مرض الصرع ذلك الداء الذي إذا استوطن الجسم أحال صاحبه إلى كثلة من الهواجس والوساوس، وإحساس بخوف دائم من نوبات مجهولة العواقب، مرض قد يصيب الصغير والكبير من الجنسين ويغير سلوكياته ونفسيته إلى الأسوء، أدوية وفحوصات معقدة ومواعيد أطباء، كلها عوامل تحيل صاحبها إلى شخصية حساسة مهزوزة ويائسة. الطبيبة شفيقة غزوي، مسؤولة وحدة التواصل والإعلام بالمديرية الجهوية للصحة بفاس مكناس، ترى أن هاته النوبات وما يصاحبها من حركات جسدية شديدة قد تجعل من المرض جزءا من المحرمات والأمور المسكوت عنها لدى الأقارب والأصدقاء، وربما ترافق المريض نظرة قاسية رافضة لمجتمع متوجس. ففي حدثيها لجريدة "العمق" بمناسبة اليوم العالمي لداء الصرع الذي يُحتَفل به يوم غد الثلاثاء، ترى الطبيبة أن هذا المرض لازال يشكل لغزا محيرا للأطباء، مشيرة إلى ضرورة تظافر الجهود لمحو تلك الصورة النمطية السلبية والتي تضع مريض الصرع في خانة من به مس أو ذو تصرفات تجانب المنطق، مشددة على أن الحقيقة تمكن في كون المرض عبارة عن نوبة صرع تحدث نتيجة نشاط كهربائي في الدماغ. وتناشد الطبيبة غزوي المجتمع بدعم وتشجيع المريض على العلاج، وتشدد على ضرورة مواكبة الأسرة والقيمين على الشأن التربوي في الوسط المدرسي على وجه الخصوص، لإخراج المريض من دائرة العزلة والخوف والخجل إلى فضاء التفهم والتقبل والتعايش. وأوضحت المتحدثة، أن تخليد اليوم العالمي لداء الصرع يُعد مناسبة للإشادة بدور الأطباء والممرضين وكل القيمين في الشأن الصحي لدورهم الفعال في التصدي لهذا المرض، إلى جانب دور فعاليات المجتمع المدني، وهو كذلك مناسبة لرفع درجة الوعي بهذا الداء وخطورته رغم تقدم العلم وأدوات التشخيص والأدوية الفعالة. واعتبرت أن مرضى الصرع يمكنهم أن يعيشوا حياة طبيعية مع بعض الاحتياطات، وأن يمارسوا هواياتهم وأنشطتهم ويدرسوا ويتفوقوا ويخوضوا غمار الحياة العملية بكل ثقة ونجاح"، وفق تعبيرها. وتابعت قولها: "التاريخ يثبت هذا، فهناك فلاسفة ومفكرين عمالقة من قبيل سقراط ونوبل كانوا من المصابين بهذا المرض، لكنهم لم يستسلموا وأثروا البشرية بإنجازات عظيمة، وهذا يعطي الحق للمريض بأن يحظى بحياة اجتماعية هادفة وفاعلة وإيجابية".