشيوخ في أوروبا؛ والمنتدى الاقتصادي البرلماني العربي الإفريقي الثاني ، واجتماع لغرف التجارة والصناعة في إفريقيا والعالم العربي. ويهدف المؤتمر ال11 لرابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، بالأساس، إلى إرساء ركائز التعاون بين الدول المشاركة فضلا عن بحث جملة من القضايا والمواضيع التي تكتسي أهمية كبرى بالنسبة للجانبين الإفريقي والعربي. ويتضمن جدول أعمال المؤتمر إلى جانب مداخلات الوفود المشاركة، عرض تقرير الأمانة العامة الذي سيقدم تقريرا مفصلا، عن أنشطة الرابطة خلال الفترة المنصرمة منذ انعقاد المؤتمر العاشر وآفاق العمل المستقبلية، وتشكيل لجان المؤتمر الثلاثة، اللجنة المالية، ولجنة البرامج ولجنة البيان الختامي. وتتمحور أشغال جلسات المؤتمر حول موضوعين رئيسيين، يتعلق الأول ب"التعاون والتضامن الإفريقي العربي كدعامة أساسية للتأهيل الحضري والتنموي في ظل تداعيات جائحة كورونا"، فيما يخص الثاني" الشباب والمرأة في صلب السياسات التنموية والاستثمارات المستدامة".